د. جمعة سعيد الصواية النعيمي بعد المرحلة الأولى «المنع والتخفيف»، والمرحلة الثانية «الاستعداد» في دورة مراحل إدارة الطوارئ والأزمات، تاتي المرحلة الثالثة: «الاستجابة»، وتعرف هذه المرحلة بالحرجة، حيث يتم التعامل مع الحدث فور وقوعه، فيتم تنفيذ الخطط واستخدام جميع التجهيزات والموارد في المرحلتين السابقتين. فكلما كان العمل مضبوطاً ومهنياً في المنع والتخفيف ومن ثم الاستعداد، كلما كانت جهود الاستجابة والسيطرة على الحدث أكثر كفاءة وتأثيراً. وترتكز هذه المرحلة على محاور رئيسية ثلاثة، وهي الموارد البشرية، والمعدات بأنواعها، وتوفر أنظمة قيادة مدربة وذات كفاءة عالية، تستطيع استخدام هذه الموارد بشكل مهني، ومن ثم وجود منظومة اتصالات فاعلة تضمن تواصل جميع عناصر ومستويات إدارة الأزمة؛ الاستراتيجية والعملياتية والتنفيذية (أطقم الاستجابة الميدانية). كما يبرز في هذا الوقت، الدور المهم للتنسيق بين هذه العناصر والمستويات لضمان الاستغلال الأمثل للموارد والوقت والجهد المبذولين. المرحلة الرابعة: التعافي، وهي المرحلة الأخيرة في دورة إدارة الطوارئ والأزمات، وتفسر بأنها مرحلة استعادة دورة الحياة الطبيعية والتنمية وإرجاعها إلى ما كانت عليه قبل حدوث الأزمة. وعادة ما تكون مرحلة مرهقة ومكلفة جداً، تكلف الحكومات والأنظمة وقتاً طويلاً وجهداً مضنياً وأموالاً طائلة، حيث إن القيام بذلك ليس أمراً سهلاً، كما قد ينضوي عليه فهم البعض. ومثالنا على ذلك، هو الدول التي تعرضت لأزمات وحروب وما زالت تعاني الكثير والكثير لتأثر اقتصاداتها وحكوماتها من أجل العودة لوضعها السابق. وتعد مرحلة التعافي فرصة مواتية لهذه الحكومات والأنظمة، من أجل مراجعة استراتيجياتها وقوانينها وتشريعاتها وقراراتها وسياساتها الداخلية والخارجية، وعليها تصحيح أخطائها مستفيدة من الأزمات التي تعرضت لها. عرضنا المراحل الأربع لإدارة الطوارئ والأزمات بشكل متسلسل منطقياً وطردياً، فهل يفرض الواقع علينا التعامل معها حسب الترتيب السابق؟ كلا، فالدول في أغلب الأوقات تقوم بالتعامل مع المراحل الأربع بشكل متزامن، فبينما تعمل على التعافي مثلاً، لا يعني ذلك أبداً التوقف عن العمل في المنع والتخفيف أو الاستعداد، وربما الاستجابة لحدث قد يكون قائماً في الوقت نفسه. فكل يعمل في مجاله وتخصصه بضرورة ملحة للتنسيق، وأهمية عدم تكرار الجهود تعد استغلالاً صحيحاً وحفاظاً على الموارد الاستراتيجية الوطنية. كما أنه قد تتعرض الدولة للتعامل مع أكثر من حدث واحد في آن واحد، مما يستوجب التعامل مع المراحل الأربع في الوقت ذاته. إن الطوارئ والأزمات والكوارث لا تعترف بوقت أو ظرف أو عرق أو مكان وزمان، فخير سبيل للتصدي لها هو البدء بإدارتها قبل حدوثها، من خلال التوقع المستمر والاستعداد والتجهيز لها، ومن ثم التعامل معها عند وقوعها. *مدير مركز الريادة لدراسات الأبحاث والإدارةjjumaa65@hotmail.com
مشاركة :