قيادات وأنصار الحركة الإسلامية يعتبرون تناول المسرحي لطفي العبدلي للخصوصية الجسدية لرئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في مسرحيته جزءا من الحريات الفنية، في وقت تعتبر فيه منظمات نسوية العمل جزءا من العنف ضد المرأة. تونس- تسعى حركة النهضة الإسلامية لاستغلال الشأن الثقافي في البلاد وذلك بهدف تصفية الحسابات السياسية مع الخصوم السياسيين تحت ذريعة حرية التعبير. ومثل قيام المسرحي التونسي لطفي العبدلي باستهداف رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في أحد مقاطع مسرحيته وردود الأفعال المنددة بذلك وسيلة مناسبة للحركة الإسلامية للتحذير من عودة الاستبداد وقمع الحريات، في ادعاء لا يمكن الوثوق به عندما يأتي من حزب مرجعيته معادية للحريات بمها فيها الثقافية والفنية. وكان العبدلي قد خصص 10 دقائق في مسرحيته التي عرضها في مهرجان رادس بداية الشهر الجاري للتهجم على عبير موسي بعبارات وصفت من قبل أنصار الدستوري الحر بأنها خادشة للحياء ومهينة للمرأة التونسية. راضية الجريبي: هذه الممارسات لا تشجع المرأة على خوض تجارب سياسية راضية الجريبي: هذه الممارسات لا تشجع المرأة على خوض تجارب سياسية وعبّر أنصار الدستوري الحر عن غضبهم من العبارات المستعملة في المسرحية ضد زعيمتهم خاصة انتهاك خصوصيتها وذلك بالحديث عن ملابسها الداخلية (التبان)، متهمين العبدلي بممارسة العنف اللفظي ضد موسي بعيدا عن النقد الحقيقي. ورغم أن العبدلي قد برر موقفه بأن انتقاداته ضد موسي جزء من حرية التعبير التي كفلها الدستور التونسي وأنه لا يمكن محاسبته على أفكاره بمنطق “أخلاقوي”، لكن منظمات نسوية عبرت عن مساندتها لموسي واصفة المسرحية بأنها اعتداء صارخ على المرأة التونسية وبأنها جزء من العنف الممارس ضدها. ورغم أن موقف العبدلي لقي تأييدا من البعض ومعارضة من أطراف أخرى وفي مقدمتها المنظمات المدافعة عن المرأة، لكن المثير للاستغراب هو موقف حركة النهضة التي حملت مشعل الدفاع عن العبدلي برفع شعار الحريات في موقف وصف بالمصلحي البحت. وشن أنصار الحركة انتقادات ضد مديري المهرجانات الذين قرروا إلغاء عروض لطفي العبدلي بعد اتهامهم بالانصياع لأوامر الحزب الدستوري الحر، رغم أن الحزب في المعارضة وبعيد عن مفاصل الدولة التونسية ولا يملك بالتالي القدرة على إلغاء عروض مسرحية. كما حاولت حركة النهضة استغلال قرارات إلغاء عروض العبدلي للتصعيد ضد موسي والتحذير من عودة الاستبداد وبقايا النظام البائد وما يشكله ذلك من مخاطر على الحريات في وقت تعرض فيه العبدلي نفسه للتهجم من قبل أنصار الحركة عندما انتقد في مسرحياته رئيسها راشد الغنوشي. ووقف الإسلاميون بكل قوة ضد حرية التعبير والإبداع والفن عندما أمسكوا بالسلطة بعد الثورة، بل وهاجم أنصار التيار الإسلامي لفظيا وماديا أعمالا فنية مناوئة لهم على غرار عرض قناة نسمة للفيلم الإيراني “برسيبوليس” أو قيام متطرفين باقتحام معرض العبدلية للاحتجاج على مجموعة من الأعمال الفنية اعتبروها مسيئة للإسلام. اقرأ أيضا: "ما هي حدود حرية التعبير" في تونس وتعرض لطفي العبدلي نفسه للعنف والتهديد من قبل تيارات دينية متشددة في السنوات الماضية لمنع عرض مسرحياته بحجج دينية وأخلاقوية، لكنه حينها لم يلق نصرة ودعما من حركة النهضة بل وجد الدعم من التيارات المدنية والتقدمية التي دافعت عنه بكل قوة واليوم يرفع أنصار التيار الديني لواء الدفاع عن حرية التعبير وعن حق لطفي العبدلي في استعمال مصطلحات “الملابس الداخلية” لسياسية أرقت حركة النهضة طويلا ومثلت مواقفها الثابتة مأزقا لرئيسها ورئيس البرلمان الغنوشي. ومثل تصريح القيادي في حركة النهضة العجمي الوريمي الاثنين أبرز مثال على ازدواجية خطاب قادة النهضة في ما يتعلق بالحريات، حيث أفاد في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك أنه يتضامن مع العبدلي وأنه يرفض توظيف الإدارة لمنعه. وحاول الوريمي إعطاء انطباع بأن ما يقدمه العبدلي ليس انتهاكا لخصوصية سياسية تونسية صاعدة لها عائلة وأنصار وإنما جزء من الحريات التي تعيشها البلاد ولا يمكن بالتالي محاسبة الفنان عما يقدمه إلا عبر الهيئات القضائية. وقال الوريمي في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك إن “استعمال كل الطرق لفرض الرضوخ والتسليم لطرف حزبي أو سحل أي فنان بلا شفقة أو رحمة واستضعافه لأن لا حامي له رسالة سيئة إلى المبدعين في كل الفنون”. شن أنصار الحركة انتقادات ضد مديري المهرجانات الذين قرروا إلغاء عروض لطفي العبدلي بعد اتهامهم بالانصياع لأوامر الحزب الدستوري الحر لكن موقف الوريمي عارضه عدد من الحقوقيين والسياسيين والناشطات في المجال النسوي، حيث أفادت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة راضية الجريبي في حوار عبر إذاعة موزاييك الخاصة الاثنين أنه في تونس لا ننقد سياسات المرأة ومواقفها وتصوراتها بل نستهدفها في جسدها. ووصفت الجريبي مسرحية العبدلي بأنها بعيدة عن العمل الفني، موضحة أن ممارسات بهذا الشكل لا تشجّع المرأة التونسية على خوض تجارب سياسية. ومع تصاعد الجدل حول المسرحية وحدود حرية التعبير وجهت الناشطة الحقوقية بشرى بالحاج حميدة انتقادات للمشرعين الذين لم يوضحوا بشكل قاطع حدود الحريات في البلاد والعلاقة مع المقدس وجسد المرأة والانطباعات الأخلاقية. وطالبت بالحاج حميدة بالابتعاد عن الاصطفاف السياسي في قضية مجتمعية تستحق التروي والنقاش بكل عقلانية.
مشاركة :