في الوقت الذي انشغل فيه العالم بمتابعة التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران كانت عملية السهم الذهبي تخترق حصون الحوثيين وأتباع المخلوع صالح في عدن وصولاً إلى التحرير الكامل للمحافظة بالتزامن مع عيد الفطر المبارك. وبينما كانت المخاوف تتصاعد من التداعيات التي قد تنجم عن هذا الاتفاق الذي اعتبره البعض إطلاقاً ليد إيران في المنطقة كان رد المقاومة مدوياً في عاصمة الجنوب في رسالة هي الأقوى لطهران وحلفائها في اليمن وخارجه. هذا الانتصار الذي سعت مليشيات الانقلابيين للتقليل منه من خلال الحديث عن تسليم عدن طواعية لأهل الجنوب بعد تحريرها من القاعدة وأنصار الرئيس هادي كما يدعون، أو أنّ تراجع عناصرهم جاء بسبب الإنزال عن طريق البحر في إنكار حقيقي للواقع الذي يثبت انكسارهم أمام عزيمة المقاومة وصبرها في مواجهة جرائهم في عدن الصمود. والحقيقة أنّ ما جرى خلال الأيام الماضية ما هو إلا ثمرة لاستراتيجية التحالف الذي تقوده المملكة من خلال التعامل مع كل مرحلة على حدة انطلاقاً من عاصفة الحزم، مروراً بإعادة الأمل وصولاً إلى عملية السهم الذهبي الذي مثلت رأس الهرم في دعم المقاومة اليمنية بعد أسابيع من التدريب النوعي للمئات من عناصرها ومن ثم تزويدهم بالأسلحة والمعدات اللازمة لتغيير المعادلة على الأرض. ضربات جوية وبحرية بالغة الدقة وتنسيق ميداني فعّال ساهم أيضاً في ملاحقة فلول الحوثيين وعناصر الحرس الجمهوري الموالين لصالح بداية من الخط الساحلي الذي شهد الإنزال البحري لعشرات الآليات المدرعة التي ساهمت تباعاً في استرجاع المطار الدولي وأحياء المدينة عدن والمديريات التابعة لها في سرعة قياسية أثبتت قدرة التحالف على إدارة المجهود الحربي جواً وبحراً وبراً على أكثر من جبهة وقيادة عناصر ميدانية لم يسبق لمعظمها حمل السلاح. وبعد هذا الانتصار الكاسح في عدن الذي مهد لعودة السلام والأمان للجنوب هاهي الأنظار تتجه إلى مأرب وتعز ومن ثم العاصمة صنعاء وصعدة وما تبقى من محافظات يمنية لتحريرها من سيطرة الحوثيين وصالح، فلا يزال في الكنانة المزيد من السهام وبمختلف الألوان والأحجام لاستعادة الشرعية بالقوة بعد فشل الجهود السياسية والدبلوماسية. أكتب هذا المقال وأنا في محافظة جازان الحدودية التي يقيم فيها عشرات الآلاف من الأشقاء من الجالية اليمنية، هنا حيث تشارك الجميع الاحتفال بالنصر في عدن ليصبح العيد عيدين، بانتظار العيد الكبير الذي بدأت ملامحه تلوح في سماء اليمن السعيد الذي أراد له اعداؤه أن يكون شوكة في خاصرة جيرانه وعمقه العربي.
مشاركة :