تحقيق: آية الديب أظهرت جائحة «كورونا» المستجد أن بعض الوظائف لا غنى عنها في مواجهة الظروف الاستثنائية التي قد تظهر فجأة، فمع ظهور الفيروس، ومحاربة أغلب دول العالم لانتشاره لم يقتصر دور توفير الأمن المجتمعي على ذوي المعاطف البيضاء فحسب؛ بل أظهرت الأزمة الدور المهم والفاعل للعاملين في القطاع البحري لاستمرارية الإمدادات الغذائية والطبية والاحتياجات الأساسية.وفي الوقت الذي تعطلت فيه أنشطة العديد من القطاعات؛ جرّاء تداعيات جائحة «كوفيد-19»، واصل القطاع البحري أداء دوره الحيوي بكامل طاقته، وتصدر العاملون فيه الخطوط الأمامية في مرحلة حرجة، ولاسيما في ظل توقف حركة الطيران مع الدول الأخرى، وهو الأمر الذي ضاعف من مهامهم، ووضع على كواهلهم مسؤولية مجتمعية كبيرة؛ للعبور بسفينة الدولة إلى بر الأمان. وغاب الكثير من العاملين في القطاع البحري عن أسرهم وذويهم، وبذلوا جهوداً مضنية؛ من أجل المحافظة على مختلف الاحتياجات المجتمعية من دون تأخير أو انقطاع، وهو ما لمسه العديد من أفراد المجتمع، بشأن استمرار توافر احتياجاتهم. «الخليج» التقت بعدد من المسؤولين والعاملين في القطاع البحري، والذين أكدوا أن الغذاء والدواء منبع وشريان الحياة، وأن مواصلة عملهم كانت ضرورة حتمية، مشيرين إلى أن استعدادهم لمواجهة فيروس «كورونا» بدأ قبل تسجيل أي إصابة بالفيروس في دولة الإمارات، واعتبروا أن جهودهم في ظل محاربة انتشار الفيروس، هي رد جميل للوطن والقيادة التي لا تدخر جهداً في توفير حياة آمنة، وعيش كريم لكل من يعيش على أرض الإمارات، مؤكدين أن إطلاق أبواق السفن يومياً وفق المبادرة التي أطلقتها الهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية؛ كانت الداعم النفسي لهم؛ بل إنها تعد تشجيعاً كبيراً لهم على بذل المزيد من الجهد في ظل ظرف استثنائي. احتياجات أساسية البداية كانت مع الكابتن مكتوم الحوقاني، رئيس إدارة التشريعات في موانئ أبوظبي، والذي أشار إلى أن القطاع البحري في أبوظبي تمكن من العمل بكامل طاقته، وعزز حركة التجارة من وإلى أبوظبي بالتزامن مع جائحة فيروس «كورونا»، لتستمر في معدلات تضمن تلبية كافة متطلبات القطاعات المختلفة، مع التركيز على توفير الاحتياجات الأساسية من الأغذية والأدوية، لافتاً إلى إعادة تنظيم العاملين في القطاع، وفق فرق عمل تتواجد في المواقع، وتتبع تعليمات وزارة الصحة ووقاية المجتمع، وإرشادات منظمة الصحة العالمية. وأضاف: بالتزامن مع الأزمة واصل 1578 من الموظفين والعاملين المخلصين من جنسيات مختلفة عملهم في الموانئ ومحطات مناولة الحاويات مع تطبيق لأعلى معايير الصحة والسلامة العالمية، وبالتعاون مع الشركاء في قطاع الصحة والرعاية الطبية؛ حرصنا على توفير جميع مستلزمات الصحة والسلامة الإضافية في جميع مواقع العمل، كما قمنا بإنشاء وتجهيز مراكز للرعاية الصحية مخصصة للعاملين في عدد من مرافقنا، والتي توفر فحوصات الكشف عن فيروس «كورونا» المستجد، فضلاً عن توفير مرافق سكنية للعمال في بعض الموانئ بالقرب من مواقع عملهم؛ حفاظاً على سلامتهم، وللحد من اختلاطهم بالآخرين. ظرف استثنائي واعتبر الحوقاني إطلاق مبادرة «أصداء الأمل» بالتعاون مع الهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية أنها تعبير عن تضامن جميع أفراد المجتمع مع العاملين في القطاع البحري والمواقع الحيوية، مشيراً إلى أن المبادرة حظيت منذ انطلاقها يوم 31 مارس/آذار الماضي، بدعم المنظمة البحرية الدولية، إلى جانب اتحاد الموانئ البحرية العربية؛ حيث شملت 36 ميناء في 18 دولة حول العالم. ضرورة حتمية أحمد راشد النقبي، مسؤول المراقبين البحريين في غرفة مراقبة حركة السفن التابعة لموانئ أبوظبي والتي تربط جميع موانئها، قال: أعمل في غرفة عمليات تدير 10 موانئ في إمارة أبوظبي، ويتواصل العمل في هذه الغرفة على مدار الساعة، وكل وردية عمل تضم 4 راصدين، يعملون على رصد كل حركة في الموانئ؛ إذ إن استمرارية العمل كانت ضرورة حتمية.وعن التحديات التي واجهت العاملين في القطاع البحري في الأزمة، أضاف: واجهنا تحدي تحقيق التباعد الاجتماعي فيما بيننا خلال عملنا على مراقبة حركة الموانئ، ولتحقيق ذلك تم توزيع الراصدين على الموانئ؛ للعمل منها وليس من غرف المراقبة، ومنذ بداية الأزمة إلى اليوم نواصل عملنا بكامل طاقتنا؛ بفضل جهود المسؤولين الذين وفروا لنا كل سبل الراحة والسلامة حتى نتمكن من مواصلة العمل آمنين. وتابع: لم أجتمع بأسرتي منذ ثلاثة أشهر؛ حفاظاً على سلامتهم. منبع رئيسي من جانبه، قال زعل جمعة المريخي، المرشد البحري في ميناء مصفح: «يعد العمل في الموانئ شريان الحياة والمنبع الرئيسي الذي يضمن توفير المواد الغذائية والمستلزمات الطبية للمجتمع، وزادت أهميته بالتزامن مع الجائحة؛ لذا كان لابد من أن يستمر العمل من دون تردد في رد الجميل للوطن والقيادة التي لا تدخر جهداً في توفير حياة آمنة وعيش كريم لكل من يعيش على أرض الإمارات».وأضاف: لقد كانت جائحة كوفيد-19 مفاجِئة للجميع، إلا أن المسؤولين في القطاع البحري أصدروا منذ بدايتها التعليمات اللازمة؛ للمحافظة على أمننا وسلامتنا، وساد الحرص على إجراء فحوصات دورية لنا؛ للاطمئنان على حالتنا الصحية، وتجنباً لانتشار العدوى، كما تم تشديد الإجراءات الوقائية والفحوصات الدورية للأفراد القاطنين في سكن خارج الموانئ؛ إذ إنهم يخالطون آخرين، ونسبة تعرضهم للعدوى تعد أكبر. أبواق تذكيرية إلى ذلك قال علي صبيح سليمان الصيعري، أعمل مشغل وحدات آلية في ميناء زايد في أبوظبي، وحفاظاً على سلامتنا وسلامة أسرنا؛ تم تطبيق حزمة من الإجراءات الوقائية؛ لضمان المحافظة على الصحة العامة؛ كان أبرزها توفير سكن ملائم لجميع العاملين، سواء للعمال أو الموظفين، وإلى اليوم نقيم في هذا السكن، الذي يتم تزويده بجميع الاحتياجات الغذائية وغيرها من اللوازم.وتابع: مبادرة «أصداء الأمل» التي أطلقتها الهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية، بالتعاون مع موانئ أبوظبي؛ لدعم العاملين في القطاع البحري من خلال إطلاق أبواق السفن لا تمثل فقط تشجيعاً وداعماً نفسياً بالنسبة لنا؛ بل هي تذكير لنا، لمواصلة اتباع الإجراءات الوقائية، كما أنها تدفعنا للعمل عن كثب؛ من أجل خدمة وطننا الغالي.وأردف: أعمل في أبوظبي فيما تقطن أسرتي في مدينة العين، وكنت ألتقي بهم دوماً، لكن ومنذ بداية الأزمة أصبحت أتوجه لهم على فترات متباعدة؛ حفاظاً على صحتهم وسلامتهم؛ حيث أفضّل التواصل معهم هاتفياً عوضاً عن الالتقاء بهم. حركة الطيران قال راشد سعيد المهيري، قائد قاطرة بحرية في ميناء خليفة وميناء زايد: بالتزامن مع أزمة فيروس «كورونا» المستجد وتوقف حركة الطيران، زاد العمل في الموانئ، وهو ما شكل مسؤولية تقع على عاتقنا؛ حفاظاً على مواصلة واستمرار توفير الغداء والدواء للمجتمع، كما أن كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بأن الغذاء والدواء خط أحمر، كانت تشجعنا على بذل المزيد من الجهد. وأضاف: استقبل أوامر من برج المراقبة؛ لاستقبال البواخر القادمة للموانئ وقطرها إلى الميناء، ومنذ بداية الأزمة وقفنا جميعاً بمختلف مهامنا ومسؤولياتنا متحدين؛ لتحقيق هدف واحد؛ وهو استمرارية الإمدادات من الغذاء والدواء، والإمدادات كذلك من السيارات والأثاث والمواد الأولية التي تحتاج إليها المصانع، وغيرها.وأشار إلى أن استعداد القطاع البحري لمواجهة فيروس «كورونا» المستجد بدأ قبل تسجيل أي إصابة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو ما ساعد على السيطرة على الحركة الملاحية، ومواصلة العمل فيها بكامل طاقتها على الرغم من التباعد الجسدي، واتباع الإجراءات الوقائية.
مشاركة :