احتار الأطباء لفترة من الزمن في سر معاناة قرية "كلاشي" الواقعة على الحدود الشمالية لكازاخستان من وباء اجتاح القرية جعل سكانها يغطون في نوم عميق بلا انقطاع لستة أيام متواصلة أحياناً وشاركهم في ذلك سكان بلدة "كراسنوغورسك" الروسية القريبة منهم. وكان الوضع يزداد سواءً لسكان القريتين مع مرور الوقت وعجز الأطباء عن تفسير حالتهم الصحية وتشخيصها أو التوصل إلى السبب الذي يجعلهم جميعاً يستسلمون لسلطان الكرى وتبعاته التي تطورت إلى إصابة بعضهم بهلوسات خطيرة وضعف عام في الجسم وخمول مستمر ودوخة وفقدان للذاكرة. وبعد معاناة طويلة أخذ سكان القريتين وخصوصاً "كلاشي" في مغادرتها والهجرة منها ولم يبق فيها إلا 130 شخصاً من مجموع ستة آلاف نسمة كانوا يملأون طرقاتها حياة وضجيجاً وهربوا من الوباء الذي اجتاحها خوفاً من تدهور الأوضاع إلى أمور لا يمكن لاحقاً السيطرة عليها أو تفشي أمراض خطيرة فيهم نتيجة لما حل بهم. وكان الأطباء والخبراء يشكون في موقع قديم ومهجور لمنجم يورانيوم قريب من المنطقة من مخلفات الحقبة السوفيتية السابقة وكثفوا أبحاثهم ودراساتهم عنه ليكتشفوا تلوث البيئة المحيطة به وعلى منطقة شاسعة بمستويات عالية من غاز أول أكسيد الكربون السام بمستويات عالية جداً مع انخفاض حاد في مستويات الأكسجين بالإضافة إلى غازات أخرى خاملة مثل الرادون وغيرها والتي نشطت أبخرتها مع اختلاطها بالمياه الجوفية على مدى ثلاث سنوات تقريباً منذ عام 2012 وهي بداية ظهور بعض الأعراض الجانبية على عدد غير قليل من سكان البلدتين. وبإثبات هذه المستويات الخطيرة من التسمم البيئي شرعت حكومتا كازاخستان وروسيا في إجلاء سكان القريتين ونقلهم إلى مناطق أخرى آمنة والبدء في إجراءات إخلائهما نهائياً وحظر السكن فيهما أو حتى الاقتراب من محيط المنطقة بشكل عام لما في ذلك من ضرر وخطورة على الصحة العامة لينتهي بذلك سر معاناة وباء النوم الجماعي الذي حيرهم لبضع سنوات مع أن الأبحاث والتجارب الأولية في ذلك والتي شملت تحليلات واسعة للتربة والماء والهواء وإجراء فحوصات وتجارب مخبرية على السكان أنفسهم ولكن لم يتبين منها شيء حاسم في حينها.
مشاركة :