*صراع الشرق والغرب* منذُ وصول دولاند ترامب إلى البيت الأبيض وتنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في عام 2016 والإتهامات الأمريكية للصين وروسيا تزداد وتيرتها. فتارةً تُتهم روسيا بتدخلها في الإنتخابات الأمريكية ، وتارةً تُتهم الصين بسرقة الإختراعات الأمريكية. حتى أن الإستفتاء البريطاني بشأن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي يُعتقد أن الصين وراءه!! وفي الأسبوع الماضي حلّ وزير الخارجية الأمريكية بومبيو ضيفاً على عاصمة القرار الأوربي بريطانيا ، وأدلى بأكثر من تصريح ، كان أهمها إتهام الحزب الشيوعي الصيني الحاكم بشكل مباشر ، ودعوته إلى تحالف عالمي ضد الصين، ومنذ ذلك الحين ووسائل الإعلام الأمريكية والعالمية تواصل تقاريرها عبر نشرات الأخبار المختصرة والمفصلة عن هذه الزيارة وتصريحات المسؤلين الأمريكين ونظرائهم البريطانين. والتحليلات السياسية على قنوات التلفزة ومواقع التواصل الإجتماعي مستمرة. ولعل أهمها تغريدات الرئيس الأمريكي ترامب عبر تويتر . كما تتوالى الاتهامات الغربية للصين وروسيا بالقرصنة الإلكترونية واختراق مواقع إلكترونية أمريكية وبريطانية وسرقة بيانات ، وبراءات اختراع عسكرية وطبية. بحسب وسائل الإعلام الأمريكية. وبالمقابل تتحدث وسائل الإعلام الصينية عن تدخلات خارجية في شؤونها الداخلية خاصة من أمريكا وبريطانيا ، في هونج كونج وبحر الصين وغيرها من الأراضي الصينية بحسب وسائل الإعلام الصينية . كما تتهم الصين حكومة بريطانيا بنقض معاهدات واتفاقيات تجارية مع الصين ، ولا يزال السجال والمناكفات الإعلامية والسياسية مستمرة. وأظن أن هذه الاتهامات والمناوشات السياسية والإعلامية سوف تستمر خلال الأيام والشهور القادمة . كما أن سلسلة العقوبات الاقتصادية الأمريكية والبريطانية على حكومة الصين سوف تزداد خلال الفترة القادمة. والحرب الدبلومسية على وشك أن تبدأ ، وما إغلاق القنصلية الصينية في هوستن الأمريكية ، ورد الصين بإغلاق إحدى القنصليات الأمريكية في الصين ، إلا بداية المعركة الدبلوماسية ، وربما تحذوا بريطانيا حذو أمريكا بإغلاق القنصلية الصينية، وربما يتطور الأمر إلى سحب السفراء!!. ولكي نستطيع قراءة ما ستأول إليه الأوضاع بين الشرق والغرب علينا العودة إلى الوراء قليلاً ، لكي تكون لدينا صورة أكثر وضوحاً عن صراع الشرق والغرب. وتحديداً من العام 1840 م عندما نشبت الحرب الإقتصادية بين الصين وبريطانيا والتي عُرفتْ بحرب الأفيون ، عندما استطاعت بريطانيا تدمير الإقتصاد الصيني في ذلك الوقت إبّان الحكم الملكي. ومانتج عن تلك الحرب من تداعيات إقتصادية وإجتماعية وسياسية أفضت إلى وصول الجيش الأحمر للحكم وولادة جمهورية الصين الشعبية ، بقيادة الحزب الشيوعي الصيني الذي لايزال يقود الصين إلى هذه اللحظة. ولم تتوقف التدخلات الغربية في الصين عند هذا الحد بل استمرت بحلحلة المنظومة الإشتراكية سواءً في الصين أو الإتحاد السوفيتي وساعدتها الخلافات الداخلي على الحكم في الصين واندلاع الحرب الأهلية الصينية بعد حرب الصين واليابان في الحرب العالمية الثانية في عام 1949. وما إن بدأت الصين تتعافى من تلك الجراح حتى انهار وتفكك الإتحاد السوفيتي في 1990. مما أثر بشكل كبير على الصين التي كانت تعاني اقتصادياً وسياسياً بسبب تفكك المنظومة الإشتراكية من جهه ، وبسبب التغلل الغربي في مفاصلها الإقتصادية والإجتماعية من جهة أخرى. وهاهي اليوم وبعد ٣٠ عاماً من تفكك المنظومة الإشتراكية تحاول أن تشق طريقها في التنمية الإقتصادية والإجتماعية بل أنها لم تُخْفِ مطامعها السياسية برغبتها في قيادة العالم إقتصادياً وهو مالم ولن تسمح به دول الغرب وخاصة أمريكا وبريطانيا حتى لو اضطر الغرب لاستعمال القوة كما حدث مع اليابان في الحرب العالمية الثانية. ومن وجهة نظري الشخصية أن الصين لن تستسلم بسهولة ولن ترضخ لمطالب الغرب بغض النظر عن كون تلك المطالب مشروعة أو غير مشروعة. ولا أتوقع أن تؤثر العقوبات الاقتصادية الأمريكية والبريطانية على حكومة الصين ولن تثنيها عن خططها الإقتصادية وتمدّدها سيما وأن الإقتصاد الصيني حالياً في أوج نشاطه ، كذلك فإن الكثير من دول أوروبا بالإضافة إلى دول آسيا وإفريقيا متعطشة للمارد الصيني ومنتجاته الإستهلاكية والزراعية وبأسعار زهيدة بالإضافة إلى منتجاته التقنية والإلكترونية في شتى مجالات الحياة . ومما لاشك فيه أن هذا الإنتاج الصيني يهدد الشركات الأمريكية والبريطانية تهديداً مباشراً وغير مباشر ، ولن تستطيع الشركات الغربية مجارات المنتجات الصينية مما يعني سقوطها اقتصادياً وخروجها عن الخدمة!! وفي نهاية المطاف فليس هناك سوى المواجهة المباشرة ووءد التنين الصيني عسكرياً لكن السؤال الذي يطرح نفسه *هل سوف تنتظر الصين الضربة الغربية*؟ من وجهة نظري الشخصية أن الصين تلعب مع الغرب على عامل الزمن ، فالوقت من الآن ولمدة ستة شهور وربما إلى سنة ليس وقت المواجهة الحقيقية. فبريطانيا الآن وضعها مشتت مع الإتحاد الأوروبي ولم تنهي إجراءات البريكست أو الخروج وأمريكا تنتظر إنتخابات رئاسية ثم برلمانية وتجديد مجلس الشيوخ. ولن تنتهي من هذه الإجراءات قبل منتصف 2021 . ثم تنتظر من يفوز في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية ؟ وفي حالة فوز ترامب والتجديد له بولاية ثانية فإن الحرب مع الصين واقعة لامحالة. أما إذا خسر ترامب فإن الحرب سوف يتم تأجيلها. ولكن ربما يفعلها ترامب ويلغي الإنتخابات الأمريكية بسبب الحرب إذا ما شن حرباً عسكرية على الصين قبل موعد الإنتخابات. ولكن أنا أستبعد هذا السيناريو لأن الحرب على الصين تحتاج إستعداد تام وتحالف قوي وهذا مفقود في الوقت الحاضر . وتصريح وزير الخارجية بومبيو الذي أدلى به من لندن بعد عقد مؤتمراً صحفياً مع نظيره البريطاني ، يؤكد أن موضوع التحالف لازال في طور الإعداد إلا أن يكون تصريحه مجرد خدعه عسكرية للصين. ويبقى السؤال قائماً .... هل يمكن خداع الصين؟؟ وهل يفعلها الغرب مرة أخرى ويعيق الشرق من التقدم؟ أم أن المارد الصيني هذه المرة له رأى آخر!!!؟ ننتظر ونراقب الأحداث وما تأول إليه الأوضاع ، ولكن في هذه الفترة علينا أن نكون حريصين كل الحرص في متابعتنا الإعلامية وتوخي الحذر من الانجرار خلف الإشاعات الإعلامية سواءً كانت شرقية أو غربية ، فقضية المسلمين الايغور في الصين سوف تُستخدم سياسياً ، كما أن كورونا وما يتعلق بها سوف يتم توظيفه إعلامياً لخدمة مصالح شرقية أو غربية وحتى المنتجات الإستهلاكية والتقنية سوف تخضع للمناكفات والاتهامات . فلنكن حذرين عند التعاطي مع ماتردده وسائل الإعلام سواءً كانت شرقية أو غربية.
مشاركة :