عمان – أظهرت الحكومة الأردنية حزما في التعاطي مع أزمة نقابة المعلمين، في ظل قناعة بأن بعض القوى في مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين (المنحلة قانونيا) تحاول استغلال التوتر الحاصل لابتزازها وتحقيق مآرب سياسية. ووجهت الحكومة في الأيام الأخيرة جملة من الرسائل لاسيما لجماعة الإخوان المسلمين مطالبة إياها بالناي بنفسها عما يحدث، كما حرصت الحكومة على التأكيد أنها ليست بصدد التراجع عن قرار تجميد العلاوة الذي كان السبب المباشر في تفجر الأزمة بينها وبين النقابة. وتعتبر الحكومة أن إبداء أي ضعف أو تنازل سيحسب بالضرورة عليها، وسيجر معه تنازلات أخرى قد تكون مؤلمة، ومن هنا تؤكد أنه لا مجال لأي تراجع مشددة على أن قرار وقف العلاوة المخصصة للمعلمين سار إلى حين موفى العام الجاري. وقال رئيس الوزراء عمر الرزاز في كلمته الأسبوعية إن هاجس الحكومة الرئيسي حماية حق الطلبة في التعليم بعيدا عن التجاذبات والاستقطاب، وحماية حقوق المعلم وتعزيز مكانته. وأوضح الرزاز “الدولة الأردنية دولة لكل أبنائها، لا تسمح لنفسها بأن تستقوي على طرف ولا تسمح لأي طرف بأن يستقوي عليها أو أن يحتكر الحقيقة وينتقص من حقوق الآخرين”. وأضاف “الحكومة ملتزمة بما تعهدت به لضمان حياة كريمة للمعلم ولموظفي القطاع العام. وقد نفذّنا ما التزمنا به تجاه المعلمين في نوفمبر 2019″، مؤكدا أن العلاوة ستعود إلى جميع موظفي الدولة بداية من العام المقبل. وتفجرت الأزمة بين نقابة المعلمين التي يقودها عضو جماعة الإخوان المسلمين ناصر النواصر بالنيابة والحكومة الشهر الماضي على خلفية قرار صدر منتصف أبريل الماضي، بوقف العمل بالزيادة المالية المقررة لموظفي الجهازين الحكومي والعسكري لعام 2020، بما يشمل المعلمين، اعتبارا من 1 مايو الماضي، وحتى نهاية 2020، لمواجهة تداعيات أزمة كورونا. وعلى خلاف باقي القطاعات التي قبلت على مضض القرار الحكومي عمدت نقابة المعلمين إلى تصعيد الموقف من خلال تنظيم مسيرات احتجاجية مطالبة بإلغاء قرار تجميد العلاوة التي تصل إلى 35 في المئة من الراتب الأساسي للمعلمين. وذهب النقيب ناصر النواصرة حد التهديد بالقول “لو ارتدت علينا الكرة الأرضية فلن نتنازل عن فلس واحد من علاوتنا”، الأمر الذي استفز الحكومة التي ردت عليه عبر وزير الداخلية سلامة حماد باستخدام القوة. النواصرة وباقي أعضاء مجلس النقابة قرروا المضي قدما في خيار التصعيد في الشارع، متحدين قانون الدفاع الساري منذ مارس الماضي، الأمر الذي انجر عنه صدور أمر من نائب عام عمان بوقف نقابة المعلمين عن العمل وإغلاق مقراتها لمدة سنتين، بالتوازي مع توقيف 13 من أعضاء مجلس النقابة للتحقيق معهم في “تجاوزات مالية” و”إجراءات تحريضية”، وبينهم ناصر النواصرة، وقد تمت إحالتهم لاحقا على المحكمة. تلا ذلك صدور قرارات بإحالات على التقاعد طالت العشرات من المعلمين معظمهم محسوبون على التيار الإسلامي. وتقول دوائر سياسية إن المعلمين يدفعون اليوم ثمن محاولات الإخوان توظيفهم سياسيا للضغط على السلطة لاسيما بعد صدور قرار من أعلى هيئة قضائية بحل الجماعة والذي جرى قبل أيام فقط من تصعيد النقابة. ويشي مسار الأمور بأن الحكومة ليست في وارد إبداء أي مرونة في التعاطي مع هذا الملف وقد كانت واضحة لناحية وجوب أن تنأى جماعة الإخوان بنفسها عن الصراع الدائر وإلا فإنها ستجد نفسها في وضع صعب. جاء ذلك خلال لقاء جمع وزير الداخلية سلامة حماد الأسبوع الماضي مع القياديين حمزة منصور وزكي بني ارشيد، لبحث أزمة نقابة المعلمين، وبدا أن هناك حرصا على عدم تشريك أي من القيادات الرسمية للجماعة في الاجتماع، في رسالة حملت أكثر من دلالة، التقطتها الجماعة وردت عليها بحدة عبر ذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي مصرة على أنها لن تتخلى عن هذا الملف. وطالب الحزب الإخواني الحكومة “بالإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين ووقف سياسة التأزيم ضدهم ووقف استخدام النهج الأمني في التعامل مع مطالب المعلمين المشروعة”، وحمل الحكومة والأجهزة الأمنية المسؤولية الكاملة عن سلامة المعلمين من أعضاء مجلس النقابة مع دخولهم في إضراب عن الطعام رفضا لاستمرار توقيفهم.
مشاركة :