وهم التخصص

  • 8/24/2013
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أصبح من الشائع عند تداول الرأي في حل كثير من المشكلات أن يبحث عن الحل عند المتخصصين. والمتخصص يمتلك عادة الثقة عند متخذ القرار بإمكانية تأدية الواجب وتقديم الحلول الناجعة لأي مشكلة كانت داخل نطاق التخصص. لكن هذه النظرة التي يسلم بها كثيرون، تعاني مشكلتين جذريتين، وهما فهم التخصص، وفهم المشكلة. فقد يخطئ متخذ القرار في فهم التخصص على حقيقته، ثم يكتشف أنه أخطأ في فهم المشكلة أيضا. مثلاً، ما فرص نجاح شاب متخصص في الرياضيات في حل مشكلة ما في التدفق المالي في مؤسسة خاصة؟ متخذ القرار في واقعنا ستكون إجابته إن فرص نجاح الشاب قليلة عند مقارنتها بآخر متخصص في مجال التحليل المالي. في هذه الحالة يمكن أن نقول إن العكس غير صحيح. أي، إن المتدرب في التحليل المالي ربما يكون قادراً على حل مشكلة فنية، أما غير المتخصص فلا يمكن الجزم بفشله. بل إن فرص نجاح غير المتخصص أكبر في التفكير في حلول إبداعية. تروى قصة مشهورة ذات دلالة في هذا السياق جرت أحداثها في مدينة نيويورك بعد نهاية الحرب العالمية الثانية - أوردها كما رويت في عدد من المصادر، يروى أن سكان أحد المباني السكنية القديمة تذمروا من خدمة المصعد السيئة. تم تجاهل هذه الشكوى حتى تقدم أحد أكبر المستأجرين بتهديد مدير المبنى بالانتقال إلى مبنى آخر إن لم تحل المشكلة. عند ذلك قام مدير المبنى باستشارة مكتب هندسي متخصص في مشكلات المصاعد. بعد دراسة المشكلة وجد المهندسون إن المصعد يتأخر بمعدل دقيقتين وهو ستة أضعاف المعدل المقبول. قدم المهندسون ثلاثة حلول للمشكلة: إضافة مصاعد جديدة، استبدال مصاعد بسرعة أعلى، أو تثبيت نظام حديث للتحكم الآلي. كانت إحدى مشكلات المصعد التقنية أن المصعد يستمر في الصعود إلى أعلى طابق قبل النزول حتى وإن لم يكن في الطوابق العليا من يطلب الخدمة. بذلك يأخذ المصعد وقتاً طويلاً حتى يعود لخدمة من في الطابق الخامس بعد خدمة الطابق العاشر. قام المهندسون بدراسة أي الحلول أنسب للمبنى بعد عرض الحلول الثلاثة. بعد عدة شهور وجد المهندسون أن قيمة أي من الحلول الثلاثة سيكون مكلفاً حيث لا يصبح المبنى مربحاً. شكر مدير المبنى المهندسين وعاد إلى مؤسسته ليبحث عن حل آخر. دعا مدير المبنى موظفيه إلى ورشة للعصف الذهني لحل المشكلة. حضر الجميع إلا واحداً أناب عنه مساعده، شاب متخصص في علم النفسي السلوكي. عرض المدير المشكلة وطلب من الجميع تقديم الحلول والابتعاد عن النقد الجارح. قام الجميع بطرح عدد من الحلول إلا إن الحوار احتدم بالجدال والنقاشات العقيمة. نظر مدير المبنى إلى الموجودين ورأى أن الشاب الذي حضر نيابة عن رئيسه لم يقدم رأيه. سأله المدير مباشرة بعد أن أوقف النقاش: هل لديك فكرة تود عرضها؟ امتنع الشاب للحظات حتى طلب منه الجميع الحديث. طرح الشاب فكرته، واستحسنها الجميع، ثم تم تنفيذها. بعد فترة قصيرة، وبتكلفة لا تذكر، حلت المشكلة. نظر الشاب إلى المشكلة بطريقة مختلفة. فبدلاً من أن يجعل المشكلة منحصرة في وقت الانتظار أو في مواصفات المصعد، حول اهتمامه إلى مستخدمي المصعد. كانت المشكلة الحقيقية أن من ينتظر المصعد يشعر بالملل حتى تصله الخدمة. ففكر في تقديم ما يشغل وقت السكان حتى وصول المصعد. فاقتراح وضع مرآة في صالة الانتظار حتى يتمكن طالب الخدمة من النظر إلى نفسه أو إلى غيره من دون حرج. النتيجة أن سكان المبنى توقفوا عن الشكوى بل تقدموا بالتهنئة لمدير المبنى على الخدمة الجيدة. منذ ذلك الوقت، والمرايا من العناصر الأساسية لصالات انتظار المصاعد في كل مكان.

مشاركة :