لبنانيون يتعايشون مع الصدمة ويخشون «حرباً قد تندلع»

  • 8/13/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعد وقوع انفجار المرفأ، أصبحت تانيا تخشى البقاء وحدها، وظنّت كارلا على مدى أيام أن حرباً ستندلع... بالنسبة إلى اللبنانيين الذين نجوا من الانفجار المروّع، لا تزال الصدمة عنيفة وسيكون صعباً على كثيرين تجاوزها.وفي بلد أدمته منذ عقود الحروب والاغتيالات والتفجيرات، أعادت الفاجعة التي أوقعت 171 قتيلاً وأكثر من ستة آلاف جريح ودماراً غير مسبوق، إحياء جراحات الماضي، مترافقة مع شعور أقوى باليأس والعجز. كانت كارلا (28 عاماً) تقف على شرفة منزلها في منطقة الجعيتاوي في شرق بيروت عندما بدأ كل شيء يهتز من حولها، ثم دوّى الانفجار الضخم الذي أطاح بزجاج نوافذها.وتقول: «اعتقدت أنها غارة جوية، ذكرني دوّي الانفجار بما عشته خلال حرب عام 2006»، مع «إسرائيل». هرعت كارلا إلى سلم المبنى، كما كانت تفعل مع كل غارة جوية خلال الحرب، فتحت جارتها الباب وجرفت باتجاهها بالمكنسة الزجاج المتناثر في منزلها. وتضيف كارلا «كانت هذه إحدى ردات الفعل خلال الحرب. حين ينكسر شيء ما، نكنسه».ومنذ أيام، يتنقل فريق من منظمة «أطباء بلا حدود» الدولية من منزل إلى آخر لتقديم الدعم النفسي لعائلات منطقة الكرنتينا المتضررة والقريبة من مرفأ بيروت. وتقول مديرة برنامج الصحة النفسية في المنظمة: «نحاول أن نحثهم على التنفيس عن غضبهم والتعبير عن مشاعرهم». وتضيف «حين يتكلمون يقولون لنا إنهم شعروا بالارتياح.. بعد إخراج كل الغضب داخلهم، وكأنهم عبارة عن كوب ممتلئ يفرغ شيئاً فشيئاً من محتواه». ولم يستفق اللبنانيون بعد من هول التفجير، حيث يخيم الحزن عليهم، ولا يتمكن كثر من حبس دموعهم من شدّة التأثر والحزن أثناء تجولهم أو قيادة سياراتهم.عند مدخل حي مار مخايل، يقفز رجل عجوز من مكانه حين يسمع صوتاً ناجماً ببساطة عن مطرقة عامل. يضع رأسه بين يديه ويختبىء خلف سيارة قبل أن يطمئنه أحد المارة بالقول «لا شيء هناك».وتقول تانيا (32 عاماً) من جهتها إنها كانت تتجول في أسواق وسط البلد حين وقع الانفجار. وتضيف الوالدة لطفلين عبر الهاتف «بكيت بشكل متواصل في أول يومين. كنت أسأل نفسي: لماذا تبكين؟ عائلتك بخير». فأجيب «لكن آخرين ماتوا». وتوضح «كأنني كنت أشعر بالذنب لأني ببساطة نجوت بحياتي». لا تتذكر تانيا بوضوح ما حصل حين وقع الانفجار، إلا أنها تحتفظ بكدمات زرقاء على جسدها نتيجة إصابتها. لا تستطيع الشابة اليوم أن تبقى وحدها. وتقول «الصباح يمر بسهولة أكثر، أما خلال الليل فلا أستطيع أبداً البقاء وحدي». تجفل تانيا مع كل صوت مرتفع حتى أنها باتت تخشى الاقتراب من الأبواب والنوافذ. وتقول الشابة التي انتقلت إلى منزل عائلتها في منطقة البقاع في شرق لبنان «حين أفتح النافذة، أخشى أن ينفجر الزجاج في وجهي».أما عمر فتطارده منذ وقوع الانفجار فكرة واحدة مفادها أنه لو كان بقي في منزله لكان مات أو تشوّه. عاد عمر بعد ساعتين على وقوع الانفجار إلى منزله. ويقول الشاب الثلاثيني «طارت السكاكين من مكانها، وانفجرت النوافذ في كل أنحاء المنزل». ويتساءل الشاب الذي فقد شخصين من معارفه في الكارثة، «لا أعرف كيف يمكن لأحد أن يتخطى شيئاً كهذا». ويضيف «نواصل حياتنا، ولكننا نفعل ذلك بطريقة مختلفة». (أ.ف.ب)

مشاركة :