بغداد: حمزة مصطفى رغم الإحباط الذي يواجهه أعضاء البرلمان العراقي اليوم بسبب قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء رواتبهم التقاعدية واحتمال تقليص رواتبهم وامتيازاتهم بموجب قانون التقاعد المدني الموحد الذي تجري مناقشته في البرلمان حاليا فإن التوقعات تشير بأن أعدادا كبيرة من أعضاء البرلمان العراقي الحاليين وعددهم 325 نائبا سيرشحون أنفسهم للدورة البرلمانية القادمة. البرلمانيون المخضرمون يراهنون ربما على نوع من رد الفعل الذي يجعل من عملية الإقدام على الترشيح لأعضاء جدد قليلة بسبب قلة الامتيازات التي سيحظون بها مقارنة بالمخاطر التي قد تواجههم. لذلك فإن هؤلاء النواب الحاليين بدأوا منذ الآن وبعد إقرار قانون الانتخابات بممارسة شتى أنواع الدعاية الانتخابية وبأسهل الطرق وربما أكثرها شيوعا من وجهة نظرهم وهي استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وفي المقدمة منه «الفيس بوك» وربما قلة منهم من يستخدم «تويتر» بسبب عدم جماهيريته في العراق بالقياس إلى «الفيس بوك» الذي بدأ ينتشر في الأوساط الاجتماعية والسياسية في العراق مثل انتشار النار في الهشيم. البعض من النواب ممن يستخدمون «الفيس بوك» أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أنهم يفرقون بين ما هو رسمي وما هو شخصي. صفية السهيل العضو المستقل في البرلمان العراقي والناشطة النسوية المعروفة تقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط» بأن «لا ضير في أن يستخدم السياسيون مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت اليوم جزءا أساسيا من حياتنا ولكني بودي الإشارة إلى أنني أفرق بين التعامل الرسمي وبين ما هو شخصي حيث لي مثلا الصفحة الرسمية التي تحتوي على البيانات والمواقف والأنشطة وبين الصفحة الشخصية المخصصة للعائلة وللأصدقاء دون خلط بين الأمرين»، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن «من الضروري التركيز على ما هو هام وضروري بدلا من اللجوء إلى مستويات رخيصة أحيانا سواء من التسقيط السياسي أو الهجمات المتقابلة أو حتى بث رسائل أو إضافة أفلام وغيرها عن طريق الدوبلاج وهي طريقة غير شائعة في العراق ولذلك يحاول البعض استغلال ذلك لأغراض التسقيط». السهيل تدعو إلى «ضرورة الحرص على البلد أولا قبل كل شيء لأن الأوضاع لا تتحمل أن يلجأ البعض إلى كل هذا المستوى من التسقيط والتهجم بهدف الوصول إلى البرلمان بينما المفروض أن تكون مثل هذه المواقع وسيلة لعرض البرامج الانتخابية والتي من شأنها أن تترك تأثيراتها في الناس». القيادي في القائمة العراقية والناطق الرسمي باسم كتلة «متحدون» ظافر العاني وهو أحد أنشط مستخدمي «فيس بوك» بين السياسيين العراقيين يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك من بين السياسيين ممن يتعامل مع فيس بوك يستخدم أسلوبا أقل ما يقال عنه إنه ينفر الجمهور منه بدلا من أن يقربه إليه». ويضيف العاني أن «الأسلوب المكشوف والواضح والذي ينطوي على دعاية مباشرة من خلال استعراض أنشطة طبيعية وعادية باتت واضحة للناس وسوف لن تجلب لأصحابها ما يخططون له أصلا». العاني يقول إن «طبيعتي الأكاديمية جعلتني أتعامل مع فيس بوك بطريقة تنويرية تربوية وليست سياسية مباشرة» مشيرا إلى أن «الناس الذين يعرفون أن لدي موقعا سياسيا قد يربطون بين استخدامي لهذا الموقع وموقعي السياسي أما من لا يعرف ظافر العاني ويدخل على صفحته فإنه لا يجد فيها سوى قصص اجتماعية أو مفارقات أو إضافة حكم وأمثال أو إحياء الموروث الشعبي والتقاليد التي اندرست بحكم الزمن وتعزيز الوحدة الوطنية». وبشأن رؤيته لمن يحاول من السياسيين استخدام الفيس للدعاية الانتخابية قال العاني «ظاهرا يبدو الأمر مشروعا ولكن من يحاول اللجوء إلى التسقيط فأعتقد ينكشف وبالتالي يخرج من مولد الفيس بوك بلا حمص». القيادي بدولة القانون ورئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج الذي لم يخف نيته الترشح للانتخابات القادمة قال لـ«الشرق الأوسط» بأن «المدونات بشكل عام هي عالم افتراضي لأغراض التواصل ولكن تحول عندنا ما هو افتراضي إلى واقعي وتحول مسار الاستخدام من تبادل المعلومات والمعرفة والأفكار وغيرها إلى ميدان للاستعراضات الشخصية» مشيرا إلى أن «استخدامات الفيس بوك عندنا باتت من النوع غير المسيطر عليها إلى الحد الذي بدا كأنه اليوم ميدان للتسقيط السياسي لا سيما في أجوائنا المنفلتة وبالتالي تحول للأسف من موقع للتواصل الاجتماعي إلى مجال للتنافر والتنابز السياسي وطريقة تهريجية للترويج السياسي لا سيما أن الإشاعة بالفيس بوك تنتشر بسرعة لأنها كثيرا ما لا تعتمد التوثيق أو المصداقية بل ربما تكون هناك أسماء وهمية هي من تقف وراء ذلك».
مشاركة :