وهمّ … وهمّ يصبح الإنسان ُ معافاً في جسده تهب له الحياة أملاً جديداً وإشراقة كبيرة لبدء يومه والسير في حياته المعتادة يوماً بعد يوم , ويَخطُوه تعددُ الأيام المتوالية , حتى ما أن يحدث تغيراً أو حدثاً تختل به موازنة معادلته اليومية فتصبح يوما ً تاريخياً في الذاكرة , تُسجل حروفه وتُنقش في ذاكرة صفحة الأيام في مجلد الأحداث السيئة , لتؤرشف بعد أيام عبر رسائل هاجسيّة وصوتيّة في القرص المرن منه , وخُصوصاً بعد فتح ملف جديد متعلق بجائحة كورونا غير قابل للترجمة الفكرية والتعبيرية . لتعُود الذاكرة بنا إلى الأحداثِ قبل كورونا وبعدها فبلاشك أنها مختلفة جذريا ً صورة وصوتاً ورسماً تعبيرياً ومشاعرياً ومتفاوتة في أنماط تعبيرها , لتلتقي مع تذكر حدث لسماع أغنية محمد عبده ( وهمّ … وهمّ … كل المواعيد وهمّ) , وكأنها أنتجت وغُنيّت في عصر الكورونا وخُصِصت لها وهيّ قبل ثلاثين عاماً تدقُ شعور مسامعنا , ليكمل الشعور ذاكراهُ بالشطر الثاني من الأغنية ( تعب تعب … كل المواعيد تعب ) وشطر آخر منها (وأتم بعيد … وتتم بعيد …أتم مثل الحزن … انطر سحابة عيد ). لتجسد الواقع الفعلي لحالة حياتنا الآن بمختلف جوانبها , بُعد وفراق , ومرض ولوعة , واحتراز من العلاقات الاجتماعية , وصعوبة اللقاءات الاعتيادية من الحياة الأولية , خُطة رسمتها كورونا لتقضي على الحياة الذهبية قبل خمسة أشهر , ولَعَلها تعُود إلى جزء منها لِنَنّعم بالرفاهيّة المطلقة التي طالما أستأنسنها مِنها , وإلى أن تنجِلي هذه الغُمة , وليعاودَ الشُعور ذاته سماع جزء من أغنية ( وهمّ ) بشطرِ ( وقتي يطوف … لوني ضائع ومخطوف … يضيع الشارع بصمتي … وصمت الانتظار سيوف .. سيوف ). حقيقة أزلية لم يصدقها العقل في الوهلة الأولى لكنها صدمت الجميع، وأنخت العالم أجمع لراية كورونا ومقاومته ومحاولة الخروج من براثن مصيبته، وهو يجاري النَيّل من عادتنا اليومية التي تحسنت لدينا , وأصبحنا على قدر من الاهتمام , بينما في الجانب الآخر أعطت مدلولاً كبيراً على سرعة تغييّرنا وتقُبلنا للأحداث ومواكبة فعلية للالتزام وهذا ما يؤكده علم النفس الحديث والسؤال الأهم الذي يطرحه هو ذاك المرتبط بمرونة الإنسان (plasticity)، أو بمعنى آخر، قدرة البشر على التغيير، واستنادًا على أعمال عالم النفس مايكل ج. ماهوني .. بالفعل ” نحنُ نتغير دومًا من ناحية ما، ودورنا في تغيير عاداتنا يتطلب موقفا استباقيًا فكل التغييرات تتطلب التعرض لما هو مستحدث” . ومن المنطق أن تزول هذه الغمة بِأسرها بعد أيام أو أشهر لا أحد يعلم ذلك لأنه مرتبط بالتزامنا وجديّة الخروج من هذا المأزق والمسيرُ نحو حياة جديدة فيها تجربة مؤلمة بالآهات والموافق الصريحة والعبرات الماضية , لنتذكر سماع جزء شطر الأخير من أغنية الوهمّ ( وكل ما مر صوبي وهمّ ) .. لتعود الحياة إلى طبيعتها خالية من عبقات الوهم وعبراته !!!. ولنتذكر المثل الشعبي المتوارد ” بعض الأغاني لها ريحة أيام !!” . رئيس التحرير عماد الصاعدي كتب في التصنيف: خبر عاجل, مقالات كتاب بلادي تم النشر منذ 3 ساعات
مشاركة :