مصدر الصورةGetty Images ناقشت صحف عربية احتمالات نشوب مواجهة بين اليونان وتركيا بعد أن أرسلت الأخيرة سفينة أبحاث للمسح الزلزالي في المنطقة المتنازع عليها شرقي البحر المتوسط، في خطوة دفعت اليونان إلى رفع حالة التأهب. وتتحدى مهمة السفينة التركية اتفاقية يونانية-مصرية أُبرمت للتنقيب عن الغاز. وانتقد محللون موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يريد أن "يملي إرادته"، بينما حذر آخرون من مواجهة عسكرية وشيكة بين الطرفين."مواجهة مسلحة وشيكة" أشار علي الصراف في صحيفة العرب اللندنية إلى أن أردوغان "اختار المواجهة. فبإعلانه وقف التفاوض مع اليونان، واستئناف أعمال التنقيب في شرق المتوسط، بل وبإطلاقه مناورات عسكرية في المناطق المتنازع عليها بين أنقرة وأثينا، يكون الرئيس التركي قد اختار لنفسه ساعة الصفر". وحذر الكاتب: "لئن كانت المواجهة المسلحة وشيكة بين الطرفين الشهر الماضي، فإن احتمالات انفجارها تبدو الآن أكثر احتمالا من أي وقت سبق"، مضيفاً أن "أردوغان أراد أن يملي إرادته بمعزل عن التفاوض مع الجوار، وأقحم نفسه في مأزق بعد أن جعل من الاتفاق بين اليونان ومصر عقدة أخرى للمواجهة. فهو أنكر على هذين البلدين حقهما في أن تكون لهما مناطق اقتصادية خاصة بهما في المتوسط، واندفع ليستعرض عضلاته في البحر، ليقول للجميع إنه جاهز لخوض المعركة". اليونان ترفع حالة التأهب بعد إرسال تركيا سفينة "أبحاث" شرق المتوسط وقال خورشيد دلي في بوابة العين الإخبارية الإماراتية: "لعل ما يدفع إلى الاعتقاد بوقوع مثل هذا الصدام، هو الاستراتيجية الهجومية التي يتبعها أردوغان، وهي استراتيجية تشعل المزيد من النيران بالخلافات التاريخية بين البلدين". وأضاف الكاتب: "أردوغان الذي وتّر الأجواء في المتوسط وإيجه، استفاد من تراخي أوروبا وانقساماتها حتى الآن، وهو في تصعيده مع اليونان بحثا عن أحلامه وطموحاته العثمانية، يرصد الموقف الأمريكي قبل الأوروبي، وهو في قرارة نفسه يدرك أن حسابات أمريكا من الصدام التركي-اليوناني الأوروبي تتجاوز البُعد الثنائي في علاقة عضوين في الحلف الأطلسي إلى الاستفادة الروسية من هذا الصراع". وتابع "... وعليه يصعّد تارة عبر إرسال السفن إلى الجزر اليونانية وانتهاك سيادتها على هذه الجزر، وتارة أخرى يدعو إلى الحوار من أجل الوصول إلى توافق بشأن المصالح الإقليمية بحثا عن نفوذ ودور، وهو في حركته المكشوفة هذه، قد يلجأ إلى الاختبار بالقوة لمعرفة الموقف الأوروبي من الصراع مع اليونان، حيث يرى أن الموقف الأوروبي وكذلك الأمريكي سيكونان المقياس لتطور الموقف التركي تصعيدا أو تفاوضا، لكن الثابت أن الاختبار التركي هذا، قد يكون مدخلا لشرارة مواجهة جديدة مع اليونان لا يعرف أحد كيف ستنتهي إن بدأت". محمد خروب في صحيفة الرأي الأردنية انتقد موقف المجتمع الدولي من الصراع، إذ قال: "حلف الأطلسي مشلول بقرار أمريكي، ولا يتدخّل (سوى بالتصريحات غير الفاعلة) الأمر الذي يتجلّى في الطلب اليوناني من مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي عقد اجتماع طارئ لمناقشة استفزاز تركيا المُتصاعد وأخطائها. وأضاف الكاتب: "ليس للاتحاد الأوروبي مخالب سوى التلويح بفرض عقوبات على تركيا، ولهذا لن تكون لقراراته الأهمية والتأثير اللذيْن بمقدور الناتو إحداثهما في الصراع بين عدوين لدودين تاريخيين (رغم عضويتهما الأطلسية)، والذي لا يمكن فصله عن إرث دموي قديم منذ ما قبل سقوط القسطنطينية (اسطنبول لاحقا) في يد الغُزاة العثمانيين وصولاً إلى انهيار الإمبراطورية العثمانية نفسها وتداعيات التصفيات الدموية المتبادَلة". تحركات تركيا الأخيرة للتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط "قد تشعل بؤرة توتر جديدة"تركيا "الطرف الرابح"مصدر الصورةGetty ImagesImage caption الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس أثناء زيارة أردوغان لأثينا في ديسمبر/كانون الأول 2017 من ناحية أخرى تبنّت صحيفة القدس العربي اللندنية موقفا مؤيدا لتركيا، إذ قالت في افتتاحيتها: "بعد 12 جولة فنية من المفاوضات وقّعت حكومتا مصر واليونان اتفاقا لترسيم الحدود بينهما في البحر المتوسط، وكان واضحا تماما أنّ دافع الترسيم المذكور هو الضغط على تركيا بعد إقامتها اتفاقية بحريّة مع الحكومة الشرعيّة الليبية في طرابلس، وهو ما دفع أنقرة لاعتبار الاتفاقية المذكورة بلا قيمة وكأنها لم تكن، وذلك، لأنه لا حدود بحرية بين اليونان ومصر". وأضافت الصحيفة: "الدليل على أن الأمر لا يتعلّق بحدود بحريّة فعلا بل إلى فقه النكاية هو الطريقة التي أعلن النظام المصري فيها عن هذه الاتفاقية لا باعتبارها عملا يحفظ حقوق مصر البحرية بل بكونها تنهي الأطماع التركية في منطقة شرق المتوسط، وتوجه صفعة قوية لأردوغان وتبطل اتفاق أنقرة مع حكومة السراج في ليبيا، والفعل، بهذا المعنى، لا يتعلّق بمصالح مصر بقدر ما يتعلق بالإضرار بمصالح تركيا من جهة، والانتصار لغريمتها التاريخية، اليونان، من جهة ثانية". في سياقٍ متصل، نقل موقع ترك برس الناطق بالعربية عن الدكتور حسين باغجي، عضو هيئة التدريس في قسم العلاقات الدولية بجامعة الشرق الأوسط التقنية بأنقرة، قوله إن "أنقرة تمتلك ميزات عسكرية ودبلوماسية، تجعل منها الطرف الرابح في أي مفاوضات أو توترات شرقي المتوسط". وأكد باغجي أن "التوتر بين تركيا واليونان لا يتوقع منه البتة حدوث صراع عسكري بين البلدين". وأضاف "الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم ولن يتبنّيا موقفا مناهضا لتركيا، رغم جميع الجهود التي تبذلها اليونان من أجل تشكيل محور معادٍ لتركيا في الغرب".
مشاركة :