كورونا وأسعار النفط فرصة للسلطان هيثم للقيام بإصلاحات طال انتظارها | | صحيفة العرب

  • 5/21/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قال خبراء في الشأن العماني إن الأزمة المالية المصاحبة لتداعيات تراجع أسعار النفط وانتشار وباء كورونا توفر لسلطان عمان هيثم بن طارق فرصة كبيرة لإجراء إصلاحات اقتصادية طال انتظارها. وأشاروا إلى أن السلطان هيثم الذي يتمتع بخبرة إدارية واقتصادية ينظر إلى الأزمة الراهنة على أنها خلفية كافية لإعادة مسار الاقتصاد العماني بعيدا عن أي ترهل إداري ومالي أشار إليه في أول خطاباته الموجهة للعمانيين بعد توليه الحكم خلفا لابن عمه السلطان قابوس. واستغل السلطان هيثم الصدمات المزدوجة لفايروس كورونا وانهيار أسعار النفط ليوصل إلى العمانيين رسائله التي يفيد مضمونها بأن وقت التغيير قد حان، وأن الأمر يتطلب المزيد من التقشف لتطويق مخلفات فترة الرخاء وتضخم الإنفاق في القطاع الحكومي. وقدّم مثالا على التضحية عن طريق خفض ميزانية أسرته الخاصة. ويرى مراقبون أن السلطان يتابع بشكل يومي عمل وزارة المالية التي تقوم بترشيد النفقات وإحكام التصرف في الميزانية وتسعى لتحسين كفاءة الإدارة الحكومية، وإصلاح معاشات الخدمة المدنية وشروط هذه الخدمة. وكانت وزارة المالية قد أصدرت توجيهات إلى جميع المؤسسات والشركات الحكومية بترشيد الإنفاق التشغيلي والاستثماري بما لا يقل عن نسبة عشرة في المئة خلال العام الحالي، مطالبة ببذل قصارى الجهد لتحقيق تخفيض في الإنفاق الفعلي بأقصى نسبة ممكنة، وأن تشمل المراجعة رواتب الموظفين وامتيازاتهم. ويعمل السلطان هيثم منذ تسلمه العرش في 10 يناير 2020 على إجراء إصلاحات اقتصادية قوية وشاملة، ومحاربة الفساد والتبذير والإنفاق الحكومي غير المدروس، بهدف تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية على العمانيين، التي يعتقد أنها ستكون أكثر ضغطا وتأثيرا في ظل تراجع عائدات النفط. واصطدمت هذه الإجراءات، التي يجري الإعداد لتنفيذها على مراحل، بمخلفات وباء كورونا وتهاوي أسعار النفط، في الوقت الذي تواجه فيه وزارة المالية العمانية مهمة ضخمة في جمع التمويل الضروري للبقاء على قيد الحياة، لاسيما مع تلقيها تصنيفات الديون التي وضعتها في موقف صعب. 16.3 بالمئة نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في عمان عام 2019 وقال خبير في الشأن العماني لنشرة “عرب دايجيست” إن الاقتصاد العماني يدفع ضريبة تهاون المسؤولين خلال السنوات الأخيرة في الاستجابة لنصائح المؤسسات المالية الدولية والخبراء الاقتصاديين بضرورة إجراء إصلاحات عاجلة. واعتاد الاقتصاديون الذين يراقبون عمان منذ انهيار أسعار النفط في عام 2016 على إصدار تحذيرات شديدة من الانهيار الوشيك، في وقت كان فيه السلطان الراحل قابوس بن سعيد مريضًا، ولم يكن أحد من المسؤولين قادرا على المبادرة باتخاذ قرارات قد لا تحظى بشعبية في الشارع. وهكذا ظلت الإصلاحات الاقتصادية التي صاغها تكنوقراط مكتوبة فقط على الورق، وتمت إقالة دعاة الانضباط المالي القوي (مثل حاتم الشنفري عضو مجلس محافظي البنك العماني) من مناصبهم العليا مثل عضوية مجلس إدارة البنك المركزي. وتقول مؤسسات مالية عالمية إن الحكومة العمانية تأخرت في تنفيذ الإصلاحات التي تعهدت بها بسبب تضخم التوظيف والإنفاق الحكومي. وتمت طمأنة ممثلي صندوق النقد الدولي في زياراتهم السنوية إلى مسقط بتأكيدات متكررة من المسؤولين تقرّ بأن التغييرات الضرورية، مثل إدخال ضريبة القيمة المضافة، كانت وشيكة. ولم تعترف بالواقع المتأخر سوى شركات التصنيف، حيث منحت مؤسسات مثل “موديز” و”ستاندرد آند بورز” و”فيتش” عمان تصنيفات ائتمانية غير مرغوب فيها بحلول مارس 2019. وكانت النتيجة هي أنه في فترة الوفرة تجاوز الإنفاق الحكومي باستمرار مخصصات الميزانية، بمعدّل 5 في المئة سنويا، ولم يتم تحقيق أهداف مدخرات متواضعة، كما فشل القطاع غير النفطي في النمو بالسرعة المطلوبة من أجل الاستعداد للانخفاضات المستقبلية في عائدات إنتاج النفط والغاز. ولم ينخفض العجز المالي، مدعوما بارتفاع أسعار النفط، إلا بشكل هامشي، من 5.3 مليار ريال عماني في عام 2016 إلى 2.6 مليار ريال عماني في عام 2019. ولو تم اتخاذ الإجراء اللازم لكان من الممكن القضاء على العجز وخفض الدين الوطني بحيث تكون البلاد مستعدة للتعامل مع أزمة مستقبلية. واختار العديد من المسؤولين من أصحاب الميزانيات، والذين كانوا على علم بأنهم سيواجهون التقشف وأن الوقت الأصعب كان بانتظارهم، أن ينفقوا الأموال دون حساب حالما أُتيحت لهم الفرصة، وبالتالي ظهرت علامات هذا التبذير والاحتيال المالي في مناطق الريف العماني، منها مباني الشرطة غير الضرورية والفخمة التي تقف فارغة لأنه لم تكن هناك حاجة إليها. من خلال كل هذا، أبحرت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في سلطنة عمان صعودًا أكثر من أي وقت مضى، حيث ارتفعت من 5 في المئة عام 2013 إلى 61.3 في المئة عام 2019. وهنا تظهر الأسئلة الرئيسية، إلى جانب ما إذا كان بوسع عمان اجتياز الغضب الاجتماعي الحتمي الذي سيولده خفض الإنفاق الحكومي، وهي: ما مقدار التمويل المطلوب الذي يمكن جمعه من المؤسسات، وخاصة من أسواق السندات والصكوك الدولية؟ ومن ثَم من أي حكومات؟ وبأي ثمن سياسي يمكن تجميع الباقي؟

مشاركة :