العيد ليس يوماً للصغار فقط، حتى وإن كان يغمرهم في نهر من السعادة، بما يرتدونه من ثياب جديدة، أو يحملونه من بالونات ملونة، أو يتقاضونه من «العيادي والهدايا»، أو يتذوقونه - على سبيل الاستثناء - من طعام مغاير وحلوى مشتهاة! بل هو يوم فرحة - من نوع آخر - للكبار... الذين يوقظ فيهم العيد حنيناً غامضاً إلى سنوات الطفولة القديمة التي ارتحلت بعيداً، لكنها تركت في نفوسهم نقوشاً ساحرة من البهجة لا تزال تقاوم النسيان! «الراي» اصطحبت لفيفاً من الفنانين والإعلاميين، في رحلةٍ عكس اتجاه الزمن، عائدةً بهم إلى «مرابع» طفولتهم وساحات صباهم... فماذا قالوا عن أعيادهم في تلك السنوات (التي صارت هناك!)؟ وكيف كانوا يحتفلون؟ وما المظاهر التي لا يزالون يحتفظون بها في ذاكرتهم الحميمة حتى الآن؟ وماذا تبقى في مجتمعنا من العادات والتقاليد في «أعياد زمان»؟ وما الذي جرفته بعيداً عنا لُعب «الحداثة» و«أشباح التواصل الافتراضي»؟! تحدث الفنانون والإعلاميون عن أعياد لم تزل تلوح ببهجتها في آفاق ذاكرتهم، ويتوقون إلى استعادتها، ويتمنون لو يشهدون مجدداً جمالها الأخاذ وبساطتها الصادقة وضحكاتها المرحة! وتطرقوا إلى عادات أصيلة دعوا إلى التشبث بها، ومظاهر إنسانية «قديمة» نادوا بالحفاظ عليها، لأنها تمثل جانباً مهماً من ملامح الكويتيين، ونهراً نادراً للفرحة... يتجدد «فيضانه» مع كل عيد: الفنان طارق العلي تحدث عبر «الراي» قائلاً: «عيدكم مبارك، وينعاد عليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليُمن والبركات، وأتمنى أن تكون حياتكم أفراح في أفراح»، مضيفاً: «بلا شك بعد شهر رمضان المبارك نحتفل بعيد الفطر المبارك... ونلتقي بالأهل ونتزاور، وصلة الرحم مهمة، وأهم شيء مع طلوع شمس العيد السعيد أكون مصل صلاة العيد، ونلتقي مع الأهل، بالرغم من ارتباطي بالمسرح، لكن قدر الإمكان نتزاور في الصباح، ونتبادل المباركات حتى فترة الظهر». وتابع العلي: «أتذكر أيام أول، عندما كانت البساطة عنواناً للحياة، وكان جارنا (بوفهد) يعمل ويطبخ الذبائح، والأخيرة هذي كانت أهم شيء، ونوزع اللحم والخير والأطعمة بين بيوت الجيران... وعساكم من عواده»، لافتاً إلى أنه في هذا العيد سيلتقي جمهوره من خلال مسرحية «أن فولو»، التي ترصد تأثيرات تقنيات التواصل الحديثة في حياة الإنسان. بدورها قالت الفنانة هبة الدري: «أشعر بسعادة غامرة منذ أولى اللحظات في صباح عيد الفطر، وأشهد الطمأنينة تعم القلوب، وبعد صلاة العيد التي أحرص عليها طوال سنوات عمري، نجتمع في الصباح مع أهلي على مائدة الفطور التي لا بد أن تتزين بصحون البيض بمختلف أنواعه، وعادةً أكون قد واصلتُ السهر منذ الليلة السابقة»، متابعةً «أن الغداء لا بد أن يكون نوعاً من الأسماك والروبيان، وبعدها أذهب إلى المسرح لعرض مسرحيتنا». وواصلت الدري: «أسترجع ذكرياتي عن أول عيدية حصلتُ عليها من والديّ، وهي كانت خمسة دنانير، مشتركة بين (أمي وأبوي)... وفي الثمانينات خمسة دنانير كانت تُعتبر (مبلغاً وقدره) كما يقولون»، وعن هذا العيد أوضحت: «أعيِّد مع زوجي وابني بدر الذي لا يزال في العام الثاني من عمره، وعيدكم مبارك وعساكم من العايدين والفايزين كل عام». أما الفنانة ميس قمر التي تقضي العيد هذه السنة في الكويت، فقالت: «كل عام وأنتم بخير والكويت بخير وأمن وأمان، وهذا العام أعيِّد مع الجمهور الكويتي من خلال وجودي في مسرحية (مر يا حلو)، وبالنسبة إليّ عادة أكون أضعف أمام الأكل، وأهم شيء أحرص على وجوده هو فطائر البيتزا، سواء على مائدة الفطور أو الغداء، لأنني من عشاقها، وأقول للجميع: عيدكم مبارك وأيامكم سعيدة يا غاليين». من زاويته قال المخرج الإذاعي علي البلوشي: «شعور جميل حين يهل هلال عيد الفطر السعيد، وأهم عادة أسرية نقوم بها على مر السنين هي زيارة بيت جدي بعد الصلاة، وتوزيع العيادي على الأطفال، وأول من أبارك لهم عادة هم (أمي وأبوي)، أما عن (ريوق) العيد فلازم يكون في (كول) وهي أكلة يسوونها البلوش، عبارة عن قطع عجين فيها سكر وبيض ولذيذة جداً»، متابعاً: «أما فترة الغداء فلا بد أن يكون (مطبق زبيدي)، والعشاء لا بد أن يكون في أحد المطاعم، ومن ذكرياتنا (العتيجة) أننا كنا نذهب إلى المسارح، ومن المسرحيات التي شاهدتها (الكرة مدورة - لولاكي - ليلى والذيب)، وأنتهز هذه الفرصة كي أبارك للكل، وعساكم من عواده، ولا تنقطع هذه العادة، وكل عام وأنتم بخير». من جهته، قال الفنان الشاب عبدالله السيف إنه دأب في عيد الفطر من كل عام على زيارة الأصدقاء والأقارب، خصوصاً بعد الأشهر التي يقضيها في بلاتوهات التصوير وبعيداً عن المحيطين به، مشيراً إلى أنه لم يغب يوماً عن وليمة الغداء التي تقام سنوياً في بيت العائلة الكبير، ليلتئم الشمل في هذه المناسبة السعيدة، حيث يلتقي الآباء والأجداد جميعاً حول المائدة بحضور الأبناء والأحفاد. السيف لفت إلى أن لعيد الفطر رونقاً خاصاً بالنسبة إليه، لا سيما أنه يأتي مباشرة عقب شهر رمضان الكريم، «بعد أن تمضي لياليه المباركة التي تعبق بالنسمات الإيمانية العذبة، ليطل علينا هلال العيد بنوره الذي يشع البسمة على الوجوه، ولا تكتمل الفرحة ما لم يصدح صوت الفنان القدير عوض دوخي بأغنيته الخالدة (العيد هلّ هلاله) التي تتحفنا بها القنوات التلفزيونية في عيدي الفطر والأضحى». وبيّن أنه في صبيحة يوم العيد يحرص على تقديم التهاني والتبريكات لوالديه أولاً، ثم إلى بقية أفراد الأسرة، كاشفاً في الوقت ذاته عن مشاركته في مسرحية الأطفال الفكاهية «الأميرة فروز»، بمعية نخبة من الفنانين الشباب بينهم حسين المهدي، يعقوب عبد الله، صمود، سعودة، وآخرين، وستستمر عروضها أربعة أيام، على مسرح السالمية. وأكمل السيف أنه يلعب دور رئيس الحرس في قصر «الأميرة فروز»، الذي يتولى مهمة الدفاع عن الأميرة من مكر الأعداء وتربص الطامعين. في هذا السياق، استهلت الفنانة جواهر حديثها بتهنئة الأمتين العربية والإسلامية بحلول عيد الفطر السعيد، متمنية أن تنعم البلاد بالأمن والأمان، وأن يحفظ الله الكويت حاكماً ومحكوماً من كل سوء ومكروه. ولفتت إلى أنها سوف تقضي إجازة العيد على خشبة المسرح، برفقة أبطال مسرحية «ملكة الظلام»، منهم هدى حسين وسحر حسين وأوس الشطي وأحلام حسن وخالد بوصخر، وغيرهم من الفنانين الشباب، والمزمع تقديمها على مسرح مركز تنمية المجتمع في منطقة اليرموك. وكشفت جواهر عن أنها اعتادت في اليوم الأول من أيام العيد البهيجة، أن تزور المقربين وتتواصل معهم بشكل مباشر لتهنئتهم وجهاً لوجه، مشددةً على أنها لا تكتفي بإرسال الرسائل النصية فقط عبر برامج الهاتف المحمول، ومعبرةً عن توقها الشديد للقاء الأولاد الصغار من الصبيان والبنات لتوزيع «العيادي» المالية عليهم واحداً تلو الآخر، ممازحةً بقولها: «أنا أيضاً لا أجد مانعاً من قبول (العيادي) إذا عُرضت عليّ»، وأردفت ضاحكةً: «حقيقةً أنا أتلقى (العيادي) من الكبار، فيأخذها مني الصغار»! على الصعيد ذاته، لم تُخْفِ الفنانة عبير الجندي فرحتها بحلول عيد الفطر السعيد، مشيرةً - في الوقت ذاته - إلى أن سعادتها تمتزج بشيء من الحزن لرحيل شهر رمضان المبارك، الذي انقضى في لمح البصر، ومن دون أن نشعر برحيله. الجندي أكملت: «زوجي (بو محمد) هو الأخ الأكبر بين أشقائه، لذا فإننا نمثل (البيت العود) في العائلة، حيث نستقبل الزوار من الأهل والأصدقاء في كل مناسبة، لنتبادل أطراف الحديث المشوق والذكريات الجميلة، ولا تخلو الجلسة العائلية من أطباق الحلوى التي أعدها بنفسي، إضافة إلى العصائر والمعجنات، وغيرها من الأصناف التي تعطي الحديث مذاقاً طيباً، إذ نستعيد شريط الذكريات خلال فترة الطفولة والصبا». وتطرقت الجندي إلى روتينها الذي اعتادت عليه في الأعياد والمناسبات، مشيرة إلى أنها عندما كانت طفلة في العاشرة كانت تذهب بصحبة والديها وبعض المقربين لمشاهدة الأفلام في سينما الحمراء وقتذاك، إلى جانب اللعب في الملاهي الترفيهية على غرار متنزه «يوم البحار»، خصوصاً أنها من سكان منطقة شرق القريبة إلى حد ما من ذلك المكان. ولفتت إلى أنه بالرغم من بساطة الحياة في السابق، فإنها كانت أياماً حلوة وجميلة، ولا يعكر صفوها صخب التكنولوجيا المزعج، كما نراه جلياً في وقتنا الحاضر، معربةً عن سعادتها بأن «غالبية الأبناء ما زالوا يتشبثون بالعادات والتقاليد، بالرغم من مغريات الحداثة الخداعة التي تهدد موروثاتنا الأصيلة». في الاتجاه عينه، استهلت الإعلامية ورود حيات حديثها بالقول: «طول عمرنا نفرح بعيدي الفطر والأضحى، وبالأخص عيد الفطر له طعم خاص لأنه يأتي عقب الصيام، وغالباً ما أكون مسافرة في مثل هذه المناسبة، إذ تعودتُ أن أستغل إجازتي في تغيير الجو مع الأسرة وأخذ قسط من الراحة»، مشيرةً إلى أن وجبتي «مجبوس اللحم» و«مجبوس الدياي» من الأطباق التي تحرص على وجودها على مائدة العيد. وكشفت الإعلامية ورود حيات عن أغلى عيدية تلقتها في حياتها بقولها: «كانت عبارة عن (ساعة رولكس)، أهداها إليّ والدي، الله يحفظه، ويحفظ جميع الآباء والأمهات، ويرحم الأموات»، مختتمة حديثها بالقول: «أتمنى أن تنعم البلاد بالأمن والطمأنينة، وكل عام والكويت بأمان».
مشاركة :