آثر لارس فيلد رئيس "حكماء الاقتصاد" في ألمانيا الحيطة في التوقعات، بشأن النمو الاقتصادي في البلاد. وعلى خلفية مؤشرات مبكرة إيجابية، قال فيلد في تصريحات لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية أمس "التعافي الاقتصادي في ألمانيا كبير"، محذرا في المقابل من النشوة المبكرة. وبحسب "الألمانية"، أوضح أن طريق الخروج من الركود طويل عقب تراجع حاد في الأداء الاقتصادي في شهري نيسان (أبريل) وأيار (مايو) الماضيين، مضيفا "كيفية استمرار التعافي تعتمد إلى حد كبير على وضع العدوى، إذا ارتفع عدد الإصابات الجديدة بالفيروس بشكل كبير، فإن ذلك قد يؤدي إلى قيود جديدة تتسبب في إبطاء التعافي". وذكر فيلد أن ما يثير التفكير هو تشديد الإجراءات في سويسرا والنمسا وفرنسا، حيث تم التراجع عن الفتح جزئيا، موضحا أن المثير للقلق على نحو أكبر هو الوضع في الولايات المتحدة، مضيفا "سيكون له تأثير في اقتصاد التصدير.. أوصي لذلك باستمرار الحذر في التوقعات الاقتصادية". من جهته، توقع البنك المركزي الألماني تراجع الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا خلال الربع الثاني من هذا العام إلى أدنى مستوى له منذ بدء الإحصاء ربع السنوي عام 1970. ومن المنتظر أن يعلن المكتب الاتحادي للإحصاء بعد غد بياناته الأولية عن التطور الاقتصادي في الفترة الزمنية من نيسان (أبريل) حتى حزيران (يونيو) الماضي. ومن المتوقع أن يسجل المكتب تراجعا في فئة العشرات. وبحسب بيانات المكتب، تراجع الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من هذا العام بنسبة 2.2 في المائة. وكان أقوى تراجع ربع سنوي سجلته ألمانيا في الربع الثاني من عام 2009 جراء الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، حيث بلغت نسبته 7.9 في المائة. وجاء في التقرير الشهري للبنك المركزي الألماني أمس "من المرجح أن أدنى مستوى في النشاط الاقتصادي قد بلغناه بالفعل في نيسان (أبريل) الماضي"، حيث يتعافى الاقتصاد تدريجيا منذ بدء تخفيف القيود المفروضة على خلفية جائحة كورونا في أيار (مايو) الماضي. وأضاف التقرير "من المرجح أن يتواصل التعافي الاقتصادي في النصف الثاني من هذا العام.. حزمة التحفيز الاقتصادي التي تم إطلاقها أخيرا ستسهم في ذلك أيضا". وكانت الحكومة الألمانية قد أطلقت حزمة تحفيز بقيمة 130 مليار يورو لعامي 2020 و2021. ومن بين أمور أخرى، تم تخفيض ضريبة القيمة المضافة لمدة نصف عام بدءا من أول تموز (يوليو) من 19 إلى 16 في المائة ومن 7 إلى 5 في المائة. ويهدف هذا إلى تعزيز الاستهلاك الذي يمثل ركيزة مهمة للاقتصاد. وتوقع البنك المركزي أيضا أن يسفر تباطؤ التجارة عالميا نتيجة الجائحة عن تقليص الفائض الكبير لميزان المعاملات الجارية للبلاد. وكان الفائض مثار انتقادات داخل الاتحاد الأوروبي ومن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، لما يسببه من خلل في الموازين الاقتصادية الكلية. ويتوقع "بوندسبنك" الآن فائضا في ميزان المعاملات الجارية لألمانيا عند أقل من 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي سنويا حتى عام 2022 انخفاضا من أكثر من 7 في المائة في العام الماضي. وأظهر مسح أمس أن ثقة الشركات الألمانية تحسنت بشكل أكبر في تموز (يوليو) بعد أن سجلت زيادة قياسية في حزيران (يونيو)، ما يشير إلى أن الشركات تتوقع أن يتعافى أكبر اقتصاد في أوروبا من صدمة فيروس كورونا إذا تم تجنب موجة ثانية من الإصابات. يأتي ذلك في وقت حذر فيه البنك المركزي الأوروبي من المبالغة في النشوة رغم أولى بوادر التعافي الاقتصادي عقب الانهيار الذي تسببت فيه جائحة كورونا. وبحسب "الألمانية"، قال فابيو بانيتا، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، في مقابلة نشرتها صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية أمس: "من السابق لأوانه إعلان النصر". وذكر بانيتا أن البيانات الحالية تظهر بالتأكيد أن هناك خطوات تقدم، حيث نما - على سبيل المثال - الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو في أيار (مايو) الماضي بنسبة 12 في المائة، ومبيعات التجزئة بنسبة 18 في المائة. وقال: "لكن يجب أن ننظر إلى هذه التحسينات بحذر، لأنها نتاج للتعافي الذي كان متوقعا عقب التراجع الكارثي السابق في النشاط الاقتصادي"، موضحا أن هذا التعافي انعكاس لبرامج الدعم الضخمة التي أطلقتها الدول والبنوك المركزية. وأضاف بانيتا: "النشاط الاقتصادي لا يزال أقل بكثير من مستوى ما قبل الأزمة، واستنادا إلى توقعاتنا، لن نشهد عودته إلى هذا المستوى قبل نهاية عام 2022 .. ودعونا لا ننسى أننا لا نعرف كيف سيتطور الوباء: في بعض البلدان لا يزال هناك خطر حدوث موجة ثانية". وذكر بانيتا أن الخطر الذي يهدد منطقة اليورو بسبب فيروس كورونا لم ينته بعد، مضيفا أنه يتوقع ألا تكون هناك حاجة إلى إجراء أي تعديلات على برنامج البنك الضخم لشراء أصول. ورجح أن تشهد منطقة اليورو انكماشا في الربع الثاني أكبر منه في أول ثلاثة أشهر. وتابع "لا توجد أسس كافية تمنحنا شعورا بالرضا".
مشاركة :