لعظمة هذا الركن، ومشقة الرحلة التي يقوم بها الحاج، فإن أهالي الحاج وأهل بلده يقومون بطقوس تودعه وأخرى تستقبله في كرنفال بهيّ وبهيج، تتميز به غالبية الدول العربية والإسلامية من موروثات وعادات مختلفة في توديع واستقبال حجاج بيت الله الحرام. نستعرض في هذا الموجز بعض أبرز ما تتميز به تلك الدول: اليمن: “الأرجوحة” أو ما يعرف محليا بـ “المدرهة”، تمثل إحدى أبرز المظاهر التقليدية المرتبطة بموسم الحج لسكان مدينة صنعاء القديمة. فقد اعتادت المناطق الشمالية إحياء أيام الحج بنصب المدرهة، وهي عادة متوارثة منذ مئات السنين، لوداع واستقبال حجاج بيت الله الحرام. يوضع على المدرهة شال أو عمامة الحاج الذكر، أو قماش وخمار امرأة إذا كانت الذاهبة للحج أنثى، وتسمى المدرهة باسمه. وتستمر بعد عودة الحاج من مكة شهرين تقريبًا، يجتمع خلالها الجيران والأهل والأقارب والأصدقاء، “يتدرهون” وينشدون. سوريا: يأخذ الحاج معه بعض الأطعمة التي يكون تحضيرها سريعًا، كالكشك، والجبن، والسمن البلدي، والزيتون وزيت الزيتون، والزعتر الحلبي، توفيرًا للنفقات وخلال فترة تواجده في مكة، تشرع عائلته بتجهيز الكتابات والرسومات، التي تتحدث عن فضل حج بيت الله، وقبل عودته، يعدّ أهله مآدب طعام من بينها الكباب والمحاشي والمناسف، استعدادا لاستضافة من سيأتي ويسلم عليه في منزله. وهناك ضيافة شهيرة يشتريها أهل الحاج، هي راحة الحج أو الحلقوم، لتوزيعها على الضيوف أثناء زيارتهم للحاج فور عودته من الحج. مصر: عندما ينوي الحاج المصريّ التوجه للحج، تقام الأفراح والليالي التراثية وجلسات المديح والإنشاد الديني، التي لا تخلو من فرقة المزمار البلدي، ونساء الزفّ. كطقس مصري قديم متوارث. حفلات وداع؛ يلبس الحاج فيها الثوب الأبيض، ويودّع بصفّ من السيارات، أما السيارة التي تقل الحاج فتعلق عليها الرايات البيضاء. وقبيل عودته من الحج يقوم أهله بـ”دهان” منزلهم، والنقش عليه ببعض الرسومات كالطائرات والسفن، وكتابة بعض آيات القرآن والأبيات الشعرية المعبرة عن الابتهاج بالحجاج، والترحيب والتهنئة بسلامة وصولهم، بينها “ألف مبروك، وحج مبروك”، كدلالة على إتمام الفريضة والتباهي بها علانية. أما في صعيد مصر، تجهز بعض العائلات حصاناً مزيناً بزي معين، ويمر الحصان حاملا الحاج على كل منزل بالقرية، ليستقبله الأهل والجيران ويبادلونه المصافحات والتبريكات، كإحدى العادات المتوارثة. الأردن أما في الأردن، فيتحول بيت الحاج إلى قِبلة لأهل البلدة، ممن يأتون لتوديعه وطلب الدعاء لهم، وعند عودته يوزع الهدايا للحضور، وغالبًأ ما يكون أبرزها: السبح، وماء زمزم المباركة. فلسطين: وفي فلسطين البهيّة، بات تزيين بيوت الحجاج عادة ملازمة لأهاليها، ووسيلة لإعلام الجميع بعزم السفر إلى بيت الله الحرام، لأداء مناسك الحج. وقد اعتاد سكانها توديع ذويهم من الحجاج بما يعرف بـ “التحنينة”، وهي تعبير عن حنين وشوق الذاهبين لأداء مناسك الحج، وتقوم على مديح النبي محمد صلى الله عليه وسلم. العراق: وفي بلاد الرافدين الجميلة، يقوم العراقي الذي ينوي الحج بزيارة الأهل والأصدقاء وتوديعهم، ويسألهم عن ما يودون أن يدعي لهم به في مكة. وعند العودة يُستقبل الحاجّ العائد بالزغاريد والتهليل والتكبير، وليقوم هو برواية الرحلة ومفاصلها للحاضرين. الجزائر: بينما في الجزائر، يجمع سكان مدينة الحاجّ بيض الدجاج التي بحوزتهم، لمدة 15 يومًا قبل توجه الحجاج إلى مكة، كعادة متوارثة منذ القدم، ويقدمونها هديةً لأهاليهم، ، ليتم سلق البيض للحجاج الذين يأخذون جزء منه، إلى الأراضي المقدسة، ليأكلوا منها. وقبيل ثلاثة أيام من موعد الحج، يعدّ أهل الحجيج ما يسمى “الكرامة”، وهي صدقة من طعام كثير يطبخ باللحم، ويدعى إليه الأقارب والجيران، ويعتبر سكان الجنوب هذه العادة الوداع الأول للحاج، ليأتي الوداع الثاني والأخير، حين ينتقل الحجيج إلى المساجد ومنها إلى الحافلات، ثم المطار، محطتهم الأخيرة في الطريق إلى مكة. إندونيسيا: وهناك، في شرق آسيا، والدولة الأكبر إسلاميًا، تنتشر طقوس “باسيتنغ”، وهي عادات يؤديها الأقارب والأصدقاء أثناء اجتماعهم لتوديع الحجاج، عبارة عن أعمال من التراث القديم، والمحاضرات الرسمية، تمهد لموسم الحج، يوعظ فيها الحاج. ويوم الوداع، يجتمع أهالي القرية لتوديع حجاجهم في موكب الحجاج القافلين إلى مكة. المملكة العربية السعودية: وهنا، في المملكة، اعتاد بعض أهل المدينة ومكة والطائف، إقامة احتفال خاص لكل من أراد الحج لأول مرة، يتضمن زفّ الحاج بعد ارتدائه زي الإحرام، ويتم إلقاء الورود والحلوى عليه، ويقام له حفل على وجبة الغداء، يتضمن أهازيج شعبية تنتهي بعد صلاة المغرب، كما تقدم للحاج هدية تسمى بلهجة أهل الحجاز: “توجيبة”، وهي عبارة عن مبلغ مالي، كنوع من المساعدة. وعند عودته، يُستقبل الحاجّ، بأهازيج وأكلات شعبية في احتفالية اسمها: “سرارة”، كما تُؤدى الرقصات الشعبية، ليأتي بعد ذلك دور توزيع هدايا الحج، وكعلامة فارقة، يتم أحيانًا، وضع الحناء على ذقن الحاج، وقدميه.
مشاركة :