يدور جدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، المصرية خاصة، حول لباس السباحة النسائي "البيكيني" و"البوركيني" أو "لباس السباحة الشرعي".مصدر الصورةGetty Images في فيديو انتشر بشكل واسع، ويقال إنه صٌوّر في منتجع في الساحل الشمالي، تظهر سيدة تقف عند حافة حمام سباحة وتطالب سيدة أخرى بالخروج منه، اعتراضا على زيها الذي يسمى بلباس البحر الشرعي أو البركيني. الفيديو نال رواجا كبيرا واهتماما تجاوز وسائل التواصل الاجتماعي إلى شاشات التلفزيون وأصبح "قضية رأي عام" . دافع من تعاطف مع المرأة التي تلبس "الزي الشرعي" عن حريتها في اختيار ما يناسبها، وعن وجوب عدم تدخل الآخرين في اختيارها، ما لم يكن فيه تعد عليهم. ودار النقاش في الفيديو أيضا عما إذا كان مرد اعتراض السيدة، التي لم ترقها سباحة الأخرى بذلك الزي، الزي نفسه والحجاب الذي يتبعه أم القماش الذي صنع منه باعتبار أن اللباس القطني لا يحبذ في حمامات السباحة لأغراض صحية، وقد يمنع في بعض الأماكن. لكن السيدة وزوجها يقولان في الفيديو إن القماش ليس قطنيا وإنما هو القماش المعتمد في أزياء السباحة. وزاد هذا أيضا من تحديد موقف البعض من السيدة المعترضة، "والتأكد" من أن وجه اعتراضها حجاب المرأة السابحة. أما الضفة الأخرى ففيها من يرى "قطعا" أن للسباحة في مكان كذلك المنتجع شروطا يحددونها "حفاظا على المنظر العام" كما يقولون ويتوقعون أن تشمل منع لبس الحجاب، أو ما يسمى بزي السباحة الشرعي. من بين من اتخذ هذا الموقف ونشر رأيه عبر مواقع التواصل، من "سرق الأضواء" من "فيديو حمام السباحة"، لتصبح أسماؤهم أكثر تداولا ويتحولون إلى وجهة للهجوم والسخرية والاتهام بالعنصرية والطبقية والتمييز. ومنهم من اضطروا إلى حذف تعليقاتهم كما يقول بعض من وثّقوا التدوينات، ومنهم من أغلقوا حساباتهم كليا. ومن المدافعين عن حق المرأة المحجبة في ارتداء ما يريحها ويتناسب مع تفكيرها والداعين إلى احترام حريتها، من انساق في سياق السب والتعدي على حرية الآخرين وسبهم بما في أجسادهم من "نواقص" حسب الصورة العامة المتداولة لـ"الجسد المثالي". وأصبح "النقاش" في بعض الأحيان مجالا لتبادل الشتائم والتهم والتصنيفات، كما يحدث في أغلب مواضيع الخلاف التي تتحول إلى "قضية رأي عام". واستدعى توسع هذا الجدل تدخل اتحاد الغرف السياحية، ليبين أن ما يمنع هو "النوع الرديء" من الملابس التي قد يتحلل لونها أو نسيجها في الماء، وليس غير ذلك: وهناك من رأى في هذا الفيديو جانبا آخر، جانب المرأة التي "تحاول تقييد حرية امرأة أخرى، لأنها لا تشبهها". واتخذت القصة منحى آخر نحو تعريف "المرأة" التي ندافع عنها، في المطلق. وهل القضية "رجال يقيدون حرية المرأة" أم أنه لا وجود لكيان متجانس يسمى "المرأة" وأن اشتراك هذه المجموعة في الجندر لا يكفي لجمع أفرادها تحت اسم واحد. وبعيدا عن النقاش والجدل حول هذا الموضوع، تجد دائما عبر مواقع التواصل الاجتماعي من يقف على الشرفات مستمتعا بالمشهد متخلصا منه بما أملته عليه روح الفكاهة:مفهوم "الكوميونيتي" في الجدل الدائر هذه الأيام في مصر٫ يعتبر "لباس البحر" أخر تحديث في شروط الانتماء للمجموعة حسب بعض الناس. وقد يعني أيضا وضعك في خانة "الفجار" أو "المؤمنين" حسب أخرين. الجدل ليس جديدا ولكنه حتما ذو دلالة. والحال أنه لا يحدث بين سكان "الأحياء الراقية أو ما يسمى بـ "الكومباوند" وبين سكان أحياء شعبية. وكان في الغالب بين من "ينزعجون" ممن لا يلبس لباسا خاصا بالبحر، ومن الذين يسبحون "بالجلابية" من جهة وبين من يرون أن في هذا "الانزعاج" كثير من للظلم والتجني على أشخاص مختلفين أو ربما لم تنصفهم ظروف الحياة وقد تكون فرصة زيارة البحر حدثا في حياتهم قد يفسده بسهولة غرور الآخرين. هو هذه المرة داخل "أحياء الأغنياء" نفسها. في هذا الوسط، على ما يبدو، لا يكفي أن يكون لك من المال ما يجعلك تجاري نسق الحياة. بل هناك تفاصيل أكثر تحدد مكانتك من المجموعة أو ما يطلق عليه "الكوميونيتي". منها أصول العائلة، والمهنة وذوقك في الأزياء وهل ينطق لسانك بأكثر من لغة وإن نطق هل ينم عن "تعليم حكومي" أو "تعليم خاص". هذه التقسيمات ليست سرية٫ ولا يجب أن تقيم هناك حتى تراها. تقدمها أعمال درامية كثيرة لكن لعل أصدق مكان تختبرها فيه هو وسائل التواصل الاجتماعي وما ينتشر فيها من حكايات وتعليقات وقصص بعضها محكي وبعضها مصور. مفهوم "الكوميونيتي" انتشر في مصر مع سكان القرى السكنية الفاخرة، لكنه طبعا ليس حديثا. تتشكل الجماعات عموما من أفراد يشتركون في بعض العناصر على الأقل! وكلما كانت أوجه التشابه والنقاط المشتركة أكثر كلما كانت هذه المجموعة أكثر أمانا في نظر أفرادها. وهذا ما يخلق تقسيمات داخل المجتمع الواحد ليولد عنه مجتمعات أصغر يكون التشابه بين أفرادها أكبر.
مشاركة :