أثبت الإيرانيون أنهم خبراء في فن التحاور والمناورات السياسية. بعد 12 عاماً من المفاوضات، استطاعوا أن يفرضوا على الغرب النزول عند مطالبهم. حوارهم الذي استمر 12 عاماً وفوقهم 28 عاماً هو كامل عمرهم أمام تكتل عالمي تعاون بالكامل ضدهم، حاربهم وحاصرهم وعزلهم اقتصادياً وسياسياً، ومع كل ذلك استطاعوا أن يعبروا بسلام ويحققوا هذا الإنجاز الضخم بكل ما تعنيه كلمة ضخم من معنى. فالاستفهام هو لماذا نجحوا؟، كل المحللين اليوم والكُتاب يتفقون على أن صبرهم الاستراتيجي الذي لا ينتهي يعد أحد اهم العوامل الأساسية في تحقيق هذا النجاح. يلي ذلك ثقتهم بنفسهم واعتدادهم بقدراتهم وبمواردهم البشرية وعقول أبناء وطنهم. فما حققه الايرانيون في ظل العقوبات والحصار الاقتصادي القاتل، وفي ظل العزلة الهائلة يعتبر إنجازاً غير طبيعي لأنه ببساطة لم يعتمد على الشرق أو الغرب، بل كان محلياً بامتياز وعلى يد أبنائها وبعيداً عن مشاريع مارشال الأجنبية، وطبعاً لا ننسى أن السر الكبير في تحقيق هذا الانجاز غير المسبوق ذكاء القيادة وحرصها على مصالح شعبها والنظام وابتكارها لما عُرف دوليا بـ«الاقتصاد المقاوم». لكن أين العرب من كل ذلك؟، أين الخليج تحديدا؟، ليس سراً أن العرب كانوا مغيبين تماماً عن هذا الإنجاز الذي حصل لمصلحة الجمهورية الإسلامية. كما لا أخفيكم سراً أن صورة اجتماعات مجموعة 5+1 أمام المفاوض الإيراني أرسلت بإشارة ضمنية لدول غيبت بالكامل ولم يكن لها أي ثقل مُعتبر. مشكلة العرب والخليج تحديداً اعتمادهم المطلق على الأميركان والغرب وخصوصاً في سياساتهم الخارجية، والغريب في أمر الدول العربية أن الأميركان دائما يثبتون أنهم غير مؤتمنين في علاقاتهم وتحالفاتهم، ومع ذلك ما زالوا يُحسنون الظن بها ولأبعد الحدود. فأميركا هي التي تجسست على أربعة مستشارين قبل ميركل في ألمانيا، والشيء نفسه بالنسبة للفرنساويين، وهكذا بالنسبة لباقي الحلفاء، كما أنها هي التي صادقت الصين أيام كسنجر، وهي من أعادت العلاقات مع كوبا اليوم، والمضحك أنها أدارت ظهرها هذه المرة لأقرب حلفائها وهي إسرائيل. طيب إن كانت هذه أميركا وتتصرف بحسابات مصالحها الخاصة والخالصة، فلا وفاء للأصدقاء ولا عداوة دائمة للأعداء، فعلام تثقون بها وهي ترى نفسها أولا وأخيراً! كل عام وأنتم بخير وعيدكم مبارك وتقبل الله أعمالكم. hasabba@gmail.com
مشاركة :