الحديث عن تسوية الخلافات بين إيران والسعودية يُراد منه التغطية على سلسلة الاعتداءات التي تعرضت لها السعودية من قبل إيران. في ذلك المجال يمكن التركيز على أن ملف ضرب المنشآت النفطية السعودية لا يزال مفتوحا على طاولة مجلس الأمن في انتظار اتخاذ القرار المناسب. ولن يكون ذلك القرار كما هو متوقع بأقل من إدانة دولية وفرض تعويضات سيكون على إيران أن تدفعها مقابل ما أحدثه عدوانها من خسائر مادية. إذا قلنا إنه ليس هناك خلاف بين الطرفين فذلك القول لا يعبر إلا عن نصف الحقيقة. أما النصف الثاني فيحتويه قولنا إن ذلك الخلاف يقوم على عدوان طرف على طرف آخر. الطرف المعتدي صار معروفا فالسعودية لم تقم بأي فعل عدواني ضد إيران. ناهيك عن أن السعودية لم ترد على الاعتداءات الإيرانية بمثلها بل اختارت أن تسلك الطرق القانونية في مواجهة العدوان الإيراني المستمر. لا ترغب السعودية بأكثر من أن ترى إيران دولة جارة مكتفية بعلاقاتها الطيبة مع العالم الخارجي، يُعنى نظامها بشؤونها الداخلية من غير أن تضع نفسها في الموقع الذي يدفعها إلى إلحاق الضرر بالآخرين في نظرتها إلى إيران تتبنى السعودية سياقا قانونيا يفرض على إيران عدم التدخل في شؤون الدول المجاورة لها واحترام سيادتها. وجهة النظر تلك التي تعبر عن سياسة دولية قائمة لا تعد تدخلا في الشؤون الداخلية لإيران. وإذا كان ذلك السياق القانوني يفرض على إيران التخلي عن سياساتها التوسعية في المنطقة فإن السعودية ليست وحدها من تقول ذلك بل إنّ هناك إجماعا دوليا عليه. وما العقوبات الأميركية المفروضة على إيران إلا انعكاس له. الخطاب السياسي الإيراني يتجاهل كل تلك الحقائق ويحفر خندقا طائفيا ليس له محل من الإعراب لا في علم السياسة ولا في القانون الدولي. ذلك خطاب لا يسمح بأي مقاربة ممكنة ذلك لأنه منقطع عن الواقع ولا يقدم وجهة نظر إيجابية يمكن من خلالها التعرف على جذور وأصول المشكلة، إن كانت تلك المشكلة موجودة أصلا. يخلط الإيرانيون بين نزعتهم الطائفية والسياسة. ذلك ما أضفى على طريقتهم في التعامل مع العالم العربي مزيدا من التعقيد. وفي سياق ذلك الخطاب فإن إيران لا تملك حلولا لمشكلاتها وبالأخص المترتبة من جراء أزماتها المفتعلة مع العالم الخارجي. فحتى اللحظة لم تفهم إيران أن فكرتها عن قوتها ليست إلا أوهاما وأن لغة تلك القوة إن كانت نافعة في زمان ومكان معينين فإنها قد تكون منزلقا خطيرا نحو الهاوية إذا ما تم اعتمادها في كل الحالات. رسائل إيران إلى العالم الخارجي لا تبشر بخير. أما رغبتها في وساطة تنهي خلافاتها مع السعودية فإنها ما لم تقم بتغيير في سياساتها الخارجية فإن تلك الرغبة تظل نوعا من الدعاية المضللة التي تهدف إلى اللعب في الوقت الضائع. ذلك لأنها لن تستفيد شيئا من خدمة الوسطاء المجانية حين تجردهم من مصداقية، كان في الإمكان أن تفتح أمامها أبواب العالم لو أنها حظيت بتفاعل إيراني إيجابي. الطرف المعتدي صار معروفا فالسعودية لم تقم بأي فعل عدواني ضد إيران. ناهيك عن أن السعودية لم ترد على الاعتداءات الإيرانية بمثلها بل اختارت أن تسلك الطرق القانونية في مواجهة العدوان الإيراني سيكون ضروريا بالنسبة لإيران أن تتحرر من عقدة التفوق وتتخلص من لغة الاستعلاء لتفهم أن خلافها مع السعودية قائم على الأسس نفسها التي يقوم عليها خلافها مع العالم وإن كانت السعودية قد مثلت هدفا مباشرا لعدوانها المتكرر. فالسعودية لا تريد من إيران سوى أن تكون دولة طبيعية تلتزم حدودها السياسية وتحترم سيادة دول المنطقة ولا تتدخل في شؤونها الداخلية بحجج لا علاقة لها بالسياسة. لا ترغب السعودية بأكثر من أن ترى إيران دولة جارة مكتفية بعلاقاتها الطيبة مع العالم الخارجي، يُعنى نظامها بشؤونها الداخلية من غير أن تضع نفسها في الموقع الذي يدفعها إلى إلحاق الضرر بالآخرين. أما برامج التسلح التي ما فتئت إيران تنفق أموالها هدرا عليها فإنها شأن صار العالم يتعامل معه بمهنية واحتراف، بحيث صار واضحا للإيرانيين أن كل ما فعلوه في سابق أيامهم لن يكون له مكان في المستقبل. ذلك درس لو فهمه الإيرانيون لاكتشفوا أن علاقات طيبة بدول المنطقة ومنها السعودية سيكون لها أكبر الأثر في مشاريع التنمية والاستثمار لدول المنطقة ومنها إيران.
مشاركة :