توقع خبراء اقتصاديون انتعاش ميزانية السعودية، بدءا من الربع الثالث العام الجاري نتيجة عوامل استراتيجية رئيسية ستساهم في رفع إيرادات الدولة بشكل ملحوظ، مرجعين ذلك إلى عودة حيوية النشاط الاقتصادي برفع الإغلاق الكلي بعد منع التجول الاحترازي من تفشي فيروس "كورونا" المستجد الفترة الماضية، وتحسن أسعار النفط، ورفع قيمة الضريبة المضافة، وإلغاء المخصصات المالية الإضافية في الإنفاق الحكومي بما يعزز وفورات مالية محتملة. وأكد المستشار الاقتصادي يحيى الحجيري أن سقف التوقعات بانتعاش إيرادات الموازنة السعودية بالربع الثالث مرتفع جدا، كنتيجة حتمية للمعالجات والإصلاحات التي استمرت الدولة فيها منذ فترة ما قبل وخلال أزمة جائحة "كورونا"، متوقعا أن تعزز حزمة عناصر الدعم والإصلاحات والمبادرات السعودية الميزانية بدءا من الربع الثالث من العام الحالي، وفقا لما نقلته "الشرق الأوسط". ولفت الحجيري إلى أن من أهم معززات الانتعاش المتوقعة للإيرادات السعودية، عودة النشاط الاقتصادي وتحسن أسعار النفط وضريبة القيمة المضافة بجانب إلغاء مخصصات حكومية ستعمل جميعها على تعزيز مالية خزينة الدولة، مشيراً إلى أن حيوية النشاط التجاري والقدرات والإمكانات التي تمتع بها السعودية في الإنتاج والصناعة كفيلة بزيادة الإيرادات بشكل معتبر خلال الشهور المقبلة. تحسن أسعار النفط من ناحيته، توقع الخبير الاقتصادي الدكتور خالد رمضان انتعاش الإيرادات مرة أخرى خلال الربع الثالث بفعل عوامل رئيسية يأتي في مقدمتها عودة النشاط الاقتصادي لطبيعته المعهودة، وزيادة أسعار النفط وتماسكها فوق متوسط 40 دولارا للبرميل، بالإضافة إلى ارتفاع ضريبة القيمة المضافة مما سيضاعف الإيرادات غير النفطية، بجانب إلغاء بدل غلاء المعيشة والذي سيقلص الإنفاق وقد يحقق وفورات خلال النصف الثاني بحوالي 36 مليار ريال. وأضاف رمضان أن زيادة أسعار النفط وتماسكها فوق متوسط 40 دولاراً للبرميل يدعمه تقديرات عديدة بتحسن الأسعار إلى مستوى 50 دولارا للبرميل بنهاية العام الحالي، بينما يشير إلى أن زيادة ضريبة القيمة المضافة التي بدأت الدولة تطبيقها مطلع يوليو (تموز) الماضي ستضاعف الإيرادات غير النفطية. وأشار رمضان إلى أن المرحلة الأسوأ تم تجاوزها بالفعل مع عودة القطاعات الاقتصادية المختلفة لممارسة أعمالها بشكل طبيعي، مما سيدعم تحسن الإيرادات بدءاً من الربع الثالث، متوقعاً أن تصل الإيرادات الحكومية إلى نحو 657 مليار ريال بنهاية العام الجاري، إذ سيسهم هذا بدوره في رفع الاحتياطي النقدي للبلاد إلى 420 مليار دولار، معتبراً أن انحسار الآثار الاقتصادية للجائحة يشكل فرصة تاريخية للقطاع الخاص لتخفيف الاعتماد المفرط على الإنفاق الحكومي، وزيادة مساهمته في الاقتصاد السعودي.عودة النشاط من جانب آخر، أبدى الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية، تفاؤلاً كبيراً بانتعاش الإيرادات السعودية خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، في ظل معطيات معززة للإنتاج والإصلاح وجذب الاستثمار وإنعاش القطاع الخاص اقتصاديا وتجاريا في وقت تشهد في أسواق الطاقة العالمية ارتفاعا في سعر برميل النفط، الأمر الذي يعزز نمو الإيرادات بشكل كبير خلال الفترة المقبلة. ويتفق باعشن على المحفزات الأربعة، إذ يشير إلى أنها كفيلة بإنعاش الإيرادات السعودية قبل نهاية العام الجاري، خاصة ارتفاع سعر النفط وتزايد انتعاش الاقتصاد الوطني مع ارتفاع المعنويات حول الوعي العام للاحتراز من الإصابة بالفيروس وتزايد أعداد حالات الشفاء في البلاد المعلنة من قبل وزارة الصحة. ويضيف باعشن أن استمرار الدولة في ملف الإصلاح الشامل للسياسات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بجانب إطلاق المبادرات الداعمة للأنشطة والإنتاج وتعزيز المحتوى المحلي، جميعها عوامل ستقوي الاقتصاد الوطني في ظل استمرار الجائحة. وفي جانب آخر، أبدت مؤسسة النقد العربي السعودية توقعاتها لمستوى التضخم الفترة الجارية حيث تقدر ارتفاع معدل التضخم بالربع الثالث بالمقارنة مع الربع المماثل من العام المنصرم. ولفتت "مؤسسة النقد" في تقرير عن التضخم للربع الثاني 2020 إلى أن مستوى الأسعار في الربع الثالث سيتأثر بشكل رئيسي بارتفاع ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15%، موضحة أن فترة إجازة الصيف والتي يتخللها عيد الأضحى المبارك قد يساهم في زيادة الأسعار نسبيا.ضريبة القيمة المضافة وصعد المستوى العام للرقم القياسي لأسعار المستهلك الربع الثاني بمعدل 1% مقابل الفترة ذاتها من العام الماضي فيما انخفض بنسبة 0.2% بالمقارنة مع الربع الأول هذا العام. وأرجع التقرير تنامي التضخم في الربع الثاني إلى ارتفاع قسم الأغذية والمشروبات الذي سجل أعلى نسبة نمو بواقع 6.5% مقارنة بالربع المقابل من العام الماضي، تلاه قسم السلع والخدمات المتنوعة بنسبة 2%. ويتسق ذلك مع التطورات النقدية الأخيرة، وكشفت "مؤسسة النقد" في أحدث تقاريرها عن ارتفاع القروض الاستهلاكية في البلاد خلال الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 5.3% مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنصرم، لتصل إلى 335.7 مليار ريال (89.5 مليار دولار). واستحوذت قروض ترميم وتحسين العقارات وقروض السيارات ووسائل النقل الشخصية على النصيب الأكبر من القروض الاستهلاكية في المملكة خلال الربع الثاني من العام الجاري، بينما بلغت قيمة القروض الموجهة لترميم وتحسين العقارات بالسعودية 25.2 مليار ريال، فيما جاءت القروض المقدمة بغرض شراء السيارات ووسائل النقل الشخصية، بقيمة 15.6 مليار ريال. من جهة أخرى، أوضحت آخر الإحصاءات النقدية المعلنة مؤخرا أن قيمة مشتريات المصارف العاملة في السعودية من النقد الأجنبي بلغت 756.7 مليار ريال (201 مليار دولار) خلال الربع الثاني من العام الجاري، مسجلة تراجعا بنسبة 10.6% لذات الفترة من العام الماضي. وبالمقارنة الربعية، انخفضت مشتريات البنوك والمصارف من النقد الأجنبي بنحو 15.2% مقابل الربع الأول لثاني تراجع ربعي على التوالي، في وقت يعود فيه السبب إلى انخفاض الطلب من البنوك الخارجية، ومن عملاء المصارف داخل السعودية بالإضافة إلى تراجع تمويل الواردات 22.3% خلال الربع الثاني على أساس سنوي.
مشاركة :