عواصم - وكالات: توالت ردود فعل الدول الست الكبرى وطهران بعد توصلهما لاتفاق تاريخي حول الملف النووي الإيراني بعد جولة ماراثونية في فيينا، حيث أشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالاتفاق بوصفه خطوة نحو عالم "أكثر تفاؤلا" بينما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن الاتفاق يثبت أن "الحوار البناء يؤتي ثماره". ويحد الاتفاق بصفحاته الـ109 من طموحات طهران النووية مقابل رفع العقوبات التي تخنق اقتصادها بصورة تدريجية، وفي الوقت ذاته يقفل ملفاً سمم العلاقات الدولية منذ أكثر من 12 عاماً. وقال أوباما في خطاب بثه أيضاً التلفزيون الايراني الحكومي مباشرة ان القوى الغربية تمكنت من قطع الطريق على إنتاج إيران للسلاح النووي، معتبرا أن عدم التوصل لاتفاق يعني فرصة أكبر لمزيد من الحروب في الشرق الأوسط. غير أن اوباما عاد ليؤكد أن هذا الاتفاق لا يعني انتهاء كافة الخلافات مع إيران، مشيراً إلى أن الغرب سيبقي على العقوبات المتعلقة بدعم طهران للإرهاب. وهذه المرة الثانية خلال 36 عاما التي ينقل فيها التلفزيون الايراني خطابا لرئيس امريكي مباشرة علما بان العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين البلدين منذ 1980. وينص الاتفاق مع طهران على تخلصها من 98% من مخزون اليورانيوم المخصب لديها، وقيامها بإزالة أجهزة الطرد المركزي بمقدار الثلثين، وخلال 15 عاماً لن تتمكن طهران من بناء مفاعل جديد لإنتاج المياه الثقيلة. ويتوجب على طهران أيضاً وفق الاتفاق المبرم نقل الوقود خارج إيران، كما أنها ستخضع لإشراف دولي مستمر للتحقق من التزامها. وبحسب ما قاله أوباما فإن الاتفاق مع طهران ليس مبنيا على "الثقة" بل على "التحقق". من جهة أخرى، حذر أوباما الكونغرس من انه سيستخدم حق النقض (الفيتو) ضد اي تشريع يحول دون تطبيق ناجح للاتفاق. وبعد خطاب أوباما، رحب الرئيس الايراني حسن روحاني أمس بالاتفاق مؤكدا ان ايران "حققت كل اهدافها". وقال في كلمة بثها التلفزيون الايراني أيضاً بعد دقائق من خطاب أوباما "انه اتفاق متبادل"، مشيراً إلى إنه سيزيل ما وصفها بانها "عقوبات غير انسانية وجائرة". واعتبر روحاني الاتفاق "نقطة انطلاق" لبناء الثقة بين بلاده والغرب. ونزل الايرانيون مساء أمس الى شوارع طهران للاحتفال بالاتفاق. وأما في موسكو، فقد طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العالم بالاحتفال بالاتفاق النووي، مؤكداً أنه سيطلق التعاون النووي المدني بين روسيا وإيران وسيسهم في التصدي للإرهاب في الشرق الأوسط. وبدورها، وصفت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل أمس الاتفاق بانه "نجاح مهم للدبلوماسية الدولية"، داعية الى "تنفيذه سريعا". واوضحت انه بفضل هذا الاتفاق "بتنا قريبين جدا" من الهدف المتمثل في عدم حيازة طهران سلاحا نوويا "لاننا نريد جعل امتلاك ايران لاسلحة نووية امرا مستحيلا". وفي باريس، دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند طهران بأن تصبح لاعباً مسؤولاً عن الاستقرار في محيطها بعد الاتفاق. وفي كلمة متلفزة، قال هولاند "لن تحصل ايران على السلاح النووي وسنكون قادرين على التحقق مما اذا كان هناك تقصير فيمكننا اعادة العقوبات". ودعا الرئيس الفرنسي طهران لمساعدة التحالف الدولي على "انهاء" النزاع في سوريا. في أثناء ذلك، قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إن بريطانيا تتوقع ان يبشر الاتفاق بخطوات التغيير في علاقات ايران مع جيرانها ومع المجتمع الدولي. وبدوره، قال وزير الخارجية الصين وانغ يي ان الاتفاق النووي الايراني سيحمي نظام حظر الانتشار النووي العالمي ويثبت ان العالم بوسعه ان يحل قضايا ملحة من خلال التفاوض. وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو أكد في بينا انه "واثق" من قدرة الوكالة على التحقق من تطبيق ايران التزاماتها بموجب الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى. واستمرت المفاوضات الأخيرة في فيينا قرابة ثلاثة أسابيع جرت خلالها محادثات مكثفة بين وزير الخارجية الامريكي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف. وقال ظريف خلال مؤتمر صحفي تم خلاله الاعلان عن الاتفاق "أعتقد أن هذه لحظة تاريخية... اليوم كان يمكن أن يكون نهاية الأمل في هذه القضية لكننا اليوم نبدأ فصلا جديدا من الأمل. دعونا نبني على ذلك". وقال كيري "هذا هو الاتفاق الجيد الذي كنا نسعى لإبرامه". وأوضح الوزير الأمريكي انه مع تقليص المنشآت الايرانية سيتطلب صنع قنبلة من قبل طهران نحو سنة، مقابل شهرين الى ثلاثة اشهر حاليا. وبدورها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني إن الاتفاق "يفتح الطريق لفصل جديد من العلاقات الدولية ويظهر أن الدبلوماسية والتنسيق والتعاون قد تتغلب على عقود من التوتر والمواجهات". ومن جهته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان الاتفاق سيتيح ازالة "العراقيل" امام تشكيل "تحالف واسع" ضد داعش.
مشاركة :