تكشف محاولات الحكومة التركية اختراق الواقع اليمني، سواء تحت غطاء المساعدات الإنسانية أو تلوين خطابها السياسي، عن وجهة نظرها تجاه الأزمة اليمنية، وتشكل إلى جانب استمرار إيران في ضمان تدفق السلاح إلى الحوثيين وحثهم على عرقلة أي جهود لإنهاء أزمة البلاد، جوانب عملية وتكاملية مع الجهد التمويلي والدعائي الذي تبذله الحكومة القطرية، الأمر الذي كشفته التسجيلات المسربة أخيرا بين الزعيم الليبي السابق معمر القذافي وحكام قطر السابقين. وكشف التسجيل المسرب الجديد المزيد من التفاصيل عن تآمر قطر مع القذافي لما أسموه “تقسيم السعودية إلى عدة دول”، وقال فيه الشيخ حمد بن خليفة إن الحوثيين يريدون حكم الحجاز إلا أن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح لم يستجب لهم بحسب قول الشيخ حمد بن جاسم. المشروع القديم بتوظيف أدوات مثل ميليشيا الحوثي لإنهاك السعودية، وتحقيق حلم تفتيتها وبث الفتنة داخلها، تواطأت عليه جهات مختلفة، وتبنته جماعة الإخوان المسلمين، التي اعتقدت أنها قطعت أشواطا في زرع ما يشبه مجتمع الظل في أعماق الواقع السعودي، حتى تحين ساعة الصفر وتلمع إشارة التنفيذ. بذلت قطر جهدا في البحث عن ثغرات تنفذ منها إلى الداخل السعودي، وأرسلت مواكب الإخوان من الخليجيين إلى الزعيم الليبي، للاستثمار في حقده الدفين على دول الخليج والسعودية بالتحديد، وحرضت الرئيس اليمني السابق علي صالح لفتح الباب لميليشيات القاعدة للنفاذ إلى العمق السعودي، وكشفت عن حجم الدور التآمري الذي تبنته وتدفع الآن ثمنه وفاتورته في مواجهة الرباعي العربي العازم على مكافحة الإرهاب. زادت حكومة أردوغان من توغلها في مياه العرب والبحر الأحمر، واتخذت مجموعة من الخطوات للملمة ما بقي من فرص لتطويق السعودية، واختراق المنطقة العربية من جنوبها، ولعل ما طرحته الناشطة الإخوانية اليمنية توكل كرمان من نوايا تقسيم السعودية إلى أقاليم، في تغريدة عابرة على حسابها في تويتر، هو رأس جبل الجليد الذي كشف عن تعاون وثيق بين جماعات الإخوان ورعاتهم في قطر وتركيا وبين ميليشيات إيران، لاستهداف السعودية والتأمر عليها. هل تلافت السعودية خطر ما يحاك محليا لمشروع التفتيت؟ هذا ما تشير إليه نتائج الجهود التي اتخذتها المملكة لتجفيف منابع الحركيين الإسلاميين، الذين استهدفوا قوى محلية حقنت بمشاعر الإحباط وخطاب أيديولوجي متوتر، يهدف إلى التحريض على التغيير وتهييج الأوضاع. اتخذ الرباعي العربي قرارا حازما بنبذ قطر، وقطع الطريق على مشروعها التدميري، وبتر أذرعها التي عكفت على تمويلها ورعايتها بهدف تنمية مشاعر العداء تجاه الرياض وبقية العواصم المركزية في المنطقة. جاءت تركيا أخيرا، لإنقاذ المشروع الخاسر، وهي التي ألمحت عبر صحفها الرسمية عن خرائط كشفت النوايا الخبيثة التي تعمل على تقسيم السعودية، وكتبت صحيفة (يني شفق) المقربة من الحزب الحاكم حول الموضوع. وعلى الصعيد الميداني، زادت حكومة أردوغان من توغلها في مياه العرب والبحر الأحمر، واتخذت مجموعة من الخطوات للملمة ما بقي من فرص لتطويق السعودية، واختراق المنطقة العربية من جنوبها، لكن صمود الرياض ومعونة أبوظبي، واستنهاض الدور المصري وإعادة تنشيطه في عدد من الملفات الراهنة، ساعدت المنطقة على التقاط أنفاسها، وتبديد مشروع وحلم قديم بتفتيتها، أصبح بفضل يقظة المملكة وحلفائها أقرب اليوم للفشل منه إلى النجاح.
مشاركة :