بغداد- دعا رئيس البرلمان العراقي، السبت، إلى عقد جلسة طارئة للبرلمان تكون مفتوحة وعلنية حول إجراء انتخابات مبكرة في البلاد. وقال محمد الحلبوسي في تغريدة على حسابه في تويتر: وأضاف "من أجل العراق ووفاء لتضحيات أبنائه أدعو الى انتخابات أبكر وعقد جلسة طارئة مفتوحة وعلنية بحضور الرئاسات والقوى السياسية للمضي بالإجراءات الدستورية وفق المادة 64 من الدستور العراقي، فهي المسار الدستوري الوحيد لإجراء الانتخابات المبكرة وعلى الجميع أن يعي صلاحياته ويتحمل مسؤولياته أمام الشعب". وذكر الحلبوسي إن المادة 64 من الدستور العراقي تنص على أن "يحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناء على طلبٍ من ثلث اعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء ويدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية". وكان رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي قد أعلن الجمعة عن تحديد يوم 6 من يونيو من العام المقبل 2021 موعدا لإجراء الانتخابات العامة البرلمانية المبكرة في العراق بحضور مراقبين دوليي، في سابقة بهذه الدولة التي تشهد احتجاجات على النظام السياسي ورجالاته وسط انعدام ثقة الناخبين بالسياسيين. ورحّبت بعثة الأمم المتحدة في العراق بإعلان الكاظمي، أنّ بلاده ستنظم انتخابات تشريعية مبكرة في يونيو 2021 بإشراف "مراقبين دوليين" على الاستحقاق. وقالت البعثة إن الانتخابات المبكرة تشكل استجابة لـ"مطلب شعبي رئيسي". وأبدت استعدادها لـ"تقديم كل المشورة والدعم الفني" من أجل "إجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية في بيئة مواتية تضع مصالح البلاد فوق كل الاعتبارات الأُخرى". واعتبرت أن من شان تنظيم انتخابات نزيهة "أن يعيد تنشيط النظام السياسي ويبني ثقة الجمهور، ويمنح الشعب صوتاً ويحقق تطلعاتهم إلى تمثيل سياسي أفضل". ولم يتّضح بعد الدور الذي ستؤديه الأحزاب الكبرى التي تتغلغل في المفوضية العليا للانتخابات والتي تشرف على عملية الاقتراع في العراق رغم اتهامها مرارا بالتحيز، في الانتخابات التشريعية المقبلة. وكان رئيس الوزراء العراقي قد تعهد، بعيد تسميته في بداية مايو، أن تقود حكومته "الانتقالية" العراق نحو انتخابات مبكرة. وجاء ذلك في أعقاب الاحتجاجات التي انطلقت في أكتوبر وأدت إلى استقالة سلفه عادل عبد المهدي. وقال في كلمة متلفزة "أعلن عن تاريخ السادس من حزيران من عام 2021 موعداً لإجراء الانتخابات النيابية". وأضاف رئيس الوزراء الذي يرأس أيضا الاستخبارات، "سنعمل بكل جهودنا على إنجاز هذه الانتخابات وحمايتها وتأمين مستلزماتها"، في بلد شهد الاقتراع فيه أحداث عنف أحيانا وكثيرا ما شابه تزوير. ونظمت أحدث انتخابات في العراق في مايو 2018، وكان يفترض تنظيم الانتخابات المقبلة في مايو 2022. لكن بين أكتوبر وبداية العام، احتل مئات آلاف المتظاهرين ساحات في بغداد وفي كلّ مدن جنوب البلاد للدعوة إلى اسقاط النظام السياسي وجميع رجالاته. ودان المحتجون الفساد المستشري وتقاسم المناصب بناء على الانتماءات العشائرية والطائفية، خدمة لمصالح الأحزاب التي ثبّتت مواقعها في السلطة. وكانت الحكومة حينها قد عرضت على البرلمان قانونا جديدا للانتخابات في محاولة لتهدئة غضب الشارع. ولكن على الرغم من التصويت لمصلحة هذا القانون يقول خبراء إن البنود المتعلّقة بآليات التصويت والدوائر الانتخابية غير منجزة. في المقابل، لم يحاول المتظاهرون الذي نظّموا احتجاجات في أكتوبر تشكيل فريق سياسي يتبنى مطالبهم وشعاراتهم في الانتخابات المقبلة. وتعهّد الكاظمي مجددا كشف ملابسات أعمال العنف التي أوقعت 560 قتيلا و30 ألف جريح خلال الاحتجاجات التي تخلّلتها أيضا عمليات خطف واغتيالات اتّهمت الأمم المتحدة "مليشيات" بتنفيذها. وشهدت الانتخابات التشريعية التي أجريت في العام 2018 نسبة مقاطعة قياسية، واقتصرت نسبة المشاركة فيها على 44,52 بالمئة وفق أرقام رسمية يعتبرها كثر مضخّمة. وفي تلك الانتخابات عبّر ناخبون كثر عن رفضهم للأحزاب الكبرى، وقد نال الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، المتحالف مع الحزب الشيوعي على مكافحة الفساد، ومع الجناح السياسي لهيئة الحشد الشعبي غالبية فيها. وورث الكاظمي بلدا منهكا. فبعد عامين من الحرب على الجهاديين جاءت إثر نزاعات شبه متواصلة استمرت 40 عاما، يشهد العراق أزمة سياسية واقتصادية وتجاذبات بين حليفيه المقربين والعدوين اللدودين إيران والولايات المتحدة. وسجّل العراق الذي يعد ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة اوبك نحو 125 ألف إصابة بوباء كوفيد-19، ويشهد أزمة اقتصادية جراء تدهور أسعار النفط، تضاف إلى ذلك نقمة اجتماعية يمكن أن تتجدد في بلد يعد من البلدان الأكثر حرّا في العالم، ويشهد تقنينا كهربائيا تقتصر التغذية بالتيار الكهربائي فيه على بضع ساعات في اليوم. في المقابل، يبدي العراقيون رفضهم لفرض إجراءات تقشفية يعتبرونها مجحفة في حين تبلغ كلفة الفساد والوظائف والعقود الوهمية 410 مليارات يورو، أي ما يوازي ضعفي إجمالي الناتج المحلي.
مشاركة :