فرنسا تتحرك عسكريا لمنع تركيا من فرض أمر واقع شرق المتوسط | | صحيفة العرب

  • 8/14/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

باريس - حول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المواجهة السياسية مع فرنسا حول عدد من القضايا الإستراتيجية إلى صراع شخصي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واتهمه باعتماد الأسلوب الاستعراضي على خلفية تصعيد فرنسي ملحوظ يهدف إلى منع تركيا من فرض أمر واقع في شرق المتوسط. وأعلن الرئيس التركي الخميس أن لنظيره الفرنسي “أهدافا استعمارية” في لبنان ووصف زيارته الأخيرة لبيروت بـ”الاستعراضية”. وأضاف في خطاب في أنقرة “ما يريده ماكرون وفريقه هو عودة النظام الاستعماري إلى لبنان”. وتابع “أما نحن فلا يهمنا التهافت لتلتقط لنا صور أو لنقوم باستعراض أمام الكاميرات”. وكان التشدد الفرنسي واضحا في كبح شهية تركية مفتوحة للسيطرة على منطقة شرق المتوسط بدأتها أنقرة باتفاقية ترسيم حدود بحرية مع حكومة الوفاق الليبية ثم تدخل عسكري قلب معطيات الحرب الأهلية في ليبيا وتصعيد مع قبرص ثم اليونان حول الاستكشاف في الجرف القاري، وصولا إلى الانطلاق في منافسة مفتوحة مع فرنسا فيمن يكون القوة الحاضرة في لبنان بعد انفجار بيروت. وقالت وزارة القوات المسلحة الفرنسية الخميس إن فرنسا ستنشر طائرتين مقاتلتين من طراز رافال والفرقاطة لافايت بشرق البحر المتوسط في إطار خطة لدعم وجودها العسكري في المنطقة. ويقول مراقبون إن هذه رسالة فرنسية واضحة لتركيا تستكمل الرسالة التي وجهتها لها في ليبيا وتشير إلى فهم ماكرون للتلميح التركي في لبنان والتصعيد مع اليونان. وفي حين تبدو الطائرتان المقاتلتان عددا محدودا لتنفيذ مهمة عسكرية ضد تركيا إلا أن ذلك إشارة إلى سرعة التحرك في المنطقة إلى حين وصول طائرات أخرى. وقالت مصادر عسكرية يونانية إن الفرقاطة والطائرتين وصلت كريت الخميس ونفذت مناورات مشتركة مع قوات يونانية. وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس على تويتر باللغة الفرنسية بعد الاتصال بماكرون “إيمانويل ماكرون صديق حقيقي لليونان ومدافع متحمس عن القيم الأوروبية والقانون الدولي”. وساهم اكتشاف حقول غاز ضخمة خلال السنوات الماضية في شرق المتوسط في تعزيز طموحات الدول المطلة على المنطقة كاليونان وقبرص وتركيا ومصر وإسرائيل. وتدهور الوضع بعد أن نشرت تركيا الاثنين سفينة لإجراء عمليات تنقيب عن المحروقات في منطقة متنازع عليها في شرق المتوسط وغنية بالغاز الطبيعي، تواكبها قطع حربية. كما تنشر البحرية اليونانية سفنا في المنطقة لمراقبة النشاطات التركية. وارتفع منسوب التوتر في الأيام الماضية في منطقة شرق المتوسط بعد أن اتهمت أثينا أنقرة بالقيام بالتنقيب عن مصادر الطاقة في مياهها الإقليمية بصورة غير مشروعة. وقال أستاذ العلاقات الدولية كونستانتينوس فيليس إن “هذا التوتر يمكن أن يتحول بسهولة إلى أخطر أزمة بين اليونان وتركيا منذ ما يقرب من 25 عامًا”. كونستانتينوس فيليس: التوتر قد يتحول إلى أخطر أزمة بين اليونان وتركيا منذ 25 عاما كونستانتينوس فيليس: التوتر قد يتحول إلى أخطر أزمة بين اليونان وتركيا منذ 25 عاما وأضاف في تصريحات لصحيفة الغارديان “ببساطة غير قانوني إجراء أبحاث زلزالية في المياه التي لم يتم تحديدها بموجب اتفاق أو حكم صادر عن محكمة دولية”. في المقابل، قال أردوغان الخميس “ادعاء سيادة بحرية من خلال استخدام جزيرة ميس (كاستيلوريزو باليونانية) الواقعة على بعد كيلومترين من السواحل التركية و580 كلم من اليونان لا يمكن تفسيره منطقيا”. وفي نوفمبر الماضي وقعت أنقرة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق (يهيمن عليها الإسلاميون) التي لا تسيطر على المنطقة البحرية المعنية التي تتبع إقليم برقة الواقع تحت سيطرة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، في محاولة لفرض أمر واقع في منطقة شرق المتوسط وهي الخطوة التي قوبلت برفض دولي واسع، في ما وصفت داخل ليبيا بغير القانونية باعتبارها لم تمر على البرلمان. والأسبوع الماضي وقّعت مصر واليونان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وهي الخطوة التي تلغي الاتفاقية البحرية بين تركيا وحكومة طرابلس. ومثلت الخطوة صفعة لأنقرة التي حاولت مرارا إقناع القاهرة بالموافقة على الاتفاقية البحرية الموقعة مع حكومة الإسلاميين في طرابلس من خلال إغرائها بالمكاسب التي ستتحصل عليها، لكن القاهرة رفضت أي تقارب معها. ويروج الإعلام التركي والقطري إلى أن الشماتة والنكاية هما ما حرك السياسة المصرية قبل التوقيع على الاتفاقية مع اليونان بعيدا عن المصالح، في حين يعزو الخبراء الموقف المصري إلى اقتناع القاهرة بأن القانون الدولي في صف الرؤية اليونانية وليس التركية. ونقلت وكالة الأناضول التركية عن الخبير الأمني التركي مراد أصلان أن توقيع مصر على الاتفاقية أفقدها الكثير من حقوقها وسيادتها في شرق المتوسط، موضحا أنها حصلت على أقل من ثلث المنطقة الاقتصادية الخالصة التي كان يجب أن تخضع لسيادتها. ويحذر مراقبون من إمكانية أن يكون التصعيد التركي شرق المتوسط يهدف إلى إلهاء المجتمع الدولي وفرنسا تحديدا للانقضاض على مدينة سرت الليبية التي تحشد لها تركيا منذ أشهر بالسلاح والمرتزقة السوريين. ويدرك مراقبون أن حديث أردوغان عن حل الأزمة شرق المتوسط عن طريق الحوار ليس سوى مناورة باعتبار أن الحوار من المفترض أن يجري مع فرنسا واليونان المعنيتين بالأمر وليس مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي. وأعلن أردوغان الخميس أنه سيتحاور مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال لتهدئة التوتر في شرق المتوسط. وأكد أن “الحل في شرق المتوسط يمر عبر الحوار والمفاوضات”، مضيفا أن أنقرة “لن تسمح لأي بلد بالتعدي على حقوقها”.

مشاركة :