توجه السوريون يوم الأحد إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثالث، وسط آمال بأن يتمكن المشرعون الجدد من إحداث فرق في الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه البلاد عبر سنوات الأزمة. وفتحت المراكز الانتخابية، البالغ عددها 7277 مركزا في جميع أنحاء المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، أبوابها أمام الناخبين ابتداء من الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي للمشاركة في انتخابات تجرى ليوم واحد، بحيث تتاح الفرصة للناخبين التصويت لـ1656 مرشحا للمجلس المكون من 250 مقعدا وسط اتخاذ إجراءات وقائية للحد من انتشار كوفيد-19. وكان هناك أشخاص مكلفون برش المطهرات على أيدي الناخبين وقياس درجة حرارتهم عبر أجهزة الفحص الحراري عند أبواب معظم المراكز للتأكد من سلامتهم قبل السماح لهم بالدخول للاقتراع. ولوحظ إقبال خفيف على المراكز خلال ساعات الصباح الأولى، واستمر لساعات في المساء، الأمر الذي دعا اللجنة القضائية العليا لتمديد الانتخابات أربع ساعات إضافية حتى الساعة 11 ليل يوم الأحد. وتعد انتخابات مجلس الشعب لهذا العام هي ثالثة انتخابات تجري خلال الحرب التي تعصف بسوريا منذ أكثر من تسع سنوات. وسلطت الحكومة السورية الضوء على الحدث بحملات تحث الناس على التصويت والمشاركة في العملية الانتخابية. وشارك الرئيس السوري بشار الأسد وعقيلته السيدة الأولى أسماء الأسد في الانتخابات. ونشر مكتب الإعلام الرئاسي صورا تظهر الرئيس الأسد وعقيلته يرتديان أقنعة وجه أثناء الإدلاء بصوتيهما في مركز اقتراع في مقر وزارة شؤون الرئاسة في دمشق. وأرجأ الرئيس الأسد الانتخابات مرتين هذا العام من تاريخها الأصلي في إبريل ضمن إجراءات مكافحة تفشي كوفيد-19. وفقا للقانون، بعد انتخابات مجلس الشعب، سيعين الأسد رئيسا جديدا للوزراء ويطلب منه تشكيل حكومة جديدة. وخلال الأيام القليلة الماضية، كانت الشوارع في دمشق ممتلئة بملصقات للمرشحين، وكثير منهم هم أعضاء سابقون في البرلمان وخاضوا الانتخابات قبل أربع سنوات. وما يلفت الانتباه هذا العام هو عدد المرشحين الشباب الذين لم يلاحظوا في الانتخابات السابقة. ومع ذلك، من المتوقع أن تكون بصمة حزب البعث الحاكم واضحة في هذه الانتخابات كما في الانتخابات السابقة، حيث أن أكثر من نصف المرشحين هم أعضاء فيه. وهذا العام، خصصت الحكومة مراكز اقتراع للسوريين الذين هم في الأصل من مناطق يسيطر عليها مسلحون وأماكن أخرى خارج سيطرة الحكومة لكنهم يقيمون في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة. وفي محافظة اللاذقية الساحلية، أقامت الحكومة مراكز اقتراع لسكان محافظة إدلب التي يسيطر عليها المسلحون في شمال غرب سوريا. وتسيطر الحكومة الآن على قرابة 70 في المائة من الأراضي السورية ويسيطر المسلحون على محافظة إدلب، فيما تسيطر الميليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة على مناطق في شمال شرق سوريا. وتأتي الانتخابات البرلمانية لهذا العام وسط وضع اقتصادي صعب تعيشه البلاد بعد فرض عقوبات أمريكية مشددة وهبوط حاد غير مسبوق في قيمة الليرة السورية مقابل العملات الرئيسية، إضافة لارتفاع أسعار جميع المواد إلى أكثر من الضعف في الأسابيع الأخيرة واستياء واسع إزاء الوضع الجديد. وبدأ الوضع الاقتصادي في التدهور عندما أغلقت الحدود مع لبنان نتيجة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمكافحة انتشار كوفيدـ19، الأمر الذي انعكس سلبا على حياة السوريين. وفي وقت لاحق، فرضت الولايات المتحدة مجموعة جديدة من العقوبات بموجب ما يسمى قانون حماية المدنيين "قيصر" على سوريا، وهو تشريع أمريكي يعاقب الحكومة السورية، بما في ذلك الرئيس الأسد على جرائم حرب مزعومة ضد السوريين. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخرا إن 80 بالمائة من السوريين يعيشون على أقل من 1.25 دولار أمريكي في اليوم، مضيفة أن 50 بالمائة من السوريين ليس لديهم ما يكفي من الطعام ليأكلوه كل يوم. ويأمل جميع الناخبين تقريبا في الانتخابات يوم الأحد أن يتمكن المشرعون الجدد من إحداث فرق في التعامل مع المطالب الأكثر إلحاحا للشعب والتعبير عن احتياجات الناس وإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية المتفاقمة. وقال الناخب محمد المصري لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "الانتخابات تأتي في هذه المرحلة في وقت بالغ الأهمية، حيث تمر سوريا بأزمة، وقد مررنا بالحرب، واليوم لدينا أزمة اقتصادية، لذا فإن اليوم يمثل فرصة للشعب السوري للمشاركة في الانتخابات واختيار المرشح الذي يمكنه أن يوصل صوتهم وتأمين احتياجاتهم". أما بالنسبة لرنا حسن، وهي ناخبة أخرى، قالت يجب أن يجد المشرعون الجدد حلولا للوضع الاقتصادي في البلاد. وأضافت "نحن في حاجة ماسة لشخص يمكنه أن يفعل شيئا صحيحا في هذا الوقت ويخدم الناس. أعتقد أن على البرلمان أن يتحمل مسؤولياته وأن يخدم الشعب". من ناحية أخرى، قال المرشح عارف الطويل لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن سوريا تتعرض لضغوط اقتصادية غير مسبوقة نتيجة عوامل خارجية وداخلية. وقال إن المطلوب من البرلمان هو "تأمين حاجات الشعب السوري الذي يتعرض لضغوط اقتصادية غير مسبوقة". وأضاف "أعتقد أنه في التاريخ الحديث لسوريا، أو حتى في التاريخ القديم، لم نمر بهكذا أزمة اقتصادية خانقة". وتابع الطويل أن "هناك عقوبات أجنبية وحرب مفروضة على سوريا واستنزاف مواردها وهناك أسباب داخلية مثل الفساد علينا القضاء عليها". وقال "نحن بحاجة إلى تنشيط الصناعة والزراعة لأنهما يشكلان الأمن الغذائي للناس، لذلك علينا واجبات كبيرة وآمل أن ينجح أولئك الذين سينجحون في الانتخابات بأن يضعوا على جدول أعمالهم الاهتمام بالشعب السوري".
مشاركة :