لماذا نفشل وهم ينجحون... - مقالات

  • 11/14/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أسئلة كثيرة تلاحقنا جميعاً: ما السبب وما العلة من وراء فشلنا شبه الدائم وتقريباً في أغلب المناحي؟ لماذا لا نتقدم للأمام ونكون قادرين على حل مشاكلنا بشكل أبسط بكثير مما نحن فيه؟ لماذا نظل دائما ننظر لأنفسنا على أننا رجعيون ولن نستطيع بأي حال أن نلحق بالغرب المتقدم؟ لماذا لا نشعر بالحرج حينما نتحدث عن الغرب ونسميه «العالم المتحضر والمتقدم»، وكأن الأمر مُنزل من السماء لكن لا نخجل أبداً بأن نصنف أنفسنا بأننا «العالم المتخلف» أو «العالم الثالث»؟ المشكلة ليست في المجتمع، بقدر ما هي مرتبطة بعقل الإنسان العربي. فمن هذا الإنسان تنتقل العدوى إلى المجتمع، فنستسلم جميعاً وكأنها حقيقة لا مجال للتشكيك فيها. عقدة الإنسان العربي أنه يعيش ازدواجية عجيبة غريبة، وهذه الازدواجية هي المسؤولة وهي من تعيقه وتمنعه من الحركة للأمام. لذلك يظل يتحرك في دائرته خائفاً وعاجزاً ترتعد فرائصه من أن يجرّب الخطو للأمام ولو بقدر يسير. فالعربي يعشق ويتلذذ بالنظر في نفسه بأنه مسلم طاهر يدخل الجنة لمجرد أن عقيدته تعود بالتاريخ للوراء إلى النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. لكنه في الوقت نفسه، يريد أن يعيش حياة الغربي بالتحرر وعدم الانقياد والتضييق، حسب التشريعات الدينية. تجده يعتز بانتمائه للثقافة العربية المحافظة، ويتمنى أن يكون رجلاً صاحب القرارات الفصل في الأسرة، لكنه في الوقت ذاته يريد من زوجته أن تشتغل وتشاركه هموم ومصاريف الحياة ويلقي عليها تربية الأطفال ومشاغل الدنيا. يريد أن يكون مؤثراً في حياته العملية والمهنية، لكنه يكرر «الدوام لله»! يحتج بأنه منطقي في حواراته الساخنة، لكنه لا يعلم ما هو المنطق! يريد أن يتعامل معه الناس بإنصاف وزيادة، إلا أنه يرى في نفسه بأنه هو ميزان العدالة! يطالب بحقوقه وزيادة، ويستكثر على غيره ضيق الحياة! دائماً ينظر بعينين بحسب الهوية والجنسية! هذا الشكل من الازدواجية في التعامل مع الذات والغير، يجعل من العربي يتشوّش ويضيع في متاهات عالم خارجي يتميز بأنه يعلم جيداً ما يريد وأين موقعه من الإعراب. العالم الآخر حدد مكانه اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ووضع نصب عينيه أهدافاً وإستراتيجيات وخططاً عملية لتحقيقها. أما هنا فالوضع مختلف. نعشق ونعيش الماضي، ونأمل ونظن بأن الآمال والأحلام توصلنا بالدعاء والكرامات للمستقبل. الأمنيات لا تقدم سوى ملامح الأهداف لا الأهداف، أما النية والقصد ووضع الخطط والميزانيات والعمل هي التي تسير نحو الأمام. نمتلك أفضل الحوافظ الذاكرة في سرد الروايات والآيات والقصص، لكن لا نعرف تفسيرها ومعانيها إلا بمقدار ما نُحب لا بحسب ما تريده هي! نحفظ ونريد أن نُسقط ما نعرف على ما يحصل ونفسره كما نشاء، ونتمنى لنرسم صوراً غير حقيقية عن الواقع لكنها جميلة في مخيلتنا لا أكثر! يُقال إن منطق أرسطو، فوتوغرافي، بحيث يأخذ صورة ثابتة «مطلقة» ويعتبرها نهائية، في حين منطق العالم الحديث متحرك ديناميكي سينمائي. فمعضلتنا الرئيسية أننا نعشق الصور ونحفظ الآيات والروايات والقواعد التي جاءنا بها الأولون بصور فوتوغرافية جامدة نذوب في تفاصيلها، وننسى أن العالم ديناميكي سينمائي قد تغير منذ مئات السنين. فهل سنلحق بالركب؟ hasabba@

مشاركة :