تأثرت كثيرا بمشاهدة وقراءة كلمات الرثاء والتقدير للأسطورة الإنجليزية جاك تشارلتون بعد وفاته، وكان من المحزن للغاية أن أعرف بوفاة هذا الرجل العظيم. لكن بشكل عام، عندما أفكر في جاك فإن ذلك يرسم الابتسامة على وجهي، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه جعلني أعيش أفضل لحظات حياتي في كرة القدم مع منتخب جمهورية آيرلندا، كما أنه كان شخصية رائعة يحب المرء دائما أن يكون بصحبتها.لقد كان جاك مرحا للغاية، لكنه ربما لم يكن هو نفسه يدرك ذلك في بعض الأحيان. وكنت أحب دائما أن أكون معه عندما يكون في حالة مزاجية جيدة. ومع ذلك، كان جاك يمتلك شخصية قوية، وكان قادرا على اتخاذ القرارات الصعبة والدفاع عن وجهة نظره باستماتة، كما كان قائدا عظيما. وقبل تعيين جاك كمدير فني لمنتخب آيرلندا عام 1986. كان لدينا لاعبون جيدون جداً لكننا كنا نفتقر للقائد القادر على توجيهنا نحو الاتجاه الصحيح، ولم نكن نشارك في المنافسات والبطولات الكبرى. لكن عندما جاء إلينا جعلنا فريقا قويا يؤمن بقدرته على هزيمة أي منافس.لم أنضم لقائمة منتخب آيرلندا في بعض المباريات القليلة فور توليه المسؤولية نظرا لأنني كنت مصابا، لكن عندما عدت من الإصابة وانضممت للفريق أدركت على الفور أنه يمتلك رؤية واضحة وأفكارا يسعى لتطبيقها، وكان يحدثنا بكل صراحة عن ذلك الأمر. لقد كان يعرف جيدا النظام الذي يريد تطبيقه، وكان يضم اللاعبين الذين تتناسب قدراتهم مع هذه الطريقة ويستبعد أي لاعب، مهما كانت نجوميته، إذا كان لا يناسب هذه الطريقة – حتى لو كان هذا اللاعب هو النجم الشهير ليام برادي!وكان يركز في التدريبات بصورة أساسية على الكيفية التي نريد أن نلعب بها، وكان يعتمد على الكرات الطويلة. وقال النقاد إنه كان يمتلك مجموعة مميزة للغاية من اللاعبين في تلك الفترة وكان يمكنه اللعب بطريقة مختلفة من أجل استغلال قدراتهم وإمكانياتهم، لكننا في الحقيقة جربنا ذلك من قبل ولم نحقق النتائج المرجوة، وبالتالي كنا مستعدين للعب بالطريقة التي يريد جاك تطبيقها. وما أغفله النقاد أيضاً هو أنه عندما يكون لديك ستيف ستونتون على الناحية اليسرى، وكريس هيوتون أو دينيس إيروين في مركز الظهير الأيمن، فإن الكرات الطويلة كانت تتسم بالدقة الشديدة.لم يكن جاك يحب أن يغامر اللاعبون عندما تكون الكرة في حوزتهم في نصف ملعبنا، وكان يقول «دعونا ننقل الكرة بسرعة إلى نصف ملعب الفريق المنافس». وعلى مدى فترة من الزمن، لم تكن تتاح لنا الكثير من الفرص أمام المرمى وكنا نعتمد في المقام الأول على الكرات الطويلة.بدأنا نحقق الفوز من خلال مفاجأة الفرق المنافسة واستخلاص الكرات في نصف ملعبها، ولم يكن ذلك شيئا مألوفا في ذلك الوقت. في الحقيقة، لا أعتقد أن جاك قد حصل على التقدير الذي يستحقه كمدير فني، فقد كان مديرا فنيا بارعا. يتحدث الناس الآن عن الضغط العالي الذي يطبقه المدير الفني لليفربول يورغن كلوب، والمدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا، والكيفية التي يتمكن بها فريقيهما من استخلاص الكرات بسرعة من الفريق المنافس، لكن جاك كان يجعلنا نقوم بهذا الأمر منذ فترة طويلة. كانت المنتخبات تحب بناء الهجمات من الخلف، لكنها لم تكن قادرة على اللعب بنفس الطريقة أمامنا، وعندما بدأنا نحقق الفوز بدأنا نكتسب ثقة كبيرة.ويعود جزء كبير من نجاحنا في تلك الفترة أيضا إلى العلاقة الجيدة بين جاك ولاعبيه. وفي الحقيقة، كنت محظوظاً لأنني كنت جزءاً من فريق إيفرتون خلال الفترة التي كان يحقق فيها نتائج رائعة، وكانت العلاقة بين اللاعبين ممتازة أيضا. وكان نفس الأمر موجودا في منتخب آيرلندا أيضا، وكان جميع اللاعبين يحبون فترة انضمامهم لصفوف المنتخب لأنهم كانوا يقضون وقتا ممتعا.لقد كان جاك يتركنا نتحدث سويا ونتواصل اجتماعيا في الأوقات المناسبة، لكنه كان يتأكد من أننا نستعد للمباريات بشكل صحيح. وعلاوة على ذلك، كانت العلاقة بيننا وبين الجمهور رائعة، وكنا نلعب وكأننا «فريق الشعب». عندما كنا نصل من أنديتنا للانضمام لمعسكر المنتخب كنا نتحدث سويا ونستمتع كثيرا بمثل هذه الأوقات، كما كنا نختلط بالجمهور ونتفاعل معه. كنا نتدرب يومي الاثنين والثلاثاء ونلعب يوم الأربعاء.وتحت قيادة جاك، لم نكن نعيش في عزلة أثناء المعسكرات على الإطلاق، بل كان يمكن للجمهور أن يتجول بيننا ويتحدث معنا ونوقع له على أوتوغرافات. لقد كان جاك يحب هذه البيئة المفتوحة، ولم يكن يرغب في أن يشعر أي شخص بأنه محاصر أو معزول. لقد كان حريصا على أن يجعل الجميع يشعرون بالراحة، لذلك عندما كنا ننزل إلى أرض الملعب كنا نقدم أفضل ما لدينا. وكان الفوز على إنجلترا في نهائيات كأس الأمم الأوروبية عام 1988 بمثابة لحظة رائعة بالنسبة لنا، وأعتقد أن جاك كان سعيدا بذلك رغم أنه تسبب في خسارة منتخب بلاده. من المؤكد أنه كان يتعرض لضغوط كبيرة قبل المباراة نظرا لأنه إنجليزي، وبالتالي كان متوترا خلال تلك الفترة، لكنه استمتع بهذا الانتصار على أي حال.وعندما عدنا من كأس الأمم الأوروبية عام 1988، احتفلنا بين الجماهير في حافلة مكشوفة وحظينا باستقبال رائع، لكن رد الفعل بعد وصولنا إلى ربع نهائي كأس العالم عام 1990 كان مختلفا تماما. لقد مررت بواحدة من أفضل اللحظات في مسيرتي الكروية عندما سجلت أول هدف لآيرلندا في كأس العالم في المباراة التي انتهت بالتعادل أمام إنجلترا بهدف لكل فريق في المباراة الافتتاحية، وكان الاحتفال في حافلة مكشوفة في دبلن لدى عودتنا بمثابة أمر لا يصدق.لقد كان جاك محبوباً من الجميع، وكان يستمتع بشعبيته الجارفة أنه كان يحب الناس. ورغم بذلك، كان متواضعا للغاية، ولم أسمعه ذات مرة يتفاخر بأنه فاز بلقب كأس العالم مع المنتخب الإنجليزي عام 1966. ولم يكن من نوعية المديرين الفنيين الذين يقولون للاعبين: «لقد فعلت هذا، ونجحت في الحصول على ذلك». لكن كان لديه الوقت للاستماع للجميع، وكان سعيداً دائماً بتوقيع الأوتوغرافات أو الحديث مع الجمهور. وكان يذهب إلى جميع أنحاء آيرلندا للصيد وكان له تأثير كبير على الجميع هناك. (خاض كيفين شيدي 46 مباراة دولية مع منتخب جمهورية آيرلندا خلال الفترة بين عامي 1984 و1993).
مشاركة :