لا أعلم ما هو الباعث للنفس الذي يدفع صاحبه لتوثيق أضحيته على السوشيال ميديا، هل يفعل ذلك كنوع من التباهي بين المضحين فيُعلم الحاضر منهم على شبكات التواصل الغائب أيها أسمن وأكثر شحمًا ولحمًا، أم أنه يعتبره نداء للفقراء لينتظروا لحومها والتي قد لا ينالهم سوى صورها فتشتهيها أنفسهم وتتضور بطونهم جوعًا إليها، أم أنه الاستخدام المفرط لشبكات التواصل الاجتماعي الذي جعلهم يلهثون وراء السعادة التي يمنحها هذا العالم الفيس بوكي من خلال جمع أكبر عدد من اللايكات والشير، وسواء كان هذا أو ذاك أو حتى كانت نية المضحي أن يشيع الخير في الذين آمنوا، لكن السابقون الصالحون هم الأولى بأن نتأسى بهم فكانوا يقولون" استروا حسناتكم كما تستروا سيئاتك" لما علموه من فضل عمل السر على عمل العلن لأنه أقرب للإخلاص. وإذا كانت الأضحية من أفضل القربات إلى الله ما لم يخالطها غلو ولا رياء في النفس، فيجب إذًا أن تصرف الهمة والسباق عن نشر صور الأضاحي على الفيس بوك إلى سباق وإسراع في توزيع لحومها على الفقراء، فبعد أن يأخذ المسلم حظه من فرحة العيد "بالتكبير والتهليل" فليسرع لإعطاء الفقراء حظهم من هذه الفرحة فإذا كانت قد عجزت أيديهم أن تجلبها لأطفالهم من خلال شراء ملابس للعيد فيجب أن لا تضيع هذه الفرحة بسبب تكاسل المضحي أو البطء في إيصال نصيبهم من الأضحية التي هي حق معلوم لهم وليس تفضلًا من المضحي عليهم.ينبغي أن لا يتغافل المسلم عن كون الأضحية شعيرة من شعائر الله يجب أن يتقيد بالشروط الواجب توافراها فيها من كيفة اختيارها وأوصافها وشروطها وكيفية تقسيمها، ولا ينصرف عن ذلك للحديث عن سعرها في المجالس ومع الأصدقاء ولا يشكي الغلاء في ثمنها لأنها قربة لله فيجب أن تكون عن طيب نفس. وختامًا يجب أن يستيقظ الضمير الخيري داخل المضحي عندما يقوم بتوزيع لحوم الأضاحي على المحتاجين بالتعامل بالرحمة واللين مع الفقراء وكفى بهم حملا تألمهم لحال أنفسهم وحال أسرهم، فاللهم ارزق فقراءنا العفة في الطلب وارزق اغنياءنا الحياء في العطاء.
مشاركة :