إسطنبول - كشفت المعطيات المالية في تركيا عن فشل عمليات ضخ الأموال القطرية في وقف تراجع وانحدار الليرة التركية على الرغم من الدعم الكبير المقدم لإنقاذ اقتصاد تركيا المتدهور بفعل سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان. وكانت الدوحة قدمت نحو 15 مليار دولار في محاولة لإنقاذ الليرة التركية من الانهيار ومساع أخرى لإرضاء الرئيس التركي والمساهمة في تمويل حروبه في سوريا وليبيا وتدخلاته الخارجية. وسجلت الليرة التركية تراجعا بأكثر من 0.5 في المئة يوم الخميس لتصل إلى 7.0060 مقابل الدولار في أضعف سعر لها منذ منتصف مايو. كما تلقت الأصول التركية ضربة جديدة، بينما هوت السندات الدولية وسط استمرار المخاوف حيال تناقص احتياطي النقد الأجنبي والتكلفة الباهظة لتدخلات الدولة من أجل دعم العملة المحلية. وفي ظل سيولة هزيلة قبيل عطلة عيد الأضحى، أظهرت البيانات الرسمية استمرار البنوك الحكومية في تعزيز المراكز المدينة بالعملة الصعبة، والتي شهدت طفرة منذ مايو. وبلغ صافي تلك المراكز 10.2 مليار دولار الأسبوع الماضي، من 9.1 مليار قبل أسبوع. وتظهر البيانات وحسابات المتعاملين أن البنك المركزي والبنوك الحكومية باعوا نحو 110 مليارات دولار منذ أوائل العام الماضي من أجل تحقيق الاستقرار في الليرة، مع تسارع وتيرة التدخلات بسوق الصرف الأجنبي في الأشهر الأخيرة. وفي مايو الماضي تولت السلطات القطرية ضخ 15 مليار دولار في محاولة منها للمساعدة في إنقاذ الليرة التركية المتهاوية، في وقت يعيش فيه الاقتصاد القطري، كما غيره من الاقتصاديات العالمية، حالة من التراجع على وقع وباء كورونا ومخلفاته. وقال فيكتور سزابو من أبردين ستاندرد إنفستمنتس "إن التدخلات الخارجية غير قابلة للاستمرار. إما أن يطلقوا لها العنان (الليرة)، أو أن يفرضوا في تطور سلبي محتمل قيودا على حركة رؤوس الأموال. يوقف هذا النزيف لكنه يوقف حركة التجارة أيضا". وتراجع صافي احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي إلى 28.7 مليار دولار الأسبوع الماضي، أدنى مستوياته منذ منتصف مايو. وفي حين زادت الاحتياطيات الإجمالية إلى 51 مليار دولار، فإن المحللين يقولون إن جزءا كبيرا منها ليس سوى أموال مقترضة أو ذهب. وقال سيرجي ديرجاتشيف، مدير المحفظة في يونيون إنفستمنت، "تركيا منخرطة في نقاط جيوسياسية ساخنة عديدة والمشكلة أن تلك المغامرات باهظة التكلفة وغير مضمونة النتائج". وتتدخل أنقرة بشكل مباشرة في سوريا وليبيا والعراق. ودفعت السياسات الخارجية للرئيس التركي في توتير علاقات بلاده الخارجية. ويقول متابعون للشأن القطري أن الدوحة وجدت نفسها مجبرة على دفع الإتاوة إلى الرئيس التركي الذي أشعر الأسرة الحاكمة في قطر خلال أزمتها مع جيرانها الخليجيين أن بإمكانه حمايتها في وقت لم تكن تحتاج فيه إلى تدفق للجنود والأسلحة التركية وإنما إلى إرسال إشارات إيجابية عن عزمها على الحوار وتبريد الخلافات بدل ضخ الأموال في كل اتجاه لشراء “حماية” تزيد من عزلتها. ولم تنجح تلك الأموال على ما يبدو في وقف نزيف الليرة المحلية التركية بفعل سياسات الرئيس التركي الداخلية المعقدة. كما تضغط تركيا على قطر أكثر فأكثر لزيادة مساهمتها بشكل متواصل في تكاليف الحرب خاصة في ليبيا التي تعتبر أحد رهانات قطر وحلفائها الإسلاميين في المنطقة، وهي خطوة قد يجد فيها أردوغان ملجأ ضروريا له للتخفيف من موجة النقد في الداخل في ظل رفض الأتراك لمغامراته الخارجية، وذلك بإظهار أن تركيا لا تدفع وحدها تكاليف الحرب، وأن قطر مستعدة للدفع في أيّ وقت مقابل حمايتها. وتراجعت السندات السيادية المقومة بالدولار تراجعا حادا إلى مستويات منتصف مايو وسجل إصدار 2030 أكبر انخفاض أسبوعي له منذ عصفت جائحة فايروس كورونا بالأسواق العالمية في مارس ، وفقا لبيانات تريدويب. وفي محاولة لتخفيف الضغط الداخلي في تركيا، أعلن وزير الخزانة والمالية التركي براءت ألبيرق، الخميس، عن تخفيضات ضريبية للعديد من الخدمات والأنشطة التجارية. وذكر أن ضريبة القيمة المضافة للخدمات التجارية مثل نقل الركاب وتنظيم الأفراح وصيانة المنازل والخياطة والتنظيف، البالغة قيمتها 18 بالمئة سيتم تخفيضها إلى 8 بالمئة، مشيرا إلى أن ضريبة القيمة المضافة على خدمات المطاعم والإقامة والأنشطة الثقافية كالسينما والمسرح ورسوم دخول المتحف التي تبلغ قيمتها 8 بالمئة سيتم تنزيلها إلى 1 بالمئة. وأفاد بتخفيض ضريبة عقد الإيجار للشركات من 20 إلى 10 بالمئة.
مشاركة :