تمنيت لو أنني ألتقي رئيس لجنة الموارد البشرية بمجلس الشورى، الدكتور محمد آل ناجي، ليعطيني قبل نهاية الأسبوع درسا في العاطفة، فالدكتور، لا فض فوه ولا كرهه محبوه، قال إن التوصية برفع رواتب المتقاعدين التي تقل عن 3000 ريال هي توصية عاطفية.!! ونحن أولئك القوم المتقاعدون، الذين يتعاملون مع السوبرماركت بحنان كبير لا نجد منه، في المقابل، إلا كل قسوة وعنت وضيق، فصندوق الطماطم مثلا يرفض قبلاتنا بينما الكوسة ترفع لنا حاجبيها استهتارا برغبتنا في كسب ودها. أما الدجاج، وما أدراك ما الدجاج، فإنه يتغلى ويتدلل تدلل العذراء في خدرها. وإذا حدثتك، يا دكتور، عن فاتورة الكهرباء فإنها خشنة الطبع والعاطفة ولا تخضع إلا بعد أن ندفق ماء وجوهنا لنتسلف ثمنها، فما بالك إذن بفاتورة إيجار الشقة، التي تطرق أبوابنا كل حين وتهددنا بالويل والثبور إن لم نمارس معها العاطفة. وهي، لو تعلم، عاطفة متدفقة بآلاف الريالات بينما نحن نحصل من مؤسسة معاشات التقاعد على ملاليم، فكيف بالله عليك نمارس عواطف جياشة من هذا النوع ونحن في أرذل العمر وعظامنا لا تكاد تحملنا.؟! وبمناسبة الحديث عن عظامنا فإننا نتطبب الآن بالرشاد والحلتيت والحلبة، لأن عواطف الصيدليات متدفقة أكثر من عواطف السوبرماركات. وهذا التدفق العاطفي الصيدلاني أكبر من حجم عواطفنا التي جفت من كثرة ما تتسابق إليها أيادي الأولاد والبنات العاطلين والمحتاجين.!! فهل فهمت يا دكتور أم نزيدك عاطفة ونجزل لك القبلات الساخنات؟!! نحن، والله أعلم بحالنا، لا نريد إلا الستر لنا ولأسرنا فإن وجدت في نفسك خيرا، وليس عاطفة، لقضيتنا فتحدث أو فلتسكت لكي تغني نفسك وتغنينا عن عناء تفسير تصريحاتك، التي لا تقدم بقدر ما تؤخر في حل مشكلتنا. ولتعلم أننا نقدر عدم إحساسك بنا ولا نلومك على ذلك، فمن يسكن الأبراج العالية العاجية لا يرى الطيور الصغيرة العابرة التي تتلقط رزقها حسب ما تيسر. والطيور لا يهمها إن كنت تراها أو لا تراها لأنها أصلا لا تملك حيلة لنقل عينيك أو عواطفك إلى همومها. ومادام الشيء بالشيء يذكر فلنتذكر، نحن وأنت، أن رواتب التقاعد أصلا من جيوبنا وسنوات شقائنا، أي أنها دراهمنا التي اقتطعت من تلك السنوات، على أساس ضمان حياة كريمة ومريحة. وبالتالي ليس من حقك ولا من حق أحد أن يتمنن علينا أو على عيالنا ويتحدث عنا وعنها وكأنه يصرفها من جيبه. أما إذا أردت الصراحة البالغة فإننا كنا نأمل أن تقوم مؤسسة التقاعد بشغلها وتستثمر مدخراتنا لتفيدنا من أرباحها حين تشتد وطأة الحياة والأسعار. أما وأن المؤسسة تضع طينا في أذنها اليمنى وعجينا في أذنها اليسرى فإننا نستدر من جديد عقلها وليس عاطفتها لتنظر في رواتبنا أثناء الحياة وبعد الممات لكي لا نتسول. @ma_alosaimi osaimin@yahoo.com
مشاركة :