قيادة كردستان العراق تواجه تهمة "بيع" ناشطة كردية لتركيا | | صحيفة العرب

  • 7/21/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

العلاقة الملتبسة بين أبرز القيادات الكردية العراقية وتركيا لا تعكس حقيقة النظرة التركية إلى أكراد المنطقة بمختلف جنسياتهم وانتماءاتهم السياسية وطبيعة أنشطتهم سواء كانوا مدنيين منخرطين في العمل السياسي، أو منتمين لتشكيلات مسلّحة كما هي حال البعض من أكراد سوريا المشاركين في الحرب ضدّ تنظيم داعش، وهي نظرة لا تنفصل عن النوازع القومية الشوفينية التي ازدادت تطرّفا في عهد رجب طيب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية. أربيل (العراق) – كشف تسليم سلطات إقليم كردستان العراق لإحدى الناشطات من أسرة القيادي الكردي السوري صالح مسلّم، للسلطات التركية، عن العلاقة الملتبسة التي تجمع بين القيادة الكردية العراقية وتركيا، وهي علاقة كما يصفها البعض “تتراوح بين الخوف من جهة، والأمل في تحصيل بعض المكاسب الاقتصادية من جهة مقابلة” وتدفع قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكمة في الإقليم إلى التواطؤ ضدّ أبناء جلدتهم من الأكراد المعارضين للسلطات التركية التي ازدادت شراسة وتطرّفا ضدّ أكراد تركيا كما أكراد سوريا والعراق في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وخلال العملية العسكرية واسعة النطاق التي بدأتها القوات التركية منذ يونيو الماضي داخل الأراضي العراقية لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة تنظيما إرهابيا، توجّهت أصابع الاتهام نحو قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني من أسرة مسعود البارزاني الممسكة بمقاليد السلطة الفعلية في إقليم كردستان العراق، بالتواطؤ مع الجيش التركي في تلك العملية رغم المواقف اللفظية الصادرة عن أربيل والمندّدة بالعملية. واعتقلت تركيا داليا محمود مسلم، ابنة شقيق القيادي الكردي السوري صالح مسلم المطلوب لدى سلطات أنقرة وفق ما أعلنته عائلتها. واتهم والد داليا القيادة الكردية العراقية بتسليم ابنته للحكومة التركية. وقال محمود مسلم إن ابنته تمّ “تسليمها إلى السلطات التركية وأجهزة مخابراتها” بعد توجّهها الى إقليم كردستان العراق قبل ستة أشهر للعلاج. وأضاف في منشور على فيسبوك أنّ “السلطات في إقليم جنوب كردستان تتحمل مسؤولية اختطافها وتسليمها لأجهزة المخابرات التركية. وكل ما يصدر على لسانها تحت الضغوط هو كلام غير صحيح يهدف إلى تلطيخ سمعة الأسرة”. ويشير الكلام الأخير لوالد داليا إلى مساعي تركيا لتوريط القيادات السورية الكردية في قضايا الإرهاب بأي ثمن لتبرير تدخلّها في مناطقهم واحتلالها أجزاء منها، ما يجعل انتزاع “اعترافات” بالقوة من الناشطة المحتجزة ضد أفراد من أسرتها وخصوصا عمّها صالح مسلم، أمرا محتملا جدّا. علاقة القيادات الكردية العراقية بأنقرة تتراوح بين الخوف من بطش أردوغان والأمل في تحصيل مكاسب مالية من حكومته وردت سلطات إقليم كردستان العراق ببيان وصفت فيه ما صدر عن والد داليا بـ”الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة، وليست سوى محاولة لتضليل الحقائق”. وأضاف البيان “أن داليا محمود مسلم المعروفة باسم فيان شرفان وبعدما تخلت عن قوات وحدات حماية المرأة، انضمت إلى مسلّح من أهالي بدليس في كردستان تركيا يدعى سلام رمضان محمد المعروف باسم تولهدان، وهو الآخر ترك صفوف وحدات حماية الشعب، ووقعا في علاقة غرامية، قبل أن يقررا الفرار سويا”. ولفت إلى أن مسلم توجهت إلى تركيا “عبر التهريب” في 14 يوليو الجاري وسلّمت نفسها للشرطة التركية. وتلاحق تركيا صالح مسلّم في نطاق ما تسميه مكافحة الإرهاب الكردي، وقد اعتقل الرجل لفترة وجيزة في العاصمة التشيكية براغ العام 2018، وطالبت أنقرة بتسليمه بموجب مذكرة توقيف صادرة من قبل وتتعلق بهجوم نُفّذ سنة 2016 في العاصمة التركية وأسفر عن مقتل 29 شخصا، لكن مسلم نفى أي صلة له بالهجوم وأطلق سراحه لاحقا. وأسس الأكراد إدارتهم شبه الذاتية في مناطق شاسعة من الشمال الشرقي السوري على الحدود مع تركيا مع اندلاع الحرب في سوريا. وتصنف تركيا “وحدات حماية الشعب” الكردية كـ”تنظيم إرهابي”، وتعتبرها فرعا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يخوض تمردا منذ ثلاثة عقود داخل تركيا. ودشّنت تركيا منتصف يونيو الماضي عملية عسكرية هي الأوسع من نوعها لملاحقة عناصر الحزب في داخل أراضي كردستان العراق، في ظل حديث مصادر سياسية ووسائل إعلام عراقية عن حصول القوات التركية على مساعدة استخبارية من أطراف على صلة بحكومة إقليم كردستان العراق، قبل أن تشن العملية التي أطلق عليها اسم “مخلب النمر”. تركيا تطارد صالح مسلّم في نطاق ما تسميه مكافحة الإرهاب الكردي، وقد اعتقل الرجل لفترة وجيزة في العاصمة التشيكية براغ العام 2018 وقالت المصادر إن أنقرة عرضت على حكومة الإقليم الكردي مساعدات في المجال الاقتصادي لقاء معلومات عن مواقع حزب العمال الكردستاني، موضحة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول استغلال الضائقة المالية التي يتعرض لها العراق بسبب تدني أسعار النفط والتي تطال أيضا الإقليم المرتبط ماليا ببغداد. وأشارت إلى قيام تركيا بإعادة جدولة ديون مستحقة على الإقليم الكردي قبيل انطلاق عملية مخلب النمر ضد حزب العمال الكردستاني. ويقول أحد المصادر إن تحركات قامت بها قوات تابعة لأحد الأحزاب الكردية في كردستان العراق قرب جبال قنديل الوعرة، قبيل انطلاق عملية مخلب النمر، ربما أسهمت في كشف مواقع مقاتلي الحزب المذكور أمام الطيران التركي. وخلال الأعوام القليلة الماضية، تطورت العلاقات بسرعة بين أردوغان ومسعود البارزاني زعيم أعرق وأقوى الأحزاب الكردية في العراق. وبدلا من أن يصطف البارزاني، انطلاقا من أدبياته القومية والحزبية، إلى جانب حزب العمال الكردستاني في صراع حق تقرير المصير ضد تركيا، كان الأقرب إلى أردوغان في كثير من الأحيان. ويعتقد مراقبون أن دوافع اقتصادية تقف خلف هذا التقارب الشديد بين أنقرة وأربيل، فيما اشتدت حاجة أكراد العراق إلى مساعدات مالية مؤخرا، بسبب أزمة أسعار النفط. ولا يُستبعد أن تكون الدوافع ذاتها وراء تسليم ابنة شقيق صالح مسلّم لأنقرة، على الرغم من الامتعاض الواسع الذي يمكن للعملية أن تخلّفه في صفوف الجمهور الكردي العراقي المتعاطف مع أكراد سوريا وتركيا ضدّ حكومة أردوغان خصوصا بعد ما أظهرته من تطرف قومي.

مشاركة :