“الهندذة … في زمن الكورونا” بقلم الكاتبة الصحفية/ جواهر الحارثي اتجهت الأنظار خلال الفترة الراهنة التي تعانق ضحايا جائحة كورونا في معظم ارجاء العالم إلى كيفية تعامل الدول والسلطات مع الأزمات والمخاطربما يضمن دعم مواقعها الاقتصادية والحضارية بين صفوف الدول المتقدمة وركزت أخرى على تسليط الضوء على العمليات والاستراتيجيات والاجراءات التي كشف عنها فيروس كورونا ستار الحاجةإلى هندرتها من جديد لاتخاذ التدابير الحاسمةعند مواجهة مثل هذه الطوارئ، ولعل مصطلح (الهندرةReengineering)الذي تم الإشارة اليه بين سطور هذا المقال هو غايته، واعتقد أنه لا يزال من المصطلحات الغامضة في مجال المعرفة المعاصرة بالرغم من أهميته بل والحاجة الماسة اليه كأحد اهم المنهجيات التي ظهرت لتحسين الأداء بشكل جذري وليس فقط للتحسين المستمروهي كلمة مشتقة من الهندسة والإدارة؛ باختصار انطلقتفكرة“الهندرة” في عام 1990م من خلال مقال نشره “مايكل هامر”أستاذعلومالكمبيوترفيمجلةهارفاردبيزنسريفيو، يتّهم فيه الإداريين ضمنياً بالتركيز على القضايا الخطأ ويطالب فيه الشركاتأنتعيدالنظرفيعملياتهامنأجلتعظيم القيمةللعملاء،ووجدت تلك الفكرة تأييداً وتفاعلًا حقيقياً من كثير من المفكرين والمهتمين آنذاك وقد تم وصفهابأنها أداةجديدةمنأجل (إعادة)تحقيقالنجاحفيعالممتغير؛ واحدثت الهندرة ثورة حقيقية في مجال الإدارة وبلغت هذه الفكرة أوجها في عام 1992مبالتحديد عندما نشر“مايكلهامر–وجيمسشامبي”كتابهماالشهير(هندرةالمنظمات) وعرفوا“الهندرة“في كتابهما بأنها (إعادةالتفكيربصورةأساسيةوإعادةالتصميمالجذريللعملياتالرئيسيةبالمنظمات لتحقيقنتائجتحسينهائلةفيمقاييسالأداءالعصرية : الخدمة والجودةوالتكلفةوسرعةإنجازالعمل). لكن ما الذي نريده من “الهندرة“في هذا المقال؟ هل كانت الحاجة لاستعراضها حاجة إدارية؟ لو كان الأمر كذلك فلقد وقفنا فعلياً مع حلول جائحة كورونا على الجهود الجبارة التي تبذلهاالدول والسلطات لمقاومة هذه الجائحة قدر الإمكان وإن تعذرت بعض الأسباب، فتظل الأمور اولاً واخيراً معلقة بتدبير خالقها عز وجل الذي جعل من فيروس صغير جداً لا يرى بالعين المجردة جائحة يقف لها العالم أجمع بل ويتوقف؛إلا ان ما شاهدناه من تميز أداء وتفاعل ليس بمستنكر على مجتمعات معاصرة للتحول الرقمي المتسارع مع هذه الجائحة وعلى وجه التحديد ما حدث في قمة 2020الافتراضية على منصة سداياSDAIA (الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي) من تشغيل أنظمة الاتصال المرئي لأول قمة عالمية افتراضية لقادة G20هي مؤشرات عينية لاستعداد المجتمعات لتنظيم عملياتها بما يتسق مع التحديات الطارئة ولعل المملكة العربية السعودية تتصدر هذا التميز الذي أشار الى قوة البنية التحتية الاتصالية فيها وكفاءة الكوادر الوطنية العالية ؛لكن الأمر في هذا المقال ينصرف الى “هندذةالذات“ولعلنانشتقهامنهندسة الذاتونطلقعليها“الهندذة“مقاربةبأصلالفكرة“الهندرة“فإذا ماتأملناوقفالحياةاليوميةوالروتينيةالتيكنانضجرمنها وأصبحت الآنمطلبأورجاءكلذاتحيةلأن تسمعضجيجالشوارعبعدموتها ونداءالمساجدبعدوقفهاوحركةصروحالعلمبعداغلاقهاليسذلك فحسببلتأملقليلاًمصيرامواتزمنكوروناالذينحرموامنصلاة الأمواتوإقامةالعزاءعلىارواحهم! ناهيك عن تصاعد البيانات الرقمية لهذا الوباء بشكل يومي والتي تهدد الأمن النفسي الذي يعد من أهم مرتكزات هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية؛وبالرغممن ذلك تجد من لا يزال يتهاون الحدث وينتظر عودة الحياة فقط ليكمل مسيرته كما كانت دون الحاجة الى هندذتها؛ هلكل ذلكلايستحقفعلاً إعادة النظربشكلجذريفيمايقتضينهحقالذاتالبشريةلحياةأكثراستقرار. مسك الختام: الذاتالبشريةهيالاستثمارالأوللكلنجاحولعلمقاييسالأداء العصريةلأيمنظمةلاتختلفكثيراًعنهافيالذاتالبشريةالتي تحتاجفعلاًلوقفةتأملخلالهذهالجائحةلاستعراضخطةسيرها وإعادةالنظر بصورة جذريةفيماتبتغيهمتطلباتالبقاءبروحمطمئنة، واثقةوفاعلة؛ فمن منا لا يحتاج بعد هذه الجائحة العظمى إلى“الهندذة“؟كتب في التصنيف: مقالات كتاب بلادي تم النشر منذ 3 ساعات
مشاركة :