«عين زبيدة».. تسقي الحجاج منذ العصر العباسي

  • 8/4/2020
  • 02:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

مع زيادة أعداد المسلمين في العصور الإسلامية الأولى، خاصة الأموي والعباسي، شكّلت قلة مصادر المياه بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة معاناة لأهلها، خاصة في موسم الحج مع قدوم أعداد كبيرة من الحجاج والمعتمرين، الذين كانوا يواجهون صعوبات جمّة من نقص المياه خلال رحلتهم صوب مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.ورغم المحاولات الكبيرة لتوفير المياه للمشاعر المقدسة ومكة المكرمة في العهد الأموي، حيث بُنيت السدود وحُفرت الآبار والعيون، فإن إنشاء «عين زبيدة» في العصر العباسي عام 194هـ جاء ليشكل حلًا جذريًا لمشكلة شح المياه في البقاع الطاهرة، وما جاورها من قرى ومناطق لمئات السنين، كانت المياه تتدفق من هذا الوقف الإسلامي العظيم بغزارة حتى أصبحت تسقي المزارع والحقول الواقعة قرب مسارها، ما جعلها مزارًا سياحيًا وريفيًا لأهالي مكة المكرمة، وزوار البيت الحرام من حجاج ومعتمرين، وظلت كذلك إلى أن حلت محلها الأنابيب ووسائل الضخ الحديثة خلال العقود القليلة الماضية في العهد السعودي.عظمة الإنسانوتشكّل «عين زبيدة» إرثًا حضاريًا وهندسيًا عظيمًا يجسد عظمة الإنسان الذي عاش على ثرى بلاد الحرمين الشريفين الطاهر، وقوة عزائمهم التي شقت الجبال واخترقت الهضاب وطوّعت التضاريس الصعبة؛ لبناء حضارة إنسانية عظيمة جعلت الإنسان وتنميته وتلبية حاجاته في أول اهتمامها.تقنيات الهندسةواستخدمت في هذا المشروع الهندسي شتى التقنيات في هندسة وتشييد القنوات، لم تعرفها البشرية قبل ذلك في التهوية والتنظيف وجر المياه من الأودية ومصابها في المرتفعات بواسطة «الدبول»، وطرق ترشيد المياه وتصريفها للاستفادة منها في سقيا المزارع المحيطة بالمسارات، وطرق حماية العين من السيول، والتي حُفرت لها في الجبال أنفاق، ورُفعت من أجلها القناطر في الأودية، لتدفع المياه عبر «الدبول» التي بلغ عمقها في بعض المواقع نحو 60 مترًا.مشروع زبيدةوقال المؤرخ والباحث في تاريخ مكة المكرمة د. محمد بن حسين الشريف إن العين تنسب إلى السيدة زبيدة بنت جعفر بن المنصور الهاشمية العباسية، زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، عندما قصدت مكة المكرمة للحج سنة 186 هجرية، وجلبت إليها الماء من جبال الطائف بأقصى وادي نعمان، شرقي مكة، وأقامت الأقنية حتى أوصلت الماء إلى مكة، مبينًا أن مشروع السيدة زبيدة العظيم لم يبدأ به إلا بعد عام 194هـ، حسبما أشار إليه عدد من المؤرخين.عظم التكاليفوأضاف إنه بعد أن أدركت السيدة زبيدة مدى الصعوبات التي تواجه الحجاج خلال طريقهم إلى مكة من نقص المياه، أمرت خازن الأموال بتكليف أمهر المهندسين والعمال لإنشاء هذه العين، فنبّهها الخازن إلى عظم التكاليف التي سوف يكلفها هذا المشروع، فقالت له كلمتها المشهورة «اعمل ولو كلفتك كل ضربة فأس دينارًا»، وأمرت بحفر قنوات مائية تتصل بمساقط المطر، واشترت جميع الأراضي في الأودية التي تمر بها مسارات العين.

مشاركة :