"كناطري" لعبة إلكترونية تونسية متهمة بالتطبيع مع التهريب | آمنة جبران | صحيفة العرب

  • 8/13/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

انقسمت الآراء في تونس بشأن اختيار مصمم لعبة “كناطري” جريمة التهريب بهدف التسلية وذلك عبر تحويل ”المهرّب” إلى شخصية يتقمصها اللاعب ويتماهى معها. تونس - فجرت لعبة إلكترونية سُميت “كناطري” ”knatry” أي “المهرب” جدلا واسعا في تونس بعد أن اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي بعد ساعات قليلة من إطلاقها. وإن احتفى جمهور كبير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بهذه اللعبة باعتبار أنها أول لعبة ذكية على أندرويد بنكهة تونسية صرفة، إلا أن البعض الآخر اتهمها بالتطبيع مع التهريب ومحاكاة الجرائم وتمرير رسائل للشباب تحرضهم ضمنيا على تحدي الدولة وتجاوز القانون. وحسب مصمم اللعبة شوقي لجنف، تتمثل هذه اللعبة في محاكاة لعمليات تهريب نفط عبر المناطق الحدوديّة التونسية، ولمطاردات أمنيّة وعسكرية للمهرّبين في المسالك الحدودية الوعرة. وهي لعبة مجانية بالإمكان تنزيلها من موقع “PlayStore”. وفي نسختها الحالية، تقتصر اللعبة على مسالك مناطق معينة كفريانة وقفصة وجلمة.. وقد قام أكثر من 1000 مستعمل بتحميلها إلى حد الآن. وانقسمت الآراء بشأن اختيار مصمم اللعبة جريمة التهريب بهدف التسلية والتسابق واللعب وذلك عبر تحويل ”المهرّب” إلى شخصية يتقمصها اللاعب (غالبا من فئة الشباب) ويتماهى معها في محيط واقعي، وفيما يقول المدافعون عن اللعبة المعجبون بتطوير تونسي للألعاب الذكية إنها لعبة عفوية لا تحتمل التشكيك والتأويلات بل على العكس تسلط الضوء على عجز الدولة عن معالجة ظاهرة التهريب المستشرية منذ سنوات طويلة، فإن منتقديها يجزمون بأنها تطبيع واضح مع هذه الجريمة واستغلال سيء للتكنولوجيا. ويعد التهريب إحدى المعضلات الأمنية والاقتصادية في تونس، حيث تتواتر الاشتباكات بين الجيش والمهربين في مناطق صحراوية في الجنوب، وتسببت إحداها في مقتل مهرب الآونة الأخيرة واندلاع احتجاجات في ولاية تطاوين. ووضعت تونس منذ 2016 ساترا ترابيا على طول الحدود الشرقية مع ليبيا، بجانب نظام مراقبة إلكتروني بتمويل أميركي وألماني، للحد من تسلل المهربين والمتشددين ومخاطر تسريب الأسلحة من ليبيا. ويرفض مصمم لعبة كناطري هذه الاتهامات والتأويلات الخاطئة التي تحبط برأيه عزم وطموح كل شاب تونسي يريد اقتحام الفضاء الإلكتروني وإضفاء بصمة تونسية في مواجهة الكفاءات الدولية في هذا المجال. ودافع عن منتجه الذي كان نتيجة استثماره لفترة الحجر الصحي، حيث راودته فكرة دخول عالم جديد وهو عالم الألعاب الإلكترونية بالقول في تدوينة نشرها على صفحته على موقع فيسبوك: وعلى الرغم من أن دفاع لجنف عن لعبة كناطري في محله باعتبار أن الشكوك في مشاريع الشباب قد تقوض فرص الإبداع وتزيد من إحباطهم وتحفزهم على الهجرة واستغلال الدول المتقدمة مهاراتهم، إلا أن خبراء رصدت أراءهم الـ”العرب” لا يستبعدون أن تجر مثل هذه الألعاب إلى مخاطر أمنية وتفتح الباب أمام المزيد من الجرائم الحقيقية والواقعية في عالم التهريب والتجارة الموازية. ويشير الخبير الأمني علي الزرمديني إلى أن الفضاء الإلكتروني بات فضاء واسعا للمطالعة أو الألعاب والتسلية غير أن هناك أطرافا مناوئة تسعى من خلاله إلى تثبيت الجريمة خاصة وأنه فضاء يكاد لا يخضع للرقابة. ويضيف الزرمديني لـ”العرب”، “صحيح وقع خلق آليات للرقابة هدفها التصدي للجرائم الإلكترونية إلا أن هذا الفضاء مستهدفها في مختلف الجرائم، والاستقطاب الإلكتروني للتنظيمات المتطرفة خير دليل على ذلك ودليل على سوء تأثير التكنولوجيا على المجتمعات”. ورأى أن “بعض المواقع والألعاب الإلكترونية تساعد على تطوير العمل الإجرامي من خلال محاكاة الجرائم وتمرير الأساليب وخطط التعامل مع وضعيات معينة أو كيفية التصدي لأجهزة الأمن”. ويعتقد أن المواقع الإلكترونية معرضة للجريمة سواء بشكل مقصود أو غير مقصود، لافتا إلى أن “هذا النوع من الجرائم موجود في القانون، وينطلق عفويا لكن يقع التقاطه من قبل الشبكات الإجرامية لتعمد إلى الاستفادة منه ومن ثمة يخدم الفضاء الإلكتروني مصالح هؤلاء”. ويستنج أن لعبة كناطري قد تشجع ضمنيا على التهريب وتفتح المجالات لتطبيق هذه الجريمة في الواقع المادي الملموس. مصمم لعبة كناطري يرفض التأويلات التي تحبط برأيه عزم كل شاب تونسي يريد اقتحام الفضاء الإلكتروني مصمم لعبة كناطري يرفض التأويلات التي تحبط برأيه عزم كل شاب تونسي يريد اقتحام الفضاء الإلكتروني ولا يستبعد بعض خبراء الاجتماع هذه الفرضية، ومرد ذلك رغبة جامحة لدى الشباب في خوض المغامرة، إذ بإمكان لعبة إلكترونية أن تحفزهم نفسيا على اقتحام عالم الجريمة حيث لا حدود أمنية وقانونية في العالم الافتراضي. وحسب المختص في علم الاجتماع ممدوح عزالدين فإن مسألة الترويج للجرائم وتصوير المجرم على أنه “بطل” تناولتها الأعمال السينمائية مثل أفلام هوليوود، ومع انتشار مواقع التواصل وإدمان الإنترنت، رسخت الألعاب الإلكترونية هذه الظاهرة والهدف من ورائها ربحي بالأساس. وأوضح عزالدين لـ”العرب”، “الشباب مثلا في فترة المراهقة لديهم الرغبة في المغامرة والمخاطرة ضد إشكال السلطة سواء سلطة الأسرة أو المدرسة أو الدولة، خاصة مؤسسات المراقبة والضغط، وهذه الرغبة تتحقق عبر الألعاب الإلكترونية وتسمح لهم بخوض هذه التجربة”. ويلفت إلى أن الشركات الإلكترونية تستثمر هذه الألعاب لتحقيق الأرباح خاصة مع استشراء ظاهرة الإدمان على الإنترنت. وتونس إحدى الدول التي يقضي شبابها أكثر من عشر ساعات يوميا أمام الكمبيوترات وشبكات التواصل الاجتماعي. ويرى عزالدين إن الإدمان تحول من ظاهرة إلى “ثقافة” ويسهل بذلك على صناع الألعاب الإلكترونية جذب فئة الشباب إليها. ويبلغ عدد مستخدمي فيسبوك في تونس أكثر من 7 ملايين. ويضيف عزالدين أن هذه الألعاب تجد رواجا كبيرا لدى فئة الشباب لما تحمله من نسبة كبيرة من المخاطرة والتحدي والمغامرة التي يسعى إليها المراهق، خاصة تحدي كل أشكال وأنواع السلطة. ويحذر من الآثار الجانبية للألعاب الإلكترونية حيث ترسخ ضمنيا ثقافة تجاوز القانون وتشجع على تحدي سلطة الدولة وتشجع على العنف والسلوك غير المنضبط والانتحار، مستحضرا حوادث انتحار أطفال نتيجة إدمانهم الألعاب الإلكترونية مثل لعبة “الحوت الأزرق” وغيرها. وعلى الرغم من المخاطر والتحديات التي تحيط بالعالم الإلكتروني، يؤكد عزالدين أنه يصعب التخلص اليوم من هذه الثقافة، وأمام سطوة الواقع الافتراضي يرى أن الحل في التقليص من الجرائم الإلكترونية هو التوعية عبر وسائل الإعلام ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، وخاصة دور الأسرة في حماية أفرادها وتوعية الشباب بقيمة ذواتهم التي يهرعون لمواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عنها.

مشاركة :