قدرت منظمة التجارة العالمية، القيمة التجارية التراكمية للتدابير التقييدية المفروضة على الواردات التي نفذت منذ 2009، ولا تزال سارية، بنحو 1.7 تريليون دولار أو 8.7 في المائة من الواردات العالمية. وقد نما هذا الرقم باطراد منذ 2009، من ناحيتي القيمة والنسبة المئوية من الواردات العالمية.ونفذت الدول الأعضاء في المنظمة 363 تدبيرا جديدا في مجال التجارة أو متصلا بالتجارة خلال ستة أشهر، منها 198 تدبيرا لتيسير التجارة و165 تدبيرا تقييديا، فيما يرتبط 256 تدبيرا (نحو 71 في المائة) بوباء "كوفيد - 19".ورغم ذلك تمثل هذه الأرقام في منظمة التجارة، التي تغطي الفترة بين منتصف (كتوبر) 2019 ومنتصف (مايو) 2020، "تحولا نحو تيسير الاستيراد".وقالت المنظمة في تقرير إن حصة كبيرة من التجارة العالمية ما زالت تتأثر بإجراءات جديدة ومتراكمة تقيد الواردات، "وهو ما يدعو إلى القلق" في الوقت الذي ستحتاج فيه اقتصادات العالم إلى إعادة بناء التجارة من آثار أزمة "كوفيد - 19".وأضافت أن الأعضاء قدموا أيضا تدابير لتسهيل الاستيراد على نطاق مثير للإعجاب، وبدأوا في تقليص القيود التجارية التي تم فرضها في وقت مبكر من أزمة هذا الوباء.ويشير التقرير - تم استعراضه في اجتماع لهيئة مراجعة السياسات التجارية - إلى أنه خلال الأشهر الستة هذه، تم تنفيذ 56 إجراء جديدا تقييديا للتجارة لا علاقة لها بالوباء تضمنت بشكل رئيس زيادة التعريفات الجمركية وحظر الاستيراد ورسوم على الصادرات وإجراءات جمركية أكثر صرامة للصادرات.وبلغت قيمة القيود الجديدة على استيراد البضائع 423.1 مليار دولار، وهي ثالث أعلى قيمة منذ (أكتوبر) 2012.ومع بقاء القيود التجارية واسعة الانتشار، يجد التقرير أيضا أدلة على تحرك أعضاء المنظمة نحو سياسات تيسير التجارة، بتنفيذ 51 تدبيرا جديدا ميسرا للتجارة لا علاقة لها بالوباء. تشمل هذه التدابير أساسا إلغاء أو تخفيض التعريفات الجمركية على الواردات، وإلغاء الضرائب المفروضة على الواردات، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وخفض رسوم التصدير.وقدرت التغطية التجارية لتدابير تيسير الاستيراد غير المرتبطة بـ"كوفيد - 19" بمبلغ 739.4 مليار دولار، وهو أعلى بكثير من 544.7 مليار دولار المسجلة خلال الأشهر الستة السابقة (من منتصف (مايو) إلى منتصف (أكتوبر) 2019) وهو ثاني أعلى رقم منذ (أكتوبر) 2012.تلاحظ المنظمة أنه في أوائل أيار (مايو)، بدأ بعض الأعضاء في التخلص التدريجي من قيود التصدير، مستهدفين منتجات مثل الأقنعة الجراحية والقفازات والأدوية والمطهرات. كما حصل تراجع عن التدابير التجارية الأخرى التي اتخذت في المراحل الأولى من الوباء حيث تم إلغاء نحو 28 في المائة من التدابير التقييدية للتجارة التي نفذها الأعضاء.والتقرير الذي أعد على خلفية "كوفيد - 19"، لا يعكس تماما بعد الأثر الكامل للوباء على التجارة "المتوقع أن يكون كبيرا جدا". ووفقا لبيانات المنظمة في (يونيو) الماضي، تشير تقديرات الربع الثاني من 2020 إلى انخفاض سنوي في التجارة العالمية 18 في المائة تقريبا.ما يتعلق بتدابير الدعم الاقتصادي العامة، لم يبلغ بهذه التدابير سوى 21 في المائة من أعضاء المنظمة. ومن هذه المعلومات المحدودة، والبحوث التي أجرتها، أكدت المنظمة أن الأعضاء يواصلون تنفيذ هذه التدابير كجزء من سياساتهم التجارية الشاملة.وعموما، لمنظمة التجارة رؤيتان للأزمة، إحداهما متفائلة نسبيا والأخرى أكثر تشاؤما. في ظل الرؤية المتفائلة، سينخفض حجم التجارة العالمية للبضائع 12.9 في المائة وسينخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي 2.5 في المائة.في الرؤية المتشائمة، ستتقلص التجارة 31.9 في المائة ويتقلص الناتج المحلي الإجمالي 8.8 في المائة، غير أن في منتصف (يونيو)، كانت البيانات التجارية الأولية والمؤشرات المتصلة بالتجارة للنصف الأول من 2020 أكثر اتساقا مع الرؤية المتفائلة منها المتشائمة، لكن النتائج الفعلية يمكن أن تقع بسهولة داخل نطاق التنبؤات أو حتى خارجه، تبعا لكيفية تطور الأزمة.وشهدت الفترة المشمولة بالاستعراض عددا غير مسبوق من تدابير الدعم في حالات الطوارئ التي أدخلها الأعضاء استجابة للاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن "كوفيد - 19". معظم هذه التدابير ذات طابع مؤقت، وتشمل المنح، والتدابير النقدية والمالية، والتدابير التي تستهدف المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والقروض، وضمانات الائتمان، ومجموعات الحوافز. كانت عدة تدابير منح لمرة واحدة في حين تضمنت تدابير أخرى صرف دفعات على مدى بضعة أشهر وما يصل إلى ثلاثة أعوام. وتشكل بعض هذه التدابير جزءا من برامج إنقاذ طارئة أكبر تبلغ قيمتها عدة تريليونات من الدولارات.وكحقيقة قائمة، بدأت التجارة العالمية تتباطأ بالفعل قبل أن يضرب الوباء، ويثقل كاهلها تصاعد التوترات التجارية وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. وانخفضت تجارة السلع 0.1 في المائة من حيث الحجم في 2019، في أول انخفاض منذ 2009. كما تباطأ نمو التجارة بالقيمة الاسمية في 2019، حيث انخفضت قيمة صادرات البضائع – بالدولار - 3 في المائة إلى 18.89 تريليون دولار.على الرغم من أن صادرات الخدمات التجارية ارتفعت 2 في المائة إلى 6.03 تريليون دولار في 2019، فقد انخفضت وتيرة النمو بشكل حاد من 9 في المائة في العام السابق.
مشاركة :