حوارات من الصمت دارت بين نفسه وبين الصمت وصمت العالم .. هذا مايقوله عن نفسه الفنان مجدى الكفراوى أحد أهم الفنانين التشكيلين فى الوسط الفنى وله ريشة مميزة وخاصة حيث بامكانك بمجرد النظر للوحات أن تعرف أن من رسمها يميل للرسومات الكبيرة غالبا ورسم الوجوه تحديدا وخاصة وجوه النساء وملامحهن ودائما نساؤه قويات لهن عيون معبرة عن التحدى والصمود والرغبة والارادة حتى وأن كانت فلاحة بسيطة أو امرأة عجوز نساء الكفراوى ينطقن بالحياة ، مجدى الكفراوى من مواليد الغربية 1980 وعاش فترة طويلة فى بلدته التى أثرت عليه وتكوينه الفنى وعلى أخلاقه التى تتسم بريفية الطباع الراقية حيث يرتسم على ملامحه الخجل اذا ما فاجأته بمديح ولا يرى الشر فى نفوس الناس بقدر ما يرى الخير لن ترى فنانا تشكيليا بالمواصفات السينمائية الشهيرة حيث الشعر الطويل واللحية المنبتة والملابس المتسخة بالالوان أو ذات اختلاف خاص كأعلان على انه فنان ومميز بل على العكس سترى شخصا عاديا يثبت أن الفن أصيل فى الانسان وليس شيئا غريبا ومختلفا . قال عنه الفنان التشكيلى الكبير عز الدين نجيب ان التجريب فى لوحاته المختلفة تفاوتت مستوياته ومذاقها من لوحة إلى أخرى وقد نراه يجمع أحيانا فى اللوحة الواحدة عدة أساليب بين تصوير الوجه بحس تعبيرى قوى وتصوير الجسم والملابس بحس واقعى مباشر وقد نجده يختزل ملامح الوجه حتى الوصول به إلى مشارف التجريد ، فيما تبقى بعض الآثار الزخرفيه أو الأكاديميه من تجاربه القديمة فى بقية اللوحة وثمة لوحات أشعر أنها أتت بكامل هيئتها الواقعية من معارضه السابقة مثل لوحة الفتاة الواقفة فى فتحة الباب مكسوة بلون أزرق قمرى فى جو رومانسى حالم ، بخلاف ماقد يتسلل إلى بعض لوحاته الأخرى من مرحلة الحلول الزخرفية والشعبية عبر أشكال هندسية مثل المثلث والمربع والدائرة . ويشير الفنان التشكيلى الكبير أيضا عصمت داوستاشى إلى أن وجوه مجدى الكفراوى تتسم بحس تعبيرى يتجه ببطء الى التجريد ولعل هذه المعالجة هى التى ستبلور مرحلته القادمة متخلصا من الزخرفية الشعبية التى نراها فى موضوعاته الأخرى وسيكون عرض هذه الأعمال ورؤيتها مجتمعة بنظرة شاملة للفنان مدخلا لمرحلته الجديدة القادمة التعبيرية التجريدية . – لماذا يغلب على لوحاتك طابع الصمت وتبدو فعلا وكأن الشخوص صامته ؟ فى صغرى كنت اتبعه فى كل مكان كنت أهواه ولما أشتد عودى احترفته التقط أصواته أميز الحاد منها والغليظ كنت أشعر أنه يخاطبنى بشكل خاص ومميز ويرينى خباياه ويذيقنى طعومه المختلفه. – هل تعتقد ان هناك علاقة خاصة بينك وبين الصمت ؟ الصمت صديقى الذى أنارت حوارته حياتى، كنت قبله أسبح ولما احترفت سماعه علمنى الغوص عميقا معه أكتشفت أن الضوء أطياف وأن اللون درجات من النغم وان المساحة لغة من تفاصيل متجاورة تربطها اللذة . – ولماذا يغلب على رسوماتك الوجوه ؟ تعمقت العلاقة بيننا أكثر وأكثر حتى صار الصمت يشير الى ذاته فى الوجوه التى تجاورنى فى الحياة يتجلى فى تفاصيل حتى عندما كان الصخب يملا الشوارع يعلن عن ذاته فى وقع أقدام المارة من حولى يملأ مقاعد المقاهى بالكلام ايدى الناس تعلو وتنخفض أفواههم تتحرك لكننى كنت اسمع الصمت فى عيونهم سرحانهم تأملهم ملامحهم فى أكوابهم أسمع التفاتاتهم وتعرجات الشعر وخطوات الزمن على الوجوه. – ما الذى يجعل للأنثى هذه الأهمية فى لوحاتك ؟ السيدات أمهر من يتحدث صوتا وأقوى من يعبر صمتا ، صارت الوجوه كشاكيل تروى حيوات وتجارب كائنات الصمت تسرح فى خلفيات كل المشاهد صرت لا أرى الأزرق زرقة أراه تفاصيل الأحمر المحه وهو يتشكل ومع كل درجة يخطوها نحو الاسود لغز يتعقد وفى كل قفزة يقفزها نحو الابيض اغنية تمر . – ألوانك صادمة وصريحة وحادة مهما ان كان اللون رقيق كيف تتعامل مع ألوان بهذه الحدة مع لوحات تخرج منها التفاصيل بهذه الرقة ؟ أننى دائما أتساءل هل شكل الله الألوان ثم منها خلق العالم ؟ أم أن العالم أكتسب ألوانه من حوارات صمته ؟ ساعات من مراقبة الاخضر فى زروع قريتنا يتشكل من اصفر الشمس وازرق الماء وأسود الأرض ؟ – ماهو الإلهام الذى تعتمد عليه للدخول فى لوحة جديدة؟ أننى أقضى ساعات من متابعة البشر فى الحقول وعلى محطات القطارات ، ومن نوافذ الحافلات وشبابيك المنازل المجاورة فى المدينة، وعلى مقاعد المقاهى وأمام المحال وعربات البضائع وفى أحلامى .
مشاركة :