السلطان هيثم يمنح الشركات العامة فرصة أخيرة لتصحيح أوضاعها | | صحيفة العرب

  • 7/20/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

مسقط – أعلن جهاز الاستثمار العُماني عن إعادة تشكيل مجالس إدارة 15 شركة يشرف عليها الجهاز في إطار المراجعة الشاملة للشركات المملوكة للدولة، في خطوة اعتبرها مراقبون فرصة أخيرة أمام هذه الشركات لإثبات جدواها الاقتصادية، وضمن مسعى سلطان عمان هيثم بن طارق لإجراء مراجعة شاملة لجهاز الإدارة في الدولة. وذكر البيان الصادر عن الجهاز أنه “وفقا لمعايير محددة تشمل الأوضاع التشغيلية لهذه الشركات والقطاعات العاملة بها، وضمان تحقيق المشاركة المجتمعية، فقد تم تعيين 79 من أصحاب الخبرة والاختصاص في مجالات مختلفة في القطاعين الحكومي والخاص، لتمثيل الجهاز كرؤساء وأعضاء جدد لمجالس إدارة الشركات التابعة له”. وقال مراقب عماني إن السلطان هيثم “يواصل ثورته الإدارية للقضاء على الترهل في الجهاز الحكومي”، مضيفا أن الشركات الحكومية المعنية والتي أُحِيلَت مسؤوليتها بالكامل إلى جهاز الاستثمار الذي تم تشكيله مؤخرا “كانت نقطة تسريب للميزانيات التشغيلية والتنموية على مدى عقود لأنها كانت إداريا تقع بين مواصفات القطاع الخاص والإدارات الحكومية التقليدية، مما جعل من الصعب فرض رقابة مباشرة على أدائها”. وأضاف المراقب في تصريح لـ”العرب” بشرط عدم ذكر اسمه “تغيير مجالس الإدارة هو الفرصة الأخيرة لهذا القطاع الاستثماري، وخصوصا أن جهاز الاستثمار أعلن عن استعداده للاستغناء عن بعض الشركات الحكومية، مما يدل على ’ضوء سلطاني أخضر‘ يشير إلى أن الدولة ليست بصدد تحويل مواردها لخدمة مشاريع لم تثبت جدواها أو واقعة في دائرة الفساد”. ويتسلح السلطان هيثم في “ثورته الإدارية” بمبررات تراجع أسعار النفط وارتفاع المديونية العامة وتداعيات وباء كورونا، بالإضافة إلى وصوله إلى رأس السلطة في عمان مطلع العام الجاري مما يمنحه فرصة العمل على إجراء تغييرات أساسية في هيكل الدولة العمانية الذي ظل يعاني من الجمود خلال سنوات حكم السلطان الراحل قابوس. 15 شركة عمانية مرتبطة بجهاز الاستثمار أعيد تشكيل مجالس إدارتها في مراجعة شاملة لشركات الدولة وكانت وزارة المالية قد أصدرت توجيهات إلى جميع المؤسسات والشركات الحكومية بترشيد الإنفاق التشغيلي والاستثماري بما لا يقل عن نسبة عشرة في المئة خلال العام الحالي، مطالبة ببذل قصارى الجهد لتحقيق تخفيض في الإنفاق الفعلي بأقصى نسبة ممكنة، وأن تشمل المراجعة رواتب الموظفين وامتيازاتهم. واستعد جهاز الاستثمار الجديد مطلع الشهر الجاري للقرارات القاضية بالتغيير، وأَلْمح مسؤول كبير في الجهاز إلى أن “هناك شركات آن الأوان لأن نتخلى عنها”. وقال الشيخ ناصر بن سليمان الحارثي مدير عام استثمارات التنويع الاقتصادي في الجهاز “العمل في المرحلة القادمة سيقوم على مراجعة دور هذه الشركات ومهامها ونتأكد من أن هذه الأدوار تتماشى مع إستراتيجيات الحكومة”. وأضاف لبرنامج المنتدى الأسبوعي الاقتصادي الذي تبثه إذاعة سلطنة عمان “سنتأكد من أن هذه الشركة أو تلك تؤدي الدور المطلوب منها، وسنعمل كذلك على تقييم الشركات وإمكانية التخارج ليس بالإدراج في السوق فقط فقد يكون من خلال الطرح أو من خلال البحث عن شريك إستراتيجي لتحسين الخدمة أو من خلال التصفية”. وأشار بيان المجلس إلى أن مجالس الإدارة ستعمل “وفق إجراءات وضوابط حوكمة وأجندة وطنية يشرف عليها الجهاز”. وفرض السلطان هيثم إجراءات واسعة على جهاز الدولة وأمر وزارة المالية بتقليص الإنفاق الحكومي والبحث عن واردات جديدة تدعم الميزانية العامة، ووجه الوزارات بإجراءات تعزز الشفافية الحكومية والمحاسبة. وينظر العمانيون إلى هذه الإجراءات على أنها خطوة مهمة في الإصلاح وتلقى ترحيبا لدى قطاع شعبي واسع وخصوصا الشباب. ويرى مراقبون للشأن العماني أن الإجراءات التي تطال الشركات الحكومية هي جس نبض لمعرفة مدى استجابة الدولة لإجراءات التقشف والشفافية ورفع الكفاءة. ويسمح للجهاز الجديد، بتملك جميع الأصول العامة باستثناء شركة تنمية نفط عمان وحصص الحكومة في مؤسسات دولية. وحسب آخر تقرير لمعهد صناديق الثروة السيادية العالمية تملك عمان صندوقين سياديين، هما صندوق الاحتياطي العام بأصول 14.28 مليار دولار، إضافة إلى صندوق عمان للاستثمار بأصول 3.34 مليار دولار. وتأثرت المالية العامة للسلطنة، جراء الضربة المزدوجة لتفشي كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط رغم أن عمان منتج صغير للنفط بحجم إنتاج لا يتجاوز مليون برميل يوميا. وتمتلك عُمان، مثل جميع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأخرى، مجتمعا شابا تتزايد نسبة الشباب فيه بشكل ملحوظ (متوسط ​​العمر 30.6 سنة). ويدخل حوالي خمسين ألف عماني شاب مجال القوى العاملة كل عام. وتم تصميم إستراتيجية “رؤية 2040″، التي تم الكشف عنها في عام 2018، لتمكين وتنويع القطاع الخاص وبالتالي خلق فرص عمل للشباب مع تخفيض فاتورة أجور القطاع العام الباهظة في الوقت نفسه. ويتمتع السلطان هيثم بخبرة إدارية واقتصادية، وينظر إلى الأزمة الراهنة على أنها خلفية كافية لإعادة مسار الاقتصاد العماني بعيدا عن أي ترهل إداري ومالي أشار إليه في أول خطاباته الموجهة للعمانيين بعد توليه الحكم خلفا لابن عمه السلطان قابوس. واستغل السلطان هيثم الصدمة المزدوجة من فايروس كورونا وانهيار أسعار النفط ليوصل إلى العمانيين رسائله التي يفيد مضمونها بأن وقت التغيير قد حان، وأن الأمر يتطلب المزيد من التقشف لتطويق مخلفات فترة الرخاء وتضخم الإنفاق في القطاع الحكومي. وقدّم مثالا التضحيةَ عن طريق خفض ميزانية أسرته الخاصة. ويتابع السلطان هيثم بشكل يومي عمل وزارة المالية التي تقوم بترشيد النفقات وإحكام التصرف في الميزانية وتسعى لتحسين كفاءة الإدارة الحكومية، وإصلاح معاشات الخدمة المدنية وشروط هذه الخدمة.

مشاركة :