يشرع آلاف المسلمين في رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران إلى كل ما يقربهم من رضا الرحمن ويرفع من رصيد حسناتهم عند رب العباد، فيحرص الكثير منهم على الاعتكاف بداخل الجوامع والمساجد التي يزيد عددها في المملكة عن 94.300 مسجد وجامع موزعة على جميع مناطق المملكة مبتغين مرضاة الله، آمنين مطمئنين متقربين لله بكل أوجه العبادة والاستغفار، غير آبهين ببعض التصرفات الرعناء التي تسعى اليها جماعة «داعش» لترويع الآمنين وبث الخوف في قلوب المسلمين من كل ما يقربهم لله عز وجل. واعتمد وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، تطبيق نظام الحراسة الأمنية المدنية الخاصة، والصادر بالمرسوم الملكي رقم م/24، واعتبار ذلك ضمن الشروط والمواصفات للمشروعات الجديدة لبناء المساجد يلزم بها المقاولون أو المتبرعون، حيث تم التعميم بذلك على فروع الوزارة. وصدر توجيه بتشكيل لجنة لدراسة الموضوع من جانب المساجد القائمة، وهي في مراحلها النهائية، على أن ترفع نتائجها للوزير لاتخاذ ما يراه مناسبًا وفق ما أعلنته الوزارة -في وقت سابق- وتأتي هذه الإجراءات، من واقع مسؤولية وزارة الشؤون الإسلامية التي تحرص كل الحرص على خدمة وحماية بيوت الله ومرتاديها، وذلك في أعقاب الحوادث الإرهابية التي وقعت مؤخرا وانتهكت حرمة دماء المسلمين، وحرمة بيوت الله وراح ضحيته عدد من الأبرياء، ونسقت وزارة الشؤون الإسلامية مع أجهزة الأمن لتوفير الحماية للمصلين في أكثر من 94 ألف مسجد وجامع في مناطق المملكة كافة، فيما أكد المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي -في وقت سابق- إلى أن الترتيب يتم بين وزارة الشؤون الإسلامية والأمن العام لحماية بيوت الله من أيدي العابثين. عيون الأمن ساهرة لحماية 94 ألف مسجد وجامع.. ونظام للحراسة قريباً كما شددت وزارة الشؤون الإسلامية على أئمة الجوامع والمساجد على عدم الإخلال بتطبيق ضوابط وتعليمات الاعتكاف في المساجد خلال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، ووجهت الوزارة فروعها في مختلف مناطق ومحافظات المملكة على أهمية الالتزام بالتعليمات الصادرة في هذا الشأن لضمان عدم وجود ما ينافي الاعتكاف والشروط الشرعية له، وقد دعت أئمة المساجد معرفة هوية الراغبين في الاعتكاف، ووضع سجل معلومات عنهم، ونسخة من الهوية الوطنية للسعوديين إلى جانب موافقة الكفيل المعتمدة للمقيمين من غير السعوديين، وأكدت الوزارة تحمل إمام المسجد المسؤولية في الإشراف والمتابعة للمعتكفين وتهيئة أماكن الاعتكاف لتيسير تطبيق السنة والمحافظة على بيوت الله من العبث والامتهان. «الرياض» رصدت العديد من إجراءات الحماية الأمنية من جهات الاختصاص بالوزارة والقطاعات الأمنية الأمر الذي يوفر للمعتكفين الأمن والسلامة والحماية للحفاظ عليهم وعلى بيوت الله من أيدي العابثين بأمن الوطن، واستطلعت آراء عدد من المعتكفين والمعتكفات في كل عام لرصد أبرز الأمور الإيجابية والسلبية وما يحتاجه المعتكفون. اعتكاف نسائي بداية قالت المعتكفة منذ أكثر من عشرة أعوام -زينب اليعقوب- أحرص مع ولدي وشقيقتي على الاعتكاف الجزئي سنويا طيلة العشرة الأواخر وذلك من قبل صلاة الظهر حتى مابعد صلاة الفجر ونعود للمنزل للنوم، نحرص على المكوث في المسجد، واعتزال المحيط الخارجي، وإغلاق هواتفنا النقالة، وقضاء الوقت في الصلاة والاستغفار وقراءة القرآن والاستماع إلى الدروس الدينية التي تقوم بها بعض الداعيات في الجامع، مؤكدة أنها تحرص على هذا الوقت أشد الحرص، ففيه تتقرب إلى الله وتجتهد في الدعاء لتختم شهره الفضيل بعبادة وطاعة وتوبة، معتقدة أن الأقسام النسائية في الجوامع لازال ينقصها التوعية الكافية في كيفية الاعتكاف، ومايجب وما لايجب، فالبعض يعتقد أن الاعتكاف هو الجلوس في المسجد وجلب التسالي والهواتف النقالة والصديقات ليصبح المكان أشبه بمجلس للصديقات وهذا لايصح، فالدين دين وسطية لا إفراط فيه ولا تفريط، وينبغي أن يكون هناك وعي، وأنه يحق للمرأة الاعتكاف ولكن بشروط. جهود أمنية ووافقتها الرأي شقيقتها -أبرار اليعقوب- وقالت: أرى بأنه يجب أن تطور خدمات التوعية بأهمية الاعتكاف وشروطه؛ وذلك من خلال استخدام التقنية عبر بوابة خاصة بوزارة الشؤون الإسلامية تلزم كل معتكف بتقديم بياناته، والاطلاع على شروط الاعتكاف، والارشادات التي يجب أن يتبعها، على أن تكون بعدة لغات؛ ليستفيد منها الجميع، ورأت أنه يجب أن تحدد الجوامع التي يسمح بها الاعتكاف خاصة في ظل هذه الظروف التي نمر بها والتهديدات التي تطال المساجد من المنظمات الإرهابية الضالة كداعش، مشيدة بدور الجهات الأمنية ومايقدمونه لخدمة زوار بيوت الله من مصلين ومعتكفين الأمر الذي يجعل رواد بيت الله مطمئنين ومؤدين عبادتهم بخشوع. قصور في الفهم وقال الشاب المعتكف -عبدالرحمن الأسمري-: شرع الاعتكاف للتفرغ للعبادة، والانقطاع عن العوائق والشواغل والحرف والأعمال الدنيوية والشهوات والملهيات، والنظر إلى زهرة الدنيا وزينتها، والإقبال بالكلية على الله تعالى؛ بحيث ينشغل بالقربات وقد فرغ قلبه من هموم الدنيا وغمومها وأحزانها، واهتم بالطاعات والانكباب على فعل الحسنات، والبعد عن السيئات وعن مخالطة عامة الناس مما يصد بالقلب والقالب عن عبادة الرب سبحانه، فالمعتكف من عكف قلبه على عبادة ربه وانقطع عن الدنيا وأهلها، فهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية لهذه الأمة، ولا يكون إلا في المساجد ليحافظ على الجمعات والجماعة، فإن كل خلوة تقطع عن صلاة الجماعة معصية وذنب كبير ولو كان منشغلا بالقربات، ولكن للأسف مساجدنا وجوامعنا لا تساعد جميعها على تحقيق ذلك الأمر. موضحا أن هناك قصورا حادا لدى الكثير في أمور وشروط الاعتكاف وماينبغي فعله وما لا ينبغي، فنجد الكثير من الأشخاص وخاصة الشباب يتفقون على الاعتكاف وتغريهم التجمعات الشبابية والحكاوي عن الهدف الأساسي من الاعتكاف، فيصبح الحال كما لو لم يكن معتكفا، إلى جانب كثرة النوم من قبل بعض المعتكفين الذين يعتقدون أن الهدف من الاعتكاف هو البقاء داخل المسجد فقط، فيقضون معظم الوقت وهم نيام، ورأى الأسمري أنه يجب تحديد الجوامع التي تسمح بوجود المعتكفين والمعتكفات لتستطيع الجهات الأمنية تركيز جهودها على هذه الجوامع وحمايتها، إلى جانب تخصيص موظفين للرقابة على المساجد والجوامع لمتابعة المكان ورصد سلوكيات المعتكفين وإرشادهم وتوجيههم والوقوف على الإيجابيات والسلبيات التي قد تقع. ممارسات سلبية من جهة أخرى اعتبر إمام أحد الجوامع في الرياض -فضل عدم ذكر اسمه- أن الكثير من المصلين والمعتكفين ينقصهم الوعي بأهمية نظافة المكان التي تعد جزءا مهما من العبادات، إلى جانب رفع الوعي لديهم بضرورة تجنب العادات السيئة، وكثرة النوم، وبعض الممارسات كجلب التسالي والألعاب لقضاء الوقت، إلى جانب النوم وحجز الأماكن ورفع الصوت وتضييق على من يريد الصلاة، كما أنه من الواجب على إمام المسجد وضع برنامج للمعتكفين كأن يضع القائمون عليه تصورًا شاملاً لما يرجون أن يكون عليه الاعتكاف، مثل: وضع برنامج واضح ومحدد له، وتحديد مكان الاعتكاف بالمسجد، وتجهيز هذا المكان ليكون صالحًا لإقامة المعتكفين ومن الضروريّ أيضًا وضع ميزانية متوقعة لهذا الاعتكاف، ووضع تصور لكيفية تدبير هذه الميزانية، وكذلك أمور الطعام والشراب، وغير ذلك من التفاصيل التي يحتاجها الاعتكاف. الجهود الرقابية وفي ذات السياق أكد على المجهودات الأمنية والرقابية التي تقوم عليها خمس قطاعات أمنية تتبع لوزارة الداخلية إلى جانب دور وزارة الشؤون الإسلامية في رقابة المكان ومتابعة المساجد وأئمة المساجد والبرامج التي توضع للمعتكفين، موضحا أن الجهود تتضافر من قبل جميع جهات الاختصاص لإنجاح هذا الموسم ولمساعدة المسلمين من كل الجنسيات لأداء عبادتهم آمنين مطمئنين.
مشاركة :