استقرت أسعار النفط الخام في ختام الأسبوع الماضي، بينما انخفضت نسبيا في آخر تعاملات الأسبوع بعد تنامي تعداد إصابات فيروس كورونا بوتيرة سريعة في عديد من دول العالم ما جدد المخاوف على الطلب العالمي على النفط الخام، بينما اتفق تحالف المنتجين في "أوبك +" على تخفيف قيود الخفض ابتداء من آب (أغسطس) المقبل لتهبط التخفيضات من مستوى 9.7 مليون برميل يوميا إلى 7.7 مليون برميل يوميا. وتراجعت أنشطة الحفر الأمريكية إلى أدنى مستوى قياسي للأسبوع الـ11 على التوالي ويواجه عديد من الاقتصادات الدولية مخاطر الإغلاق مجددا ما يهدد المكاسب التي حققها الطلب العالمي منذ نيسان (أبريل) الماضي والتي تجاوزت 30 في المائة. وفي هذا الإطار، أكدت وكالة بلاتس الدولية للمعلومات النفطية تراجع أسعار العقود الآجلة للنفط بسبب ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا ونتيجة دورها في تعزيز مخاوف نمو الطلب حيث من المقرر أن يرتفع الإنتاج العالمي من النفط الخام بعد قرار "أوبك +" تخفيف قيود خفض الإنتاج. ولفت تقرير حديث للوكالة إلى أن الولايات المتحدة سجلت أكثر من 77 ألف إصابة بالفيروس في يوم واحد وهو رقم قياسي، مشيرا إلى أنه وفقا لمركز موارد الفيروسات كورونافا في جامعة جونز هوبكنز فإن تأثير الطفرة في الحالات الجديدة من الإصابات في الطلب على النفط غير واضح بشكل دقيق حتى الآن. وأشار إلى تراجع بعض الولايات بما في ذلك تكساس وكاليفورنيا عن خطط إعادة فتحها في محاولة لإبطاء سرعة انتشار الوباء، موضحا أن النقطة الساخنة للفيروس تتمثل في فلوريدا ولكن لم تظهر أي علامات على فرض عمليات إغلاق جديدة. ونوه إلى أنه لا يزال وضع الفيروس سيئا في الولايات المتحدة ولكن لا يبدو أن عودة عمليات الإغلاق القاسية لمواجهة الجائحة ستحدث بالفعل، مشيرا إلى أن سعر خام غرب تكساس الوسيط سيستمر في التماسك حتى تظهر صورة أوضح لتوقعات الطلب. وذكر التقرير أنه وسط توقعات الطلب غير المؤكدة يدرس السوق أيضا تأثير ارتفاع إنتاج "أوبك" حيث أكدت مجموعة "أوبك +" في اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة في 15 تموز (يوليو) الجاري أنها ستبدأ في تقليص تخفيضات الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا من آب (أغسطس) إلى كانون الأول (ديسمبر) المقبلين لكن الإفراط في التعويض من قبل المتقاعسين السابقين يعني أنه من المتوقع أن يرتفع حجم الخفض بنحو نحو 1.1 مليون برميل يوميا – بحسب بعض التقارير والدراسات الدولية. وأشار إلى سعى مسؤولي "أوبك +" إلى طمأنة الأسواق بأن تخفيف حصص خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا لن يولد سيلا من الإمدادات النفطية الإضافية في السوق حيث يتوقعون أن يستهلكوا كثيرا من الإنتاج المتزايد في الأسواق المحلية بسبب ارتفاع الاستهلاك في فصل الصيف. ونوه التقرير إلى حث وزارة الطاقة الروسية منتجي النفط على إرسال كميات إضافية إلى مصافي التكرير المحلية مع تخفيف قيود الإنتاج بموجب اتفاق "أوبك +" ابتداء من آب (أغسطس) المقبل. ومن جانب آخر، أكد تقرير حديث لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، أن حالة من الاستقرار التدريجي النسبي تحدث في السوق منذ اتفاق نيسان (أبريل) الماضي بين دول "أوبك" وخارجها لتقليص الإمدادات وتقييد الإنتاج، لافتا إلى تطور هذا المسار إيجابيا عقب المؤتمر الوزاري رقم 179 لمنظمة أوبك والاجتماع الوزاري الـ11 لـ"أوبك" وغير الأعضاء في "أوبك" في حزيران (يونيو) الماضي. وأشارت "أوبك" إلى أن قرارات المنتجين كانت مستنيرة ومؤثرة بشكل جيد وقدمت تطمينات للسوق بأن مجموعة "أوبك +" استباقية وتتفاعل بشكل جيد تماما مع أساسيات سوق النفط المتطورة باستمرار. ولفت التقرير– الذي ركز على نتائج اجتماعات لجنة المراقبة الوزارية الأسبوع الماضي، إلى أن مجموعة "أوبك +" تتسم باليقظة المستمرة وعلاج أي قصور في الأداء وتحقيق الامتثال الكامل لخطط خفض الإنتاج في تموز (يوليو) وآب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) إضافة إلى تعديل الإنتاج المتفق عليه بالفعل لتلك الأشهر. وأوضح أن إعلان التعاون بين دول "أوبك +" يركز على تحقيق مفاهيم العدالة والإنصاف واتخاذ القرارات في الوقت المناسب كما يعطي راحة للسوق من خلال التركيز بشكل كامل على تحقيق أهداف المجموعة في تسريع عملية إعادة التوازن للسوق. وذكر التقرير أن ورشة العمل الفنية التي عقدت الأسبوع الماضي كانت إيجابية للغاية وركزت على دور البيانات الدقيقة وتطوير الاعتماد على المصادر الثانوية حيث وفرت منصة ميسرة لتوضيح كيفية جمع البيانات ومعالجة إحصائيات الإنتاج الخاصة بها. وأشار إلى أن جميع الدول الـ23 المشاركة في إعلان التعاون كانت مشاركة في ورشة العمل الخاصة بتحديث البيانات، معتبرا أن هذا الاجتماع الفني الناجح للغاية سيصبح سمة منتظمة في جدول أعمال المنتجين في مجموعة "أوبك +" وهو ما يضمن استمرار الشفافية والانفتاح في خطة عمل إعلان التعاون بين المنتجين. ولفت إلى أن جميع المنتجين يدعمون تحقيق الامتثال والمطابقة الشهرية 100 في المائة، موضحا أنه بالنظر إلى المستقبل يحتاج كل منا الآن إلى مضاعفة القرارات التي تتخذ بالإجماع وتنفيذ الخطط الموضوعة بالكامل للأشهر المقبلة وتعزيز التزام "أوبك +" بسوق متوازنة ومستقرة. وأضاف أن هناك حاجة إلى تذكر أن القوة والتعاون والنتائج الإيجابية تأتي فقط من خلال الجهد والنضال المتواصلين من كل مشارك في إعلان التعاون، مشيرا إلى انتعاش الطلب على النفط من أدنى مستوياته التي شهدت انخفاضا يوميا بأكثر من 20 مليون برميل في نيسان (أبريل) الماضي ولكن لا يزال من المتوقع أن يشهد انخفاضا سنويا قدره 8.9 مليون برميل يوميا لعام 2020 بالكامل. ونبه إلى أنه في العام المقبل ستحدث حالة تعويض جزئي لمستويات الطلب المفقود ولكن لن يصل الطلب إلى مستويات ما قبل الأزمة عند 100 مليون برميل في اليوم قريبا، إذ إنه من منظور المؤشر الحيوي للمخزونات النفطية في أيار (مايو) الماضي شهدنا ارتفاعا في مستوى المخزونات النفطية التجارية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 29 مليون برميل يوميا، وبالنسبة لأشهر آذار (مارس) ونيسان (أبريل) وأيار (مايو) مجتمعة كان إجمالي بناء المخزونات بنحو 270 مليون برميل يوميا. وأضاف التقرير أن بناء المخزونات كان يمكن أن يكون بوتيرة أعلى بكثير إذا لم تكن هناك تعديلات على إنتاج مجموعة "أوبك +" ربما أكثر من مليار برميل، لافتا إلى أننا بحاجة إلى التركيز بشكل كامل على خفض تراكم المخزون الواسع الذي حدث في الأشهر الأخيرة، مشيرا إلى أن هذا أمر حيوي لعملية إعادة التوازن كما أنه أمر حيوي للمساعدة على إعادة الاستقرار المستدام إلى السوق. وذكر أن المنتجين لديهم إطار متين للعمل يجب اتباعه وتنفذه "أوبك" خطوة بخطوة ومع ذلك يجب أن يظل الجميع يقظين لأن المنتجين يواجهون شكوكا كبيرة في السوق في الأشهر المقبلة. ونقل التقرير عن محمد باركيندو الأمين العام لـ"أوبك" أنه أحيط علما من اللجنة الفنية بالتحسن المهم في مستوى المطابقة في حزيران (يونيو) الماضي، موضحا أن هذا التحسن هو علامة على أن كل دولة مشاركة تدرك أن تحقيق التوافق التام ليس فقط عادلا ومنصفا ولكنه حيوي لجهود إعادة التوازن المستمرة. وأشار إلى أنه علاوة على ذلك اكتسب الأداء المهم في مستوى التوافق العام في أيار (مايو) وحزيران (يونيو) اعترافا واسعا داخل مجتمع الطاقة وسوق النفط على وجه الخصوص ومع ذلك لا يزال هناك مجال للتحسين وضمان التوافق التام من قبل كل دولة مشاركة. ولفت إلى تأكيد باركيندو أن الأمانة العامة للمنظمة تكثف تواصلها مع منتجي النفط الرئيسين الآخرين خارج "أوبك +" وكذلك مع المستهلكين للحفاظ على قنوات التواصل مفتوحة لمصلحة ازدهار الصناعة، بسبب الاتصالات الناجحة التي أجرتها "أوبك" أخيرا مع وزيري الطاقة في البرازيل والأرجنتين والمشاركة في لقاءات إفريقية لمناقشة آثار الجائحة في القارة السمراء إلى جانب لقاءات أخرى بالتنسيق والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة. ونوه التقرير إلى أن الجهود الحالية لا يستفيد منها فقط دول إعلان "أوبك +" وحدها ولكن كل شعوب العالم التي تتطلع إلى الوصول إلى سوق متوازنة وتحقيق استقرار مستدام، موضحا أن هذا هو السبب في أن جميع المنتجين يواصلون العمل الدؤوب للتغلب على التحديات. من ناحية أخرى، وفيما يخص أسعار النفط في ختام الأسبوع الماضي، تراجعت أسعار النفط يوم أمس الأول، إذ يضعف الطلب على الوقود بفعل المخاوف بشأن تزايد الإصابات بفيروس كورونا، في حين تستعد كبرى الدول المنتجة للخام لزيادة الإنتاج. وأعلنت الولايات المتحدة الخميس الماضي، ما لا يقل عن 75 ألف حالة إصابة جديدة بكوفيد - 19، وهو رقم يومي قياسي. وأعلنت إسبانيا وأستراليا أكبر قفزة يومية في الحالات لديهما في أكثر من شهرين، وواصلت الحالات الارتفاع في الهند والبرازيل. وسجل الطلب على الوقود تعافيا كبيرا من هبوط 30 في المائة، في نيسان (أبريل) الماضي، بعد أن قيدت الدول حول العالم التحركات وأوقفت أنشطة الأعمال، لكن الاستهلاك لا يزال دون مستويات ما قبل الجائحة وتعود مشتريات الوقود إلى الانخفاض مع تزايد الإصابات. وجرت تسوية العقود الآجلة لخام برنت بتراجع 23 سنتا عند 43.14 دولار للبرميل. وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 16 سنتا إلى 40.59 دولار. ولم يطرأ تغير يذكر على كلا الخامين عن الأسبوع الماضي. وانخفض الخامان القياسيان 1 في المائة، الخميس الماضي بعد أن اتفقت منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، فيما يعرف باسم "أوبك +"، على تقليص تخفيضات الإمدادات البالغة 9.7 مليون برميل يوميا التي طبقت في وقت سابق من العام الجاري بواقع مليوني برميل يوميا ابتداء من آب (أغسطس) المقبل. وبحسب بيانات من شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، قلصت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط والغاز الطبيعي العاملة إلى أدنى مستوى منخفض قياسي للأسبوع الـ11 على التوالي. وقال محللون لدى "ريموند جيمس" إن نشاط الحفارات الأمريكية سيعاود الارتفاع بعد اقترابه من 250 حفارا أو ربما بعد المستويات الحالية، متوقعين أن يبلغ متوسط عدد الحفارات 270 في النصف الثاني من 2020.
مشاركة :