ثورة في الأنظمة الرقمية تغير نمط قيادة السيارات | | صحيفة العرب

  • 8/12/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يتزايد جنوح مصنعي السيارات إلى اعتماد الأنظمة الرقمية أو خيارات التخصيص، في تحرك يعكس مدى احتدام التنافس بين الشركات لغزو سوق المبيعات بالتجهيزات الإلكترونية، التي تزيد من رفاهية المركبات وتجعل منها صناديق ذكية متنقلة تساعد السائقين على الدخول في عالم جديد من القيادة رغم بعض التحديات التي تواجه المصممين. لندن – يقف المولعون بالمركبات الذكية على أعتاب تغييرات جذرية في كيفية تصنيع السيارات وطريقة قيادتها، فضلا عن كيفية عملها وما تقدمه من خدمات جديدة بفضل ما تحدثه الثورة التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم حاليا. وتزخر السيارات الحديثة بالعديد من الأنظمة المساعدة التي توفر للسائق المعلومات المهمة للقيادة مثل أنظمة القياس والملاحة، ولكنّ البعض منها يحتاج إلى المزيد من المعلومات لمعرفة كيفية التعامل معها. وبالنظر إلى التجهيزات الأساسية في السيارات قبل سنوات، فإن الزبائن في الوقت الحاضر يحصلون على المزيد من الراحة والرفاهية. ومع ذلك، فإن هذه التجهيزات الإضافية تعد حلاّ ذكيا لترويج السيارة وزيادة أسعارها. وتعد خيارات التخصيص في السيارات الحديثة حتى تكون متفردة في شكلها وقوتها وصلابتها وعمرها الافتراضي، وكذلك الوظائف، التي يقدمها المصنعون لزبائنهم حسب طلبهم من بين أبرز الاتجاهات المتزايدة في الوقت الحالي. ولكن هناك ابتكارات أكثر جذبا للاهتمام من بينها أنظمة مخصصة للرعاية الصحية للسائقين والركاب، إذ يتوقع الكثيرون أنها ستكون متاحة في غضون سنوات قليلة. ومن الحيل الأخرى، التي تلجأ إليها بعض الشركات المنتجة، عرض التجهيزات الإضافية ضمن باقات كاملة من التجهيزات، ورغم أن هذه الباقات تقدم تخفيضات في أسعار التجهيزات إلا أنها في النهاية تلزم الزبون بشراء تجهيزات قد لا يكون في حاجة إليها أصلا. توفر شركات السيارات حاليا لزبائنها خيارات تصميمية تُضفي لمسة تفرّد على السيارة لتميزها عن مثيلاتها من ناحية وتعبّر عن اهتمامات وشخصية مالكها من ناحية أخرى، غير أن خيارات التخصيص هذه ليست مفيدة دائما. وأوضح خبير تصميم السيارات الألماني لوتس فوجنر أن العلامات التجارية الفاخرة مثل أستون مارتن وفيراري وبنتلي، وحتى المتوسطة أصبحت تستفيد بمثل هذه الموديلات التي يتم تصميمها وفق رغبة الزبون، والتي تزيد من سعر السيارة بشكل كبير. فرغبة العميل في أن تتميز سيارته عن شقيقاتها على الطريق ستكلفه بالتأكيد المزيد من المال. ويتفاعل منتجو السيارات مع هذا الاتجاه ويقدمون الآن فرصا رائعة مقابل القليل من المال، على سبيل المثال مع موديلات فولكسفاغن بيتل تي 6 يمكن للزبون بالفعل اختيار أسماء مختلفة ورسمها على جسم السيارة ووحدات الكونسول. ويتمتع الزبائن مع ميني بحُريّة تصميم أكبر. وعلى الرغم من أن قائمة الإضافات والتخصيصات الملونة هناك بالفعل أكبر من معظم الشركات الأخرى، إلا أن الشركة البريطانية أطلقت برنامج ميني يورز كاستوم منذ بعض الوقت. وأوضح أندرياس لامبكا المتحدث الإعلامي لشركة ميني أنّ أيّ شخص يتوفر له خيار إضفاء لمساته الخاصة عبر شبكة الإنترنت على بعض مكونات الجسم والحليات والمقصورة الداخلية ووحدات عرض ليد بالأبواب وأشرطة الصعود. وسلكت بورشه دربا أكثر تميزا في تقديم خيارات التخصيص، فقد وجدت الشركة الألمانية أنه ليس هناك ما يميز المرء أكثر من بصمة إصبعه. وأوضح ألكسندر فابيج، كبير مصممي بورشه، أن شركته طورت ما يسمى بعملية طباعة مباشرة للخطوط الحليمية لبصمة الإصبع الخاصة بالمالك على طلاء السيارة، والتي يتم تطبيقها على غطاء حيز المحرك بمساعدة روبوت متخصص. ومع هذا كله يرى خبير السيارات الألماني هانز جورج مارميت أن هناك جانبا سلبيا لعمليات التخصيص، والذي قد يظهر عند إعادة بيع السيارة، حيث أن ملامح التفرد والتخصيص بالمالك قد تقلل من اهتمام المشترين المحتملين بالسيارة. ويرى مارميت أنه في الواقع ليس من الضروري أن تزيد هذه اللمسات من جمال السيارة أو حتى تعبيرها عن شخصيتها، فسيارة ماكلارين أس 720 على سبيل المثال ستتخلى عن جيناتها عندما تظهر باللون الوردي على الجسم الخارجي، واللون الأصفر على المقصورة الداخلية. تمثل الملحقات الإضافية، والتي يدرجها المختصون ضمن الوظائف حسب الطلب، والتي يقدمها بعض المصنعين، اتجاها جديدا في عالم السيارات الحديثة في ظل ثورة الاتصالات والرقمنة الحالية. وتتيح هذه الوظائف الرقمية للزبائن إمكانية تزويد سيارتهم ببعض الوظائف بشكل لاحق على غرار التطبيقات المتوفرة في أجهزة الهواتف الذكية. ويرى يان بورجارد من شركة الاستشارات الاستراتيجية بيرليز الألمانية أن الموضوع ليس جديدا ولكن تتزايد باستمرار وظائف البرامج في السيارات وإمكانية تحديثها وإتاحتها دون الحاجة إلى زيارة الورشة الفنية، وينصبّ التركيز حاليا على هذا الاتجاه. ولم يعد الأمر يقتصر على وظائف الملاحة ودمج وظائف الهاتف الذكي، ولكن يمكن للوظائف حسب الطلب أن تؤتي ثمارها مع خيارات الهاردوير، حيث يمكن للشركات المنتجة مثلا تجهيز جميع السيارات في طراز معين بتدفئة المقاعد أو تدفئة الوقوف، إذا قام عدد كافٍ من العملاء بتفعيل هذه الوظيفة خلال فصل الشتاء. ونسبت وكالة الأنباء الألمانية إلى بورجارد قوله إن “شركة تسلا الأميركية، رائدة صناعة السيارات الكهربائية، قامت بتفعيل الكاميرات بشكل لاحق منذ نهاية 2016، والتي يتم استعمالها للقيام بوظائف مختلفة في أنظمة القيادة الآلية”. وأضاف “لقد ساعد ذلك على تطوير أنظمة القيادة الآلية لتسلا، والآن تسير بعض الشركات الألمانية المتخصصة في إنتاج الموديلات الفارهة على نفس الدرب، ولكن مع وظائف أقل حيوية”. ويمكن لأصحاب سيارات أودي استقبال الراديو الرقمي نظير اشتراك شهري أو إتاحة واجهة الهاتف الذكي لمدة عام. وأوضح جوزيف شلوسماخر، المتحدث الإعلامي باسم الشركة الألمانية، أن توافر سيناريوهات ترحيب مختلفة في كشافات ماتريكس في السيارة إي – ترون سبورت باك دفع الشركة الألمانية إلى طرح عروض إضاءة جديدة عبر متجر التطبيقات الخاص بها. ويوفر نظام الاستعمال أم.بي.يو.إكس لأصحاب سيارات مرسيدس إمكانية دمج الهاتف الذكي أو إتاحة نظام الملاحة بشكل لاحق. وأعلنت شركة مرسيدس أن سيارتها الفاخرة من الفئة أس الجديدة، والمقرر طرحها في الأسواق خلال فصل الخريف المقبل، ستأتي مزودة بالجيل الجديد من نظام الاستعمال أم.بي.يو.إكس. وبفضل هذا النظام يمكن تحديد هوية صاحب السيارة من خلال إدخال رقم بي.آي.أن أو عن طريق ماسح ضوئي لبصمة الأصابع أو وظيفة التعرف على العينين، حيث يمكن للمستخدم إجراء عمليات الشراء انطلاقا من السيارة. وتقول نادية هورن، المتحدثة الإعلامية باسم شركة بي.أم.دبليو، أن الشركة الألمانية توفر لزبائنها خدمات ما بعد البيع الرقمية لشراء الوظائف الإضافية مثل مساعد الضوء العالي أو منظم السرعات المحافظ على مسافة الأمان أو الصوت الرياضي. وعندما يتم تحديث نظام التشغيل في طراز السيارة المعني، فإنه سيتم طرح العديد من الوظائف الأخرى، والتي يمكنها الوصول إلى الهاردوير والبرامج المتوافرة في السيارة بالفعل. ولفتت هورن الأنظار إلى أن فكرة توافر تجهيزات السيارات كتطبيقات الهواتف الذكية تفيد الأشخاص الراغبين في شراء السيارات المستعملة، إذ يمكن للمالك الثاني تهيئة السيارة المستعملة حسب رغباته الشخصية، على غرار الموديلات الجديدة. وسوف يستفيد من الإمكانيات الجديدة الزبائن والشركات المنتجة على السواء، ولن تقتصر فوائد الشركات على المبيعات الإضافية من خلال هذه الوظائف. ولكن سيتم طرح السيارات بصورة أسرع في الأسواق، على غرار ما حدث مع سيارة فولكسفاغن آي.دي 3، حيث ستوفر الشركة الألمانية بعض الوظائف مثل النظام الأوتوماتيكي لصف السيارة والاقتران اللاسلكي للهاتف الذكي خلال الشهور الأولى مجانا عن طريق تحديث البرامج. عندما يتم التفكير في مستقبل السيارات فإن المركبات المجهزة بأنظمة الرعاية الصحية ليست أول ما يخطر ببال المرء، فقد أصبح الحديث عن السيارات ذاتية القيادة والتنقل المشترك والسيارات الكهربائية واسع الانتشار في الآونة الأخيرة؛ كونها ستغير أسلوب تنقلنا في السنوات القليلة القادمة. ولكن ماذا لو تمّ تزويد هذه المركبات أيضا بالأدوات اللازمة، التي تمكنها من قراءة عقل السائق ورصد التنبيهات الصحية مثل النعاس، أي بمعنى آخر أن تكون السيارة قادرة على تتبع حالة السائق والاستجابة لحالات الطوارئ. وللإجابة عن هذا التساؤل يشير بانغ سون جيونغ، نائب رئيس هيونداي للشرق الأوسط وأفريقيا، إلى أن السيارات، التي تتم قيادتها في الوقت الحالي، ليست قادرة على معرفة حالتك الطبية أو إذا كنت تشعر بالنعاس أو تعاني من الإجهاد على سبيل المثال، ولكنّ ذلك سيتغير بالتأكيد ليصبح واقعا حقيقيا بفضل تسارع تقدم التكنولوجيا. وسيسهم الاستثمار في تطوير تقنيات مراقبة صحة السائق بتعزيز قطاعات صناعة السيارات والرعاية الصحية. ويمكن لأنظمة الرعاية الصحية المدمجة في السيارة ومن خلال التخطيط والتعاون الدقيق مع المؤسسات والجهات الأخرى، أن تساعد في تقليل عدد الوفيات على الطرق بفضل قدرتها على التعرف على الحالة الصحية للسائق وربط بياناتها بنظام السيارة للحفاظ على أعلى مستويات القيادة الآمنة. وتعمل مجموعة هيونداي الكورية الجنوبية لصناعة السيارات على مواكبة كافة هذه التغيرات المتسارعة في قطاع تصنيع السيارات وتَبَني هذه التقنيات المبتكرة وتوظيفها للارتقاء بفعالية أداء المركبات التي تقوم بتصنيعها. وتعمل هيونداي مع العديد من الشركات العالمية المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العالمية من خلال الاستثمار في الشركات الناشئة لتعزيز تطوير التكنولوجيات والابتكارات في هذا المجال. ومن بين تلك الأعمال تقنية التعرف على الوجوه باستخدام الذكاء الاصطناعي أي.آي دييب غلينت لتحديد حالة السائق ورسم صورة ثلاثية الأبعاد لتحليل حالته خلال قيادة السيارة. كما تعمل هيونداي أيضا على تطوير جوانب أخرى مثل جمع المعلومات الحيوية من خلال أجهزة استشعار عن بعد دون اتصال وتلامس، والتي يمكن أن تساعد في الكشف عن حركات السائق ووجود أيّ مستويات من التعب أو الحركات غير الطبيعية. وطورت المجموعة الكورية نظام مراقبة حالة السائق دي.أس.أم الذي سيكون قادرا على المساعدة في منع وفيات الطرق من خلال إصدار تنبيهات فيما إذا كان السائق يشعر بالنعاس. كما تخطط هيونداي لتطوير مركبة مصمّمة خصيصا يمكن أن تكون بمثابة سيارة ذاتية القيادة ويمكن استخدامها كعيادة متنقلة. وقد طرحت المجموعة أيضاً مفهوما جديدا للتنقل يمكن تطبيقه في الرعاية الصحية خلال مشاركتها في معرض الإلكترونيات في لاس فيغاس لهذا العام، وهو مركبة صممت خصيصا لاستعراض الفكرة مع ابتكار مركز تنقل للغرض. ويمثل مشروع بي.بي.في حلا متطورا للتنقل ذاتي القيادة يمكن توظيفه في أشكال مختلفة ويمكن أن يكون بمثابة عيادة متنقلة. ويعتقد المختصون أن يتمكن البعض في المستقبل من تلقي العلاجات الطارئة في عيادة متنقلة، وليس في سيارة إسعاف مع الحد الأدنى من المعدات. ويمثل مركز التنقل المحور الرئيسي لهذا المشروع حيث يتضمن محطة إرساء يمكن توصيلها بالسيارات ويمكن استخدامها بعدة طرق. وبما أنها لا تأتي بنموذج واحد، فمن الممكن استخدامها أيضا لتقديم الخدمات الصحية حسب الحاجة، وهذا ما يسهم بالتالي في فتح آفاق جديدة لعلاج المرضى في سيارة متنقلة في أيّ زمان وأيّ مكان. ولا يزال الوقت مبكرا قبل أن تتم رؤية المركبات ذات أنظمة الرعاية الصحية المتصلة على الطرق، لأن ظهورها يتطلب القيام بالكثير من العمل والتطوير، ولكنها في نهاية الأمر تعتبر خطوة أخرى إلى الأمام وهي فرصة تستمتع بها هيونداي. ولم تعد هذه المركبات المزودة بالأنظمة الصحية خيارا في ظل الحاجة الملحة للتركيز على تعزيز صحة الأشخاص ورفاهيتهم، بل هي ضرورة ماسة يمكن أن تساعد في حماية صحة الناس وتحسين نوعية حياتهم. والأهم من ذلك أنها ستحدث تحولا كبيرا في هذا القطاع.

مشاركة :