في مثل هذا اليوم 27 يوليو 1956 وضعت القيادة العسكرية الإنجليزية الخطة 700 للهجوم على مصر وذلك بعد قيام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، وذلك عندما قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اتخاذ قرار هام وحاسم بشأن تأميم قناة السويس وكان لهذا القرار ردود فعل دولية عنيفة وعواقب وخيمة على مصر.وبالفعل لم ينتظر كثيرا حيث خرجت الحكومة البريطانية في اليوم التالي لقرار التأميم لتعلن عن اتخاذها قرارا بتنفيذ الخطة ٧٠٠ لضرب مصر وسرعان ماانضمت إليها فرنسا وتحالفات معهما إسرائيل للقضاء على نظام عبد الناصر، ووضعت بريطانيا الخطة منفردة قبل ان تشترك مع فرنسا وقبل أن تتواطئ الإثنتان مع إسرائيل لتوجيه ضربة سريعة وحاسمة للقضاء على نظام الحكم بقيادة عبد الناصر في مصر بعد إعلان تأميم قناة السويس.بدأ هجوم إنجلترا وفرنسا وإسرائيل في 29 من أكتوبر سنة 1956 وقد سبقته ولحقته معارك سياسية بدأت مباشرة بعد إعلان قرار تأميم قناة السويس يوم26 يوليو 1956 واستمرت حتى جلاء القوات المعتدية في 22 من ديسمبر 1956 وبهذا تكون هذه الحرب قد استغرقت 150 يوما كاملة.وكانت الخطة 700 تتلخص في غزو بحري بريطاني للإسكندرية كمقدمة لاحتلال القاهرة وبذلك يسقط الحكم القائم في مصر بعد تدمير القوات المصرية في معركة على الاتجاه الإستراتيجي الإسكندرية – القاهرة ولكن هذه الخطة كانت تعني احتلال مصر كلها لحماية وتأمين القناة لكنها قضت تماما على آمال السياسيين البريطانيين بزعامة أنتوني إيدن في توجيه ضربة سريعة وحاسمة للقضاء على نظام الحكم في مصر ولم يكن من المستغرب أن يرفض إيدن هذه الخطة تماما عندما عرضت عليه يوم 8 أغسطس ولم يبق أمامه بعدئذ إلا قبول شركاء آخرين يقومون معه بالعمل المشترك الذي يأمل من ورائه تحقيق عامل السرعة والحسم فكان أن وافق على إشراك الفرنسيين وظهرت للوجود الخطة الثانية المسماة الخطة هاميلكار.عندما إتصل جي مولييه رئيس الحكومة الفرنسية بأنتوني إيدن بعد إعلان مصر للتأميم أظهر الفرنسيون الحماسة والإندفاع لمهاجمة مصر مثل البريطانيين وكان هدفهم هو ضرب الثورة الجزائرية في مصر وعلى ذلك تقرر منذ اللحظة الأولى القيام بعمل فرنسي بريطاني مشترك ضد مصر.وعندما شعر المسئولون البريطانيون بعدم التأييد الأمريكي لعمليتهم المنتظرة بدأ التخطيط البريطاني الفرنسي للعملية ووصل بعض القادة العسكريين من فرنسا وهكذا وجدت لجنة التخطيط المشتركة.وعرضت فرنسا على بريطانيا إشراك إسرائيل في الغزو ولكن إيدن رفض الفكرة تماما ولم يقبل مشاركة إسرائيل كحليف في هذا العمل، وفي يوم 31 يوليو بدأت لجنة التخطيط المشتركة عملها حيث لم يكن قد تم بعد الإتفاق على إنشاء قيادة مشتركة وفي هذا التوقيت تقدم العسكريون البريطانيون إلى الفرنسيين بأول خطة حربية وضعوها وهي الخطة 700 التي تهدف إلى غزو مصر من الإسكندرية.وقد وافق عليها الفرنسيون كما تم إتفاق الطرفين على بحث عدة نقاط منها، "تخصيص القوات من الجانبين، وقدر مجموع القوات المخصصة من جانب البريطانيين نحو 45000 جندي و12000 مركبة و300 طائرة و135 سفينة حربية منها 5 حاملات طائرات و5 طرادات.وبلغ مجموع القوات المخصصة من جانب الفرنسيين نحو 43000 جندي عدا أفراد الطيران والبحرية و9000 مركبة و200 طائرة و30 سفينة حربية منها حاملتا طائرات وبارجة واحدة و3 طرادات.والقوات البريطانية لا تفوق القوات الفرنسية كثيرا في تكوين القوات البرية ولكنها تزيد عليها بشكل واضح في القوات الجوية وخاصة في القاذفات النفاثة التي لم تكن فرنسا تمتلك منها شيئا وكذا في القوات البحرية.والاتفاق الثاني كان تخصيص واستخدام قواعد الهجوم نظرا لعدم إمكان استخدام القواعد الموجودة في الدول العربية المجاورة وكذا القواعد الموجودة في حلف الأطلنطي القريبة، فلم يبق صالحا لعملية حشد القوات المهاجمة وتجميعها ثم توجيهها إلى الشواطيء المصرية سوى قاعدتين بالبحر المتوسط هما:قاعدة قبرص والتي تعتبر اقرب قاعدة للسواحل المصرية إذ تبعد عنها مسيرة يوم واحد بالإسطول إلا أن موانئها صغيرة وغير مجهزة وليس بها سوى مينائين صغيريين هما فاماجوستا وليماسول، وهما غير صالحين لرسو السفن الكبيرة التي تزيد على 5000 طن كما أن قبرص لاتتوفر بها مساحة كبيرة لإستقبال قوات الغزو الضخمة التي ستكون مهددة بأعمال حرب عصابات من القبرصيين الثائرين وقتئذ ضد الاحتلال البريطاني.وقاعدة مالطة حيث كانت هي القاعدة الثانية بعد قبرص ولكنها تبعد 936 ميلا بحريا عن الشاطيء المصري وهي مسافة تقطعها السفن الحربية في أربعة أيام.ورغم أن الميناء بها جيد فإن الجزيرة نفسها صغيرة جدا ولايمكن حشد كل معدات وقوات الغزو بها فضلا عن عدم وجود مساحة كافية لأغراض التدريب، ونظرا لأن القاعدتين كانتا تتبعان بريطانيا في ذلك الوقت فقد أتفق على تخصيص قبرص للقوات الفرنسية كما خصصت مالطة للقوات البريطانية.وكان ذلك يتطلب توقيتات دقيقة ومعقدة عند شن الحرب لكي يتلاقى الأسطولان الفرنسي والبريطاني في نقطة واحدة بالبحر المتوسط لكي يوجها هجومهما البحري معا كما صار من اللازم أن يصدر الأمر للقوات المهاجمة بالتحرك قبل يوم الغزو بأربعة أيام على الأقل.وكان تحرك القوات البريطانية من مالطة في نفس التوقيت الذي تحركت فيه القوات الإسرائيلية لبدأ هجومها على سيناء من أهم العوامل في كشف التواطؤ مع إسرائيل.ونظرا لبعد هذه القواعد البحرية عن مصر فقد إضطرت بريطانيا وفرنسا إلى استخدام حاملات الطائرات ومطارات إسرائيل كي تقوم الطائرات منها بغاراتها الجوية على القوات والمطارات المصرية سواء لصالح الخطة الإسرائيلية " قادش".وتم الإتفاق بين البريطانيين والفرنسيين على تشكيل قيادة مشتركة على أن يكون القائد العام بريطانيا مع إتباع استخدام نائب فرنسي لكل قائد بريطاني في كل فرع من أفرع العمليات والخدمات .
مشاركة :