حتى لا ينتصر المرض - محمد الطميحي

  • 11/16/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ليس استعجالاً في الحكم على الأمور ولكن استناداً إلى الإحصائيات المخيفة التي تشير إلى ارتفاع نسبة المصابين بداء السكري في المملكة نستطيع القول بأن جهودنا في مواجهة المرض قد فشلت بالفعل. فبأرقام تتجاوز العشرين بالمئة من عدد السكان، تحتل بلادنا وشقيقاتها من دول الخليج باستثناء سلطنة عمان المراتب المتقدمة في تقارير منظمات الصحة العالمية حول نسبة المصابين بهذا الداء الصامت. وعلى الرغم من ذلك يوجد لدينا عشرون مركزا متخصصاً فقط بمرض السكري، وهو رقم غير كاف لمواجهة ملايين الحالات التي تحتاج إلى مراجعة جميع العيادات المتوفرة في مستشفياتنا الحكومية للتعامل مع المضاعفات الناتجة عن المرض دون السيطرة على المسبب الرئيسي لها. ضعف النظر، العمى، أمراض القلب، الفشل الكلوي، تلف الأوعية الدموية الذي يقود فيما بعد إلى الغرغرينا وفقدان الأطراف، وغيرها من المضاعفات الخطيرة التي كان من الممكن تجنبها وتوفير تكاليف علاجها الباهظة لو استطاعت وزارة الصحة التعامل بشكل أفضل مع المرض في الأشهر الأولى من الإصابة. تعودنا إلقاء اللوم على الوزارة باعتبارها الجهة المسؤولة عن رسم التوجهات الصحية وتطبيقها بما يضمن الحفاظ على مستوى صحي عال لدى المواطنين ولكنها ليست وحدها المسؤولة هذه المرة، فمواجهة مرض بهذه الخطورة وبهذه النسب المرتفعة يتطلب استراتيجية وطنية فاعلة للحد من انتشاره الذي يتجاوز بكثير المعدلات الطبيعية. وكالعادة ازدادت يوم أمس الأول الرسائل التوعوية بالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة السكري دون الاعتراف بأن الجهل ليس ما يدفعنا إلى الإصابة، بل الإصرار على أسلوبنا الغذائي الخاطئ الذي أصبح جزءا من حياتنا الخالية من أي نشاط رياضي يساهم في حرق آلاف السعرات التي تجد طريقها إلى بطوننا كل يوم. المشكلة تتضاعف عند الحديث عن ارتفاع نسبة السمنة لدى أطفالنا، وبالتالي إصابتهم في وقت مبكر بالنوع الثاني من السكري الذي يتزايد خطره مع الاستهلاك المفرط للوجبات السريعة والمشروبات الغازية المليئة بالسكريات. أعتقد جازماً بأن وجود تعاون وثيق بين وزارتي الصحة والتربية والتعليم من خلال فتح عيادات توعوية في كل مدرسة لمراقبة الوضع الصحي لكل طالب بما في ذلك مستوى السكر في الدم، إلى جانب تخصيص ساعات أكثر لممارسة النشاط البدني، وتقديم وجبات غذائية متكاملة للطلاب سيساهم بشكل كبير في الحد من انتشار المرض من خلال التأسيس لثقافة صحية مليئة بالنشاط وبالبدائل الغذائية السليمة. في الأخير.. طالما لدينا مجتمع يأكل الكبسة والمثلوثة بنهم، وينام ساعتين في النهار، ولا يمارس الرياضة بانتظام، ويفضل افراده الجلوس أمام التلفزيون مع كوب شاي سكر زيادة أو فنجان قهوة وقدوع، ويستخدم السيارة في كل مشاويره حتى لبيت الجيران، فإن نسبة المصابين بالسكري سترتفع لدينا إلى الحد الذي لا يمكن احتواؤه حتى لو خصصت الدولة ميزانية الحكومة كلها لوزارة الصحة.

مشاركة :