الزهد في القريب بين العجيب والمريب | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 7/17/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

النَّاس غَالباً تَزهد بِمَا تَملك، ومِن العَجيب أنَّ المَرء يَسعَى ويَركض، ويَلهَث ويَجري، ليَنَال الشّيء، فإذَا نَاله وامتَلكه زَهَد بِهِ، وألقَاهُ خَلف ظَهره، وحَدّد لَه مِن الخَصَائِص خَاصيّة التَّجَاهُل..! هَل هَذَا بسَبَب الطّموح؟ أم بَسَبَب طَمَع الإنسَان، الذي لَو أُعطي وَادياً مِن ذَهبٍ لامتَلكه، وذَهَبَ للبَحث عَن وَادٍ آخَر؟ أم هو يَسير عَلى عَكس المَثَل القَائِل: «عصفُور في اليَد خَيرٌ مِن عَشرة عَصَافير عَلى الشَّجرَة»، ليَتحوَّل المَثَل إلَى: «عصفُور عَلى الشَّجرة خَيرٌ مِن عَشرَة عَصافير في اليَد»..؟! لقَد كُنتُ أَطْرَح عَلى نَفسي هَذه الأسئِلَة، وكُنتُ أعتَقد أنَّني الغَريب الوَحيد؛ الذي انتبَه إلَى هَذه الزَّاوية.. أعنِي زَاوية تَهافُتنا عَلى الغَريب، وزُهدنا فِيمَا نَملك، ولَكنَّني وَجدتُ أنَّ العَالِم الأَديب -في العَصر العبَّاسي- «سهل بن هارون» قَد انتَبَه إلَى هَذه الزَّاوية، حَيثُ يَقول: (النَّاس مُوَكّلُون بتَعظيم الغَريب، واستِطرَاف البَعيد، ولَيس لَهم في المَوجود الرَّاهنِ، وفِيمَا تَحتَ قُدرتهم مِن الرَّأي والهَوَى، مِثْلُ الذي لَهم في الغَريب القَليل، وفي النَّادرِ الشَّاذ، وكُلّ مَا كَان في مِلْك غَيرهم، وعَلى ذَلك زَهِدَ الجِيرانُ في عَالمِهِم، والأصحَابُ في الفَائِدة مِن صَاحبِهم. ومِن هَذا السّبيلِ يَستَطْرفون القَادمَ عَليهم، ويَرحَلُون إلَى النَّازح عَنهم، ويَتركون مَن هو أعمُّ نَفعاً وأكثَر، في وجُوه العِلْم تَصَرُّفاً، وأخفُّ مَؤُونةً وأكثرُ فائدة)..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ أَصرُخ بأعلَى صَوتي، وأقُول: يَا قَوم تَمسّكوا بِمَا تَملكون، ولَا تَتطلَّعوا إلَى الطّيور التي عَلى الأشجَار، حتَّى لَا يَضيع مَا في أيديكم..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :