بغداد: حمزة مصطفى كشف عزة الشابندر، عضو البرلمان العراقي والقيادي البارز في دولة القانون التي يتزعمها نوري المالكي، رئيس الحكومة العراقية، عن الشوط الذي قطعته تفاهمات الحكومة مع عشائر الأنبار وقياداتها المحلية، مما يعني أن أصوات خطباء الجمعة باتت تغرد خارج السرب، ولم يعد صوتهم هو الأقوى مثلما كان عليه الأمر عند أول خمسة شهور من اندلاع تظاهرات المحافظات الغربية الخمس في العراق (الأنبار، وصلاح الدين، وديالى، وكركوك، ونينوى). خطباء المنابر والناطقون باسمها بدءا من سعيد اللافي، الذي اختفى نهائيا بعد أن لاحقته مذكرة اعتقال على خلفية اتهامه مع اثنين آخرين أحدهما أحد أبناء عم الشيخ أحمد أبو ريشة بقتل الجنود الخمسة بالقرب من ساحة اعتصام الرمادي وذلك في السابع والعشرين من شهر أبريل (نيسان) الماضي. الشابندر قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «المالكي دعم بقوة محافظ الأنبار الجديد أحمد الدليمي، طالما أنه حصل على تخويل من المعتصمين»، مشيرا إلى أن «المالكي أبلغه بحضوري أن يعمل من أجل المحافظة على مستوى الجانب الخدمي ويترك السياسة حتى لا تختلط الأمور بين هذه وتلك». وكشف الشابندر أن «المالكي استقبل ولمرتين وبحضوري شخصيا خلال الفترة الماضية الشيخ أحمد أبو ريشة، وقد تم التفاهم على أسس جديدة فيما يتعلق بالصحوات، حيث طلب أبو ريشة - وهو ما اعتبر تطورا مهما - أن ترتبط الصحوات بالأجهزة الأمنية، من حيث آليات العمل والتسليح والرواتب، حتى لا تكون عرضة لهزات وحتى يتم التفريق بين الصحوات والميليشيات». وأكد الشابندر أن «قاعدة التفاهم التي تم التوصل إليها أيضا أن ما يحصل في الأنبار من تقصير حكومي ليس سببه طائفي مثلما يصور أعداء العراق بل أن ما هو موجود في المحافظات الشيعية مثله تماما». وبشأن الموقف من وزير المالية السابق رافع العيساوي قال الشابندر: «التقيت العيساوي مرتين في عمان وفي دبي، وقد تم التفاهم معه نيابة عن المالكي باتجاهين.. قضائي يتعلق بحمايته، الذين يريد نقلهم إلى الرمادي، وهو ما أكد المالكي أن هذه المسألة بيد القاضي وليست بيدي، أما النزاهة فقد أكد لي العيساوي: اتركوا النزاهة لي حيث سأذهب إلى الهيئة بنفسي وسوف أثبت للملأ أنني أطلب الحكومة شرفا إضافيا حين كنت مسؤولا حكوميا». المتظاهرون الذين أصروا على مطالبهم الثلاثة عشر والحكومة التي أصرت على موقفها حيال هذه المطالب بين الإعلان عن تنفيذ المشروع منها وإحالة ما تبقى إلى البرلمان جعل مطالب المتظاهرين الذين انشقوا على أنفسهم تضيع بين الكتل السياسية التي عادى بعضها المطالب بوصفها غير مشروعة وتهدف إلى إسقاط العملية السياسية، بينما وقف البعض الآخر مع تلك المطالب دون دعم من المتظاهرين، بينما وقفت كتل أخرى على التل حتى انحسرت موجات التظاهرات. الحكومة العراقية من جانبها بدأت بالدخول في مفاوضات لا تتعلق بتلبية المطالب الخاصة بالمتظاهرين بشكل مباشر بل بمحاولة تفتيت قدرة المتظاهرين على المطاولة من خلال عزل أصحاب الأصوات العالية ممن يرفض مبدأ التفاوض مراهنا على عامل الوقت عن أولئك، الذين إما هم جزء من الحكومة واختلفوا معها فجأة أو كانوا حلفاء لها وانسحبوا لهذا السبب أو ذاك. الحكومة المحلية في الأنبار قادت عملية المفاوضات مع الحكومة وذلك طبقا لما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت، الذي قال إن «العلاقة بين الحكومة المحلية في الأنبار والحكومة المركزية في بغداد تشهد تحسنا واضحا وعلى كل المستويات ولعل في المقدمة مما نود الإشارة إليه في هذا الصدد هو الجانب الخدمي والأمني»، وأضاف كرحوت: «سوف نقابل رئيس الوزراء نوري المالكي وقد أعددنا ما نريد طرحه فيما يتعلق بمختلف الجوانب التي تهم المحافظة لا سيما وإننا كمجلس محافظة مدعومين من الحراك الشعبي وساحات التظاهر التي خولتنا مهمة التفاوض مع الدولة على قاعدة المطالب المشروعة». وبشأن ما يتردد عن إمكانية قيام المالكي بزيارة إلى محافظة الأنبار قال كرحوت: «نعم نتوقع ذلك وهو أمر يمكن أن يحصل في أية لحظة». لكن أمر ساحات التظاهر لا يزال يثير أزمة سواء داخل الأنبار والمحافظات الأخرى المنتفضة أو داخل بغداد، حيث باتت الحكومة العراقية تخشى امتدادات الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) مع ما باتت تشهده الحدود مع سوريا من اختراقات وتهريب أسلحة وانتحاريين. مجلس «أبناء العراق» الذي أسس قبل شهور من قبل الحكومة في محافظة الأنبار، طبقا لما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» فارس إبراهيم، أحد قيادييه، أوضح أن «تنظيم القاعدة بات يتخذ من ساحة التظاهر في الرمادي ملاذا آمنا له وعلى كل المستويات»، مشيرا إلى أن «ساحة الاعتصام لم يعد مسيطرا عليها من أصحاب الحقوق من المتظاهرين، بل من جماعة القاعدة وهو ما تعبر عنه خطبهم وتهديداتهم سواء للجيش والأجهزة الأمنية أو عموم أبناء الشعب العراقي وهو ما دعانا إلى الوقوف بوجههم ومساندة القوات الأمنية وعلى كل المستويات بدءا من الجهد الاستخباري». الأجهزة الأمنية من جانبها بدأت تحركاتها نحو الساحة، حيث اعتقلت مساء أول من أمس اثنين من منظمي التظاهرات. في وقت أعلن فيه إمام وخطيب جمعة اعتصام الرمادي أن المعتصمين لن يتنازلوا عن ساحات الاعتصام حتى «محاسبة القتلة وتحقيق جميع المطالب»، ودعا الحكومة إلى الصدق في نياته والتجاوب مع تخويل محافظ الأنبار للتفاوض بشأن مطالبهم، فيما شدد على أن المعتصمين هم أصحاب مطالب مشروعة.
مشاركة :