الميليشيات تحرّك منتسبيها في الأجهزة الأمنية لإحراج رئيس الوزراء العراقي | | صحيفة العرب

  • 8/3/2020
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد – جمّد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة، مهام عمل ضابط كبير، بعد ثبوت تورط القوة التي يقودها في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وهو تورط موجه لخدمة أجندة الميليشيات الموالية لإيران التي تسعى لإحراج الكاظمي وإظهاره في وضع الضعيف أمام الشارع العراقي. وانتشر تسجيل مصور، يظهر قيام عناصر ضمن قوة “فرض القانون” بالاعتداء على حدث مراهق، ألقي القبض عليه في ساحة التحرير، حيث يعتصم المئات منذ شهور، مطالبين بإصلاح النظام السياسي. ووثق التسجيل المصور قيام عناصر “فرض القانون” بحلق رأس فتى بآلة حادة تسمى “كتر”، وقطع أجزاء من فروة رأسه، وهم يركلونه ويكيلون له ولوالدته أقذع الشتائم. وتسبب التسجيل المصور في صدمة للرأي العام، فيما أطلق نشطاء حملة في وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم “قوة فرض القانون تنتهك القانون”، مطالبين وزير الداخلية بالاستقالة، ومحاسبة الضباط والمراتب المتورطين في هذه الجريمة. وتشكلت قوة “فرض القانون” في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي لمواجهة حركة الاحتجاج الشعبية الواسعة التي اندلعت في أكتوبر 2019، إذ وثق نشطاء تورطها في العديد من حالات الاعتداء على المتظاهرين. وتقول مصادر أمنية إن هذه القوة تشكلت من ضباط وعناصر في وزارة الداخلية لديهم سجل سابق من الانتهاكات، وقد جمعتهم حكومة عبدالمهدي في تشكيل واحد لتضمن استخدامهم لأعلى درجات القسوة مع المتظاهرين. واعتبر مراقبون هذه الجريمة اختبارا كبيرا للكاظمي، للتأكد من حقيقة قدرته على تطهير أجهزة الأمن من العناصر الفاسدة، أو التي لديها ولاءات لميليشيات تابعة لإيران. وأقر أحمد ملا طلال، المتحدث باسم الكاظمي، بوجود عناصر في أجهزة الأمن لا يوالون الدولة ولا يطبقون القانون، في إشارة إلى أفراد زرعتهم ميليشيات تابعة لإيران في وزارة الداخلية. وأعلنت وزارة الداخلية أن الكاظمي “أمر بتحقيق فوري ودقيق” في حادثة الاعتداء على الفتى، مؤكدة أن التحقيق يجري بمتابعة شخصية من وزير الداخلية عثمان الغانمي. وكشفت وزارة الداخلية العراقية أن “الشخص الذي ظهر في الفيديو ووقع عليه الاعتداء موقوف لدى مديرية مكافحة إجرام بغداد (..) لسرقته دراجة نارية وفق قرار قاضي تحقيق محكمة الرصافة”، مؤكدة أن “حادث الاعتداء عليه من قبل منتسبي حفظ القانون تم قبل حوالي (20) يوما من تاريخ توقيفه”. وأوضحت أنها “دونت أقوال المشتكي (المجني عليه – الحدث) الذي طالب بالشكوى وتوجيه الاتهام ضد من قام بهذا الفعل الشنيع غير الأخلاقي وغير المهني”، مؤكدة “التعرف على هوية مرتكبي هذا الفعل الإجرامي وأن فرق العمل باشرت بإجراءات إلقاء القبض عليهم واحتجازهم لاستكمال التحقيق معهم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإنجاز التحقيق بأتم صورة وعرض النتائج أمام القائد العام للقوات المسلحة”. وبسبب ثبوت وجود تقصير في القيادة والسيطرة من قبل قائد قوات حفظ القانون، قالت وزارة الداخلية إن الكاظمي أمر “بإحالة قائد قوات حفظ القانون إلى الإمرة وإعادة النظر بهذا التشكيل الذي من المفترض أنه تم استحداثه لتعزيز سيادة القانون وحفظ الكرامة الإنسانية ومحاربة كل المظاهر غير القانونية وأن يكون مظلة يحتمي تحت ظلها أبناء شعبنا الكريم من خلال اختيار العناصر القادرين على تنفيذ هذه الأهداف لا أن يكون هو نفسه أداة خرق للقانون والاعتداء على المواطنين بالصورة البشعة التي لا تمت لتاريخ قواتنا الأمنية المشرف بصلة وتسيء لدماء شهدائنا وجرحانا الذين بذلوا دماءهم رخيصة في سبيل أمن واستقرار المواطن العراقي الكريم”. ووفقا للقاموس العسكري العراقي، فإن “الإمرة” هي ثلاجة الضباط الذين يطردون من الخدمة، إذ يكملون فيها ما تبقى من سنوات خدمتهم، لحين التقاعد. ويعتقد مراقبون أن وجود العناصر الفاسدة والمسيئة والموالية للميليشيات، لا يقتصر على قوة فرض القانون، بل يشمل معظم مفاصل وزارتي الداخلية والدفاع وأجهزة الأمن الوطني والمخابرات، ما يضع الكاظمي أمام تحديات كبيرة جدا، فيما لو قرر إطلاق حملة تطهير. وتوفر الأحزاب والميليشيات غطاء للعديد من الضباط الفاسدين، وتساعدهم على الترقي وشغل مناصب حساسة، لذلك فإن مستوى الاختراق في الأجهزة الحساسة قد يصل إلى مراتب عليا. ويقول مراقبون إن هذا الوضع يمثل سلاحا كبيرا في أيدي الأحزاب والميليشيات ضد الكاظمي شخصيا، إذ يعاني رئيس الوزراء العراقي وهو يحاول بناء قدرات أمنية وعسكرية تنفذ خطته في استعادة الدولة التي يختطفها السلاح المنفلت. وتقول مصادر أمنية إن العديد من كبار الضباط العراقيين يوفرون للميليشيات معلومات دقيقة عن زملاء لهم موالين للدولة ويلتزمون بتنفيذ الأوامر العسكرية وفق سلسلة المراجع. لكن حادثة الاعتداء على الفتى قد تمثل فرصة ذهبية أمام الكاظمي لإطلاق حملة تطهير واسعة في أجهزة الأمن، مدعوما بتأييد شعبي واسع.

مشاركة :