أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس، في خطاب له في مدينة بيرمنغهام، وضع خطة خمسية لمواجهة الأيديولوجية المتطرفة، واصفاً هذه الخطة بأنها «نضال من أجل جيلنا»، ودعا إلى وضع حد للادعاءات التي يُطلقها البعض لتبرير التطرف بقولهم إن سببه انعدام العدالة أو الحروب الأخيرة والفقر والعوز. وقال كاميرون إن السبب الرئيس للتهديد الذي نواجهه هو الأيديولوجية المتطرفة ذاتها، مؤكداً أنه «من أجل منعها من الضروري أن نفهم أولاً وقبل أي شيء ما هو السبب الذي يجعل التطرف الإسلامي جذاباً للناس». وأضاف: «عندما يقول الناس: الذين يهاجمون الغرب، يفعلون ذلك بسبب تدخّلنا في حرب العراق، علينا أن نذكرهم بأن هجمات 11 سبتمبر التي سقط فيها أكبر عدد من الأرواح البريطانية أكثر من أي هجوم إرهابي آخر، وقعت قبل الحرب على العراق». وأردف: «عندما يقولون إن المنفذين هم مسلمون ضالون يحاولون الانتقام من الغربيين الذين أساؤوا لهم، فلنذكرهم أنه من كوسوفو إلى الصومال تقدمت بلدان مثل بريطانيا لإنقاذ المسلمين من المذابح. فجماعات مثل (الدولة الإسلامية) و(القاعدة) و(بوكو حرام) هي التي تقتل المسلمين». وواصل رئيس الوزراء جداله قائلاً: «ربما يقول آخرون إن ذلك راجع إلى أن الإرهابيين مدفوعون في أفعالهم بالفقر، وهذا يتجاهل حقيقة أن الكثيرين من هؤلاء الإرهابيين منتفعون كلياً من عائلاتهم الثرية وحاصلون على تعليم جامعي غربي». ونوّه كاميرون إلى أنه لا يُنكر أهمية الادعاءات التي تتحدث عن انعدام العدالة أو الحروب الأخيرة والفقر والعوز والفاقة كأسباب للتطرف، لكنه قال: «ينبغي ألا نُضلّل أنفسنا. فنحن قادرون على معالجة هذه المواضيع كلها، لكن مع ذلك سيبقى هناك في بلدنا وفي أماكن أخرى من ينجذب نحو التطرف الإسلامي». ووفقاً لكاميرون هناك 4 أسباب تدفع الناس إلى التطرف وهي برأيه: * أن التطرف يبدو مثيراً وجذاباً، خاصة للشباب. * أنه بالإمكان جرّ الناس من التطرف غير العنيف إلى التطرف العنيف. * أن التطرف يتغلّب على الأصوات الأخرى في الجدل الفقهي. * أن فشل مساعي الاندماج يتيح للأفكار المتطرفة فرصة الجذب. وتابع: «علينا أن نعطي الأجوبة على هذه النقاط الأربع. نفّذوها فيتبعها التوجه الصحيح لهزْم التطرف». وأكمل: «رغم نجاحاتنا كنظام ديموقراطي متعدد الأعراق والأديان، ينبغي علينا أن نواجه الحقيقة المأسوية وهي أن هناك أناساً يتربّون في هذا البلد من دون أن يشعروا بأنهم جزءٌ منه». واستطرد موضحاً أن الإستراتيجية الجديدة التي طرحها ستعالج هذا الوضع و«ستهاجم أولئك الذين يحملون أفكاراً معادية للقيم الليبرالية الأساسية... ويروّجون للتميز والطائفية والانعزالية». ولم ينس كاميرون الدفاع عن اليهود في هذه الإستراتيجية فأوضح أنها ستقوم بتحديد الأشخاص الذين يروّجون لنظريات المؤامرة بأن «اليهود يمارسون قوة شريرة» في البلد. ومن ضمن الحلول التي اقترحها، أعلن كاميرون عن تشكيل وحدة حكومية خاصة برئاسة لويز كايسي، رئيسة «الوحدة الحكومية لمساعدة العائلة الفقيرة»، وذلك من أجل زيادة فرص العمل والاندماج في المجتمع أمام الجاليات المهمّشة والفقيرة. ولفت إلى انه من ضمن برنامج كايسي في مجال الاندماج ستعمل على معالجة مواضيع مثل ضمان تعليم الناس للغة الإنكليزية، وزيادة خروج المرأة للعمل، وكيف يمكن للوكالات الحكومية الترويج للاندماج وتوفر فرص العمل. وأشار إلى ضرورة أن تتعلم الحكومة من الأخطاء التي ارتكبتها في تجاربها السابقة، مثلما حدث «لدى تسليم الميزانيات لقادة جاليات عَيّنوا أنفسهم بأنفسهم، فاستخدموا تلك الأموال في شكل سيئ». وتعليقاً على الإستراتيجية الجديدة التي كشف كاميرون عنها، قالت وزيرة الداخلية تيريزا ماي أمس، إن الإستراتيجية تتضمن تشريع قوانين جديدة تتيح للأذرع التنفيذية الصلاحية لاتخاذ إجراءات ضد أفراد وجماعات تنشر وجهات النظر المتطرفة. ونفت ماي التي كانت تتحدث إلى «راديو 4» التابع لهية الإذاعة والتلفزيون البريطانية (بي بي سي) أن تشكّل هذه الإجراءات اعتداء على الحريات الفردية وحرية التعبير عن الرأي، قائلة:«نحن لا نُضيّق على حرية التعبير عن الرأي، ونعلم أنها إحدى قيمنا... لكن ما نقوله أننا ملزمون بفحص تأثير بعض الناس في ما يتعلق بالأيديولوجية السامة التي يحاولون زرعها في عقول الناس». وكان وزير التجارة البريطاني ساجد جويد، وهو الوزير المسلم الوحيد في حكومة كاميرون الحالية، قال في لقاء تلفزيوني إن «المسلمين البريطانيين الذين لا يتصدّون للأيديولوجية السامة الخاصة بأنصار (الدولة الإسلامية) يقودون أطفالهم إلى باب الإرهابيين». ودعا جويد العائلات المسلمة في بريطانيا إلى تحدي الأئمة في المساجد إذا هم تخاذلوا في مواجهة المتطرفين.
مشاركة :