«الدراز المغربي».. عزف على خيوط الصوف

  • 7/24/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تنبعث من أزقة المدن المغربية وحاراتها روائح التاريخ والزمن البعيد، وأنت تجوب فيها تلفت نظرك دكاكين بأبوابها الخشبية المنقوشة وبداخل أحدها رجل يدعى «لمْعَلم الدرّاز» كما يسميه المغاربة، وهو يغازل بأنامله خيوط الصوف النقية بألوانها الجميلة التي تريح العين والنفس. وهكذا يجلس «لمْعَلَّم عثمان الدراز»، وراء نوله الخشبي الذي ورثه عن أجداده ليصنع ملابس ومنسوجات صوفية تعرف بعراقتها المستمدة من أعماق تاريخ اللباس المغربي، ومن بين تلك الملابس الجلباب الذي يقبل على اقتنائه المغاربة، لما يحمله من عراقة وفخامة وشموخ، كما يبرع النساج المغربي التقليدي «الدراز» في صناعة البطانية الصوفية التي يكثر الإقبال عليها هي أيضاً من طرف سكان المناطق والمرتفعات الجبلية والباردة، لأنها تقيهم من البرد القارس وتمنحهم الدفء في ليالي الشتاء الطويلة والباردة. وأضاف: بأنامل فعلَ فيها الزمن فعله يداعب «الدراز» المغربي أدوات نوله، وكأنه يعزف سيمفونية من الألوان ورقصات الخيوط الصوفية بالغة البياض والنقاء، ليشبك تلك الخيوط ويدمجها مع بعضها بعضاً في ما يسمى «الدف» أو المنسج باللغة العربية، كما يقوم بتحريك تلك الخيوط بما يسمى «الشفرة»، وكل تلك الحركات يقوم بها «الدراز» بكل دقة، مع حركات أخرى يستعمل فيها «الدراز» حركات رشيقة من رجليه وحركة أخرى يسحب أو يتحكم فيها بآلته، من خلال ما يسمى «الناعورة» لتشتبك الخيوط الصوفية وتتزاوج مع بعضها بعضاً في تناغم لوني جميل. ويقول عثمان الدرّاز: يقبل المغاربة في عدد من المدن المغربية المعروفة بعراقتها: أزمور، وفاس، ومكناس، وتازة، وشفشاون، وهي مدن ما تزال تحتفظ بين أزقتها بدكاكين الدرازة، وإن كانت دكاكين «الدراز» في تناقص، نظراً لقلة الإقبال على منسوجات «الدراز»، من قبل الأجيال الحديثة التي لا تلبس الجلباب الصوفي أو البرنوص، كما أصبح أيضاً الإقبال على البطانيات المصنوعة بالصوف الخاص من طرف النسَّاج «الدراز» قليلاً، بسبب إقبال الناس على البطانيات المستوردة من الخارج، والتي تقتنيها الأسر في بيوتها وصالوناتها، متناسية عراقة البطانية المغربية التي يصنعها «الدراز» المغربي من الصوف المحلي الخالص، وما يمنحها من دقة فنية تحمل كل رموز وعلامات الثقافة المغربية وفلكلورها العريق. وأشار إلى أن جيل الشباب لا يقبل على شراء ما يبدعه «النساج» أو «الدراز» المغربي، لأنه لم يعايش الحقبة التي كانت فيها صناعة «الدرازة» مزدهرة، والإقبال عليها كبير من طرف الآباء والأجداد، قبل أن تغزو السلع والمنسوجات الصينية والهندية الأسواق المغربية، كما أصبحت محال «الدرازة» قليلة إلا في بعض المدن المغربية العريقة: فاس، ومراكش، وزان. ولأن «الدراز» من جيل كبار السن الذي توارى عن الأنظار، وجيل الشباب لا رغبة له في تعلم حرفة «الدرازة» التي يرى أنها من حرف «زمن أكل عليه الدهر وشرب»، فهي مهنة مهددة بالانقراض كما يقول دراز مسن من داخل حانوته في مدينة فاس.

مشاركة :