مثقفون: عادات العيد يصعب التحرر منها

  • 7/20/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

هل تختلف عادات المثقفين في العيد عن سواهم، أم أنها عادات واحدة لدى الجميع؟ ولماذا يبدو العيد أحياناً لدى المثقف على أنه مناسبة للحزن وليس للفرح، على رغم اعتراف بعض هؤلاء المثقفين في استطلاع لـ«الحياة» أن العيد لا بد أن يبقى عيداً مهما كانت المأساة. ولا يستطيع المثقف، بحسب بعضهم، أن يتحرر من العادات التي تجمعه بسواه من البشر، هذه العادات التي تتحول إلى ما يشبه النواة الصلبة، يستحيل التغلب عليها، مهما كانت درجة ثقافته. وأوضح الدكتور زيد الفضيل أن عيد رمضان، «كنا ننتظره من العام للعام، نشتري حوائجنا فيه، ونفصل ثيابنا الجديدة احتفاء بحضوره، وكان ذلك غير متاحٍ في كثير من أيام السنة، إلا لبعض ذوي اليسار. ذلك العيد الذي نحتفي به بأكل الكعك اللذيذ الذي طهته أيدي أمهاتنا، وسهرت عليه أخواتنا، حتى إذا جاء الصباح، وخرج الناس من صلاتهم مستبشرين فرحين، أخذنا في إلتهام كل ما رأيناه من كعك وحلويات بكل فرحة وسرور»، مشيراً إلى أن «فرحنا وسرورنا كان صادقاً لا تشوبه أي منغصات، بسبب كدر الحياة، أو بؤس الإعلام، وضراوة السياسة». والفضيل يقضي العيد مع الأسرة «في أول يومين وبعض الأصدقاء، ثم أنكف على نفسي في رحاب سيدي رسول الله، إذ ألفت زيارته صلى الله عليه وآله وسلم في بقية أيام العيد المبارك، فأحظى بالقرب منه وقد خف زائروه من بعد شهر رمضان المبارك، وفي ذلك سعادة بالغة ليس لها مثيل، كما أنها فرصة لزيارة عدد من الأصدقاء في طيبة الطيبة على ساكنها وآله أفضل الصلوات والتسليم». ويقول الشاعر سعد الثقفي: «العيد سيبقى عيداً رغم المآسي والأحزان، إنها سنة الحياة، فلا بد أن نفرح بالعيد رغم كل شيء، أتذكر أنني قلت يوماً: أتى العيد لابد أن نفرحا/ ولو أنّ حزني هنا ما أمحا». وأوضح الثقفي أنه سيقضي هذا العيد «بعيداً عن بقية الأسرة، إذ إنني سأمضي العيد بعيداً عن القرية، إذ منزلي الجديد في مكة سيكون عيدنا هذا العام، ولذا سيكون مختلفاً لا ريب». والعيد بالنسبة للكاتبة شذا عزوز يبدأ بحضور الصلاة، ثم الإفطار في منزل العائلة، «وبقية الأيام تنقضي في الزيارات أو استقبال الضيوف المهنئين، وزيارة بعض الأماكن الترفيهية. وأبتعد في ساعات الذروة عن الكتابة أو القراءة، إلى أن يتهيأ لي الوقت». الدكتور شاهر النهاري يرى أن العيد «أصبح بيننا منقوصاً مدحوراً منذ سنوات طوال نحن العرب والمسلمين، ولم يتبق منه إلا بعض المراسم الشكلية الفارغة، والكلمات الممجوجة المبتورة، وفرحة مفقودة حتى بين أعين الطفولة»، لافتاً إلى أنه يقضي يوم العيد، «في محاولات أسرية واجتماعية مقننة للبحث عن أي بقايا للعيد، وأنظر بحسرة للأطفال، ممن يتمكنوا من هجر النوم، ومقاومة النعاس، وإعادة ترتيب ساعات يومهم، الذي خلفه لهم سهر ليالي الصوم، ويسرقني الواقع، فأجلس لأوقات طويلة على انفراد، أقلب في قنوات السياسة، وأحاول أن ألتمس لحظات سلام مع النفس، وقد لا يتحقق لي ذلك». ويرى الشاعر عبدالرحمن المالكي أن العيد أصبح «كغيره من الأيام ليست نظرة سوداوية، ولكن لأن كل شيء تغيّر. في العيد، أستيقظ باكراً وأتجهز للصلاة ثم أفاجئ زوجتي بهدية العيد، وأخرج لبيت والدي ووالدتي حيث الإخوة هناك وأبدأ بمعايدتهم، ثم إهداء الهدايا البسيطة، ثم نذهب للصلاة، وبعدها نعود لمعايدة جدتي، وقبل الظهر أعود لبيتي، وأتصل بالأصحاب وأبارك لهم بالعيد، وأستعرض جدول أمسياتي والمناسبات وما إلى ذلك، وعلى ضوئها يتم قضاء بقية الأيام». ويؤكد نائب رئيس نادي الباحة الأدبي الدكتور عبدالله غريب «أنه لم يتبق من العادات القديمة التي كنا نعرفها في منطقة الباحة إلا النزر القليل في بعض القرى في أطراف المنطقة، أما بقية القرى فقد تلبست ثوب المدنية مقلوباً وأصبح العيد من دون طعم ولا رائحة». ويلفت إلى أنه يقضي يوم العيد «مع أهالي القرية، ولكن وقته كما ذكرت محدود وقصير قد لا يصل لأكثر من ساعة ويتفرق الجمع، وقد أتأخر في البيت لاستقبال بعض الأقارب والأصدقاء. وللعلم أنا في بيتي أقدم للزائرين صحفة من العيش المصنوع من الذرة مع السمن والعسل، وأحياناً الخبزة البلدي وبعض الفواكه الموسمية بالباحة. بعد ذلك أذهب إلى الأخوات والأقارب بحسب مراتب ودرجة قرابتهم، ولأني في لجان تتعلق باحتفال المنطقة بالصيف والعيد ثاني أيامه فقد تشغلني متابعة البرنامج من خلال البروفات الأخيرة تمهيدا للاحتفال. ويقول الدكتور إبراهيم الدغيري أنه ليس هناك «طقوس» محددة وقت العيد، «فالعيش في منظومة اجتماعية ذات نواة صلبة يجعل من الصعب التحرر من سلطتها. ﻻ بد من أداء الواجبات المرتبطة بالآخرين أوﻻً ثم اﻻلتفات للحالة الشخصية. غالباً ما أميل للهروب، والسفر أحسن وسيلة لذلك». المآسي وفرحة العيد ولفت الروائي مقبول العلوي إلى أن العيد هو العيد وسيبقى عيداً، «المآسي التي تحدث من حولنا مؤثرة، ولكنها يجب أن لا تحد من فرحتنا بهذه المناسبة الدينية العظيمة». ويقضي العلوي يوم العيد «في المعايدة ومشاركة الجميع فرحة العيد. أما القراءة في العيد ففي اعتقادي أن أي شخص يعشق القراءة، فلن يتوقف عنها. اقرأ بعض الروايات الخفيفة من نوع النوفيلا في الغالب، خصوصاً في فترة المساء». وأشار القاص سمير مرتضى إلى أنه يقضي أيام العيد في البيت، «فأنا شخص «بيتوتي» جداً وكل وقتي أقضيه مع عائلتي ومع مكتبتي وأرشيفي، ولكن لا يخلو الأمر في العيد من تبادل الزيارات مع الأقارب». الشاعر والكاتب محمد الخضري أوضح أن يوم العيد «لم يعد ذلك اليوم الذي تُشرع فيه أبواب المنازل من بعد صلاة العيد، لاستقبال المعيدين من الأهل والأقارب والجيران والأصحاب... أصبحت المعايدة رسائل منسوخة من «واتساب» ومن رسائل الجوال، لكن بالنسبة إلي يبقى لصباح العيد مذاقه ورونقه وطقوسه التي ما زلت متمسكاً بها. والمساء يكون غالباً للأسرة». في حين ترى الروائية إلهام الجعفر الشمري أن العائلة «أهم من يضيف لهذا العيد بهجة. والاجتماع بهم لا يمكن أن يكون له بديل آخر، وربما ما تحتفي به المنازل من أصوات الأطفال وابتسامات الكبار واستمتاعهم بدفء العيد، يحجبنا عن زحمة الشوارع والفوضى التي قد يحدثها التنزه خارج المنزل». ويقضي القاص جمعان الكرت العيد في ربوع منطقة الباحة «أرى نفسي كغصن في شجرة العائلة بنوعيها الصغيرة «الأسرة» والكبيرة «القرية» نستقبل العيد بما يجب أن يُستقبل من حفاوة وحب وابتهاج. في هذا اليوم العظيم «العيد» يتوقف - بالنسبة إلي - نبض القلم، ليزداد نبض القلب حباً واحتراماً وتقديراً لكل من أعرفه، وكل عام والجميع في ثوب الفرح الدائم». ويقول القاص ساعد الخميسي: «حين تتبدل حياة برمتها تتبدل الأعياد وفقاً للشعور المترسب في نفوس الأجيال، جراء ما يحدث من انكسارات تمس بنية المجتمع الذي كان يعيش ويطمح ويحلم بروح واحدة لا تعرف الشتات الذي نعيشه اليوم». لم يعد العيد مفهوماً جمعياً يتوارد على فرحته الكبير والصغير بذات السياق، أصبح العيد قابلاً لتأويلات لها سياقات خاصة». ويضيف: «كأي وقت يفرض علينا معطاياته التي يكونها المعطيان الأكبران الزمان والمكان.. كل الأوقات لا نمتلك فيها غير المعايشة التي توازن الذي يجري بنا لا الذي يجري فينا». القاص والمسرحي محمد رببع الغامدي قال عن برنامج خلال يوم العيد: «برنامجي في يوم العيد تشغل الصلاة فاتحته، ثم يأتي دور التزاور وتبادل التهاني، وفي الليل تحلو غالباً مسامرات الأهل والأقارب فالدنيا عيد، ولا يمنع ذلك من وقت مستقطع نمارس فيه فعلاً ثقافياً من أفعال القراءة أو المشاهدة أو حتى الكتابة فالوقت طويل وفيه متسع لكل فعل لائق وجميل». أما الكاتب منصور الزغيبي فيعتبر العيد «مناسبة عظيمة من خلاله ترمم الجروح، وتعيد شيء من التوازن للنفوس، وفرصة لبث الحب وتطهير القلوب من الخلافات السلبية، العيد فرصة عظيمة لتجديد العلاقات وتوثيقها وتعميق المحبة والمودة والصلة والتسامح، وهذا الشيء يكون بداية من الأسرة الصغيرة ثم الأسرة الكبيرة والجيران والأصدقاء وكل من نستطيع أن نتواصل معه».

مشاركة :