الشعر يجمعنا.. أغار لـ أنسي الحاج

  • 7/28/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللا متناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.واليوم ننشر قصيدة بعنوان "أغار" للشاعر اللبناني أنسي الحاج."أغار" أغارُ عليكِ من الطفل الذي كُنتِ ستلدينه لي.من المرآة التي ترسل لكِ تهديدكِ بجمالكِ.من شُعوري بالنقص أمامكِ.من حُبّكِ لي.من فنائيَ فيكِ.ممّا أكتب عنكِ كأنّني أرتكب فضيحة.من العذاب الذي أُعانيه فيكِ، من العذاب الأكثر بلاغةً من المتعذّبين.من صوتكِ من نومكِ من وضع يدكِ في يدي.من لفظ اسمكِ.من جهل الآخرين أنّي أحبّكِ، من معرفة الآخرين أنّي أُحبّكِ،من جهل الآخرين أنّي أغار عليكِ،من معرفة الآخرين أنّي أغار عليكِ.من سعادتي بكِ، من سعادتكِ بأيّ شيء، من وجودكِ حُرّةًمن وجودكِ عَبْدَةًمن وجودكِ لحظةً.أغار عليكِ من غَيرتي عليكِ.من أوّل مساء.من عطائكِ لي.من تعلُّقي بكِ أشَدّ أشَدّ.أغار عليكِ لأنّك تقرأينني وأنا أريد أن تحفظيني.لأنّكِ قد تحفظينني وتحفظين سواي.لأنّي لا أرى غيرَ حَمْقى،لأنّي لا أرى غيرَ أذكياء.لأنّي أُحاصركِ وأتعهّدكِ كالوحش.لأنّ حُبّي يخنقكِ.أغار عليكِ ممّا أشتهيكِ أنْ تكوني، وممّا تشتهين أنْ تكوني، وممّا لا تقدرين أن تكوني.من المرأة لأنّكِ امرأةٌ ومن الرجل لأنّه يراكِ.من الجنس لأنّه حتّى يعود يجب أن يتوقّف.من كُلّ ما سيكسره نظركِ.أغار عليكِ لأنّي خَطَبْتكِ جاهلًا عددَكِ.لأني أخنقكِ بحُبّي وأنت لا تقدرين أنْ تُحبّيني وأنتِ مخنوقةٌ بحُبّي.لأنّي ساخطٌ لأنّكِ أجملُ النساء.لأنّي أمدحكِ فأخاف أنْ تسمعي في مديحي أصواتَ آخرين.أغار عليكِ من الأشياء التي يكبر فرحكِ بها لأنّكِ تُحبّينني.من نبوغ جسدكِ.من عابري السبيل ومن الذين جاؤوا ليبقوا ومن الأبطال والشهداء والفنّانين.من إخوتي وأولادي وأصدقائي.من الأقوياء لأنّهم يأخذون الإعجاب ومن الضعفاء لأنّهم يبدءون بأخذ الشفقة.من لبوءة الرجاء النائمة.من الأنغام والأزهار والأقمشة.من انتظار النهار لكِ، ومن انتظاركِ اللّيل.من أقصى الماضي إلى أقصى الماضي.من الكُتب والهدايا ومن لسانكِ في فمي.من إخلاصي لكِ فُرادى وجماعات.من الموت.أغار عليكِ أجَنَّ أجَنَّ كلّما تضايقتِ من غَيْرتي عليكِ.أغار عليكِ من جميع الأعداء ومن جميع الحلفاء.من الحياة الرائعة التي نقدرأنْ نعيش.من ورق الخريف الذي قد يسقط عليكِ.من الماء الذي يَتوقع أنْ تشربيه.من الصيف الذي تخترعينه بعُرْيكِ.من الطفل الذي كُنتِ ستلدينه لي.من الطفل الذي لن تلديه أبدًا.

مشاركة :