اتحاد الشغل يتحرك لمنع اصطفاف تونس خلف تركيا في ليبيا | خالد هدوي | صحيفة العرب

  • 6/2/2020
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

فاقم اصطفاف حركة النهضة الإسلامية خلف الأجندات التركية في ليبيا قلق أكبر منظمة عمالية في تونس، ما دفعها إلى دعوة رئيس الجمهورية قيس سعيّد، باعتباره المسؤول عن سياسة البلاد الخارجية، إلى تقديم مبادرة تشريعية تمنع أيّ طرف سياسي من جرّ تونس إلى الاصطفاف خلف المحاور والتدخل في شؤون الدول الشقيقة. تونس – يعزز انخراط الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) الضغوط التي تمارسها الأحزاب التونسية رفضا لسياسة الاصطفاف خلف الأجندات الإقليمية التي تترجمها اتصالات رئيس حركة النهضة الإسلامية والبرلمان التونسي راشد الغنوشي برئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج وتهنئته باستعادة ميليشياته المدعومة تركيّا لقاعدة الوطية. ودعا اتحاد الشغل رئيس الجمهورية قيس سعيّد والأحزاب الوطنية إلى “تقديم مبادرة قانونية تمنع أيّ طرف مهما كان موقعه وقوّته من جرّ تونس إلى الاصطفاف وراء الأحلاف والتي تصبّ جميعها ضدّ مصلحة تونس وضدّ مصلحة أشقّائنا في ليبيا وشعوبنا في المنطقة العربية”. وطالب المكتب التنفيذي للاتحاد “السلطات التونسية وخصوصا رئيس الجمهورية المخوّل دستوريا للتعبير عن الموقف الوطني، باتّخاذ كلّ الإجراءات الأمنية والحمائية والسيادية لحماية الحدود ومنع تنقّل الإرهابيين من ليبيا وإليها وعدم تكرار التجربة الإجرامية للتسفير التي أودت بالآلاف من الشباب إلى محارق الموت والإرهاب”، مشددا على “رفضه أيّ تدخّل أجنبي في ليبيا”. وأبرز المكتب في بيان موقع من قبل أمينه العام نورالدين الطبوبي أن المنظمة ستتجنّد مع كلّ القوى الوطنية للتصدّي بكلّ الأشكال لاستخدام تراب تونس منطلقا للتدخل الأميركي أو التركي أو غيره في ليبيا، مبرزا أن الاتحاد سيسخّر كلّ قواه بكل “أشكال الضغط لمنع جرّ تونس إلى مستنقع المحاور ومطالبة السلطات بمختلف مستوياتها واختصاصاتها بالالتزام بموقف رفض الاصطفاف والنأي بالبلاد عن التورّط في تدمير ليبيا وتقتيل شعبها”. وتمثل مبادرة اتحاد الشغل خطوة ذات ثقل هام إذ لعبت المنظمة في وقت سابق دورا كبيرا في توجبه بوصلة عدة ملفات سياسية داخلية وخارجية. الصحبي بن فرج: مبادرة الاتحاد رسالة سياسية مباشرة لحركة النهضة الصحبي بن فرج: مبادرة الاتحاد رسالة سياسية مباشرة لحركة النهضة واعتبر المحلل السياسي الصحبي بن فرج في تصريح لـ”العرب”، أن “مبادرة الاتحاد منطقية جدا باعتبار أن الظرف يفرض الانكباب على معالجة مشاكل تونس وسط التعقيدات الإقليمية”. وأكد بن فرج أن المبادرة تضمنت رسائل سياسية مباشرة لحركة النهضة الإسلامية، مضيفا “اتحاد الشغل يوجه أصابع الاتهام مباشرة لحركة النهضة ويحذر من الاصطفاف خلف المحاور”. وتساءل المحلل السياسي عمّا إذا كانت المبادرة التي تندرج ضمن أخلاقيات العمل السياسي، تسمح بمنع الأحزاب فعليا وعلى أرض الواقع من الاصطفاف مباشرة أو بصفة غير مباشرة مع القوى الإقليمية وأجنداتها في ليبيا والمتوسط. ويعدّ الاصطفاف خلف المحاور مسّا من الأمن القومي التونسي بعد التدخّل المباشر لعدد من الدول (أبرزها تركيا)، ونقل الآلاف من المقاتلين والمرتزقة الذين تكبّدوا هزائم شنيعة في سوريا بهدف تحويل المواجهة بمحاورها المختلفة من الجبهة السورية إلى الجبهة الليبية ومنها إلى جبهات أخرى في أفريقيا والمتوسط، علاوة على تقاسم مواقع النفوذ واستغلال الثروات كالنفط والغاز واليورانيوم. وسينعكس هذا الوضع الليبي المأزوم بالضرورة على تونس ليشكّل تهديدا مباشرا لها على جميع المستويات السيادية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وسيزعزع الاستقرار النسبي لبلد يتخبط داخليا في صراعات بين أطراف السلطة والقرار. وتنظر القوى السياسية والشعبية في تونس بكثير من التوجّس لتحركات رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي غير المعلنة وعلاقاته الخارجية الغامضة والمخالفة للسياسة الرسمية للبلاد، وهو ما خلّف تساؤلات حول أهدافها، ومدى ارتباطها بالمجريات العسكرية في ليبيا. وأثارت تحركات الغنوشي في الملف الليبي الشائك مؤخرا، غضبا سياسيا واسعا في تونس، واعتبرها البعض تدخلا صارخا في صلاحيات رئاسة الجمهورية، حيث يعتبر الغنوشي نفسه صاحب القرار الفعلي في البلاد. وسبق أن طالبت أحزاب تونسية رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد بالرد على ما ورد من مواقف راشد الغنوشي، وهي مواقف تصب في خانة الاتهامات الموجهة لتونس بتقديم الدعم اللوجستي لتركيا في عدوانها على ليبيا. رفض سياسي تونسي لاصطفاف الغنوشي وراء محور تركيا قطر في ليبيا رفض سياسي تونسي لاصطفاف الغنوشي وراء محور تركيا قطر في ليبيا ولفتت القوى السياسية إلى أن تونس وشعبها لن يكونا طرفًا في النزاع الليبي ولا ممرًا لأي تدخل خارجي، وأن مواقف رئيس حركة النهضة تمثله وجماعته ولا تمثل تونس وشعبها، مجددة الدعوة إلى الشعب الليبي للوحدة والمصالحة لدحر الإرهاب والاحتلال التركي. وتعرف تونس منذ بناء دولة الاستقلال بتوازن المواقف الدبلوماسية وعدم الانجرار لسياسة المحاور والاصطفاف، لكن منذ وصول الإسلاميين إلى الحكم ممثلين في حركة النهضة، تسود مخاوف من انزلاق تونس إلى سياسة المحاور مع دفع تركي قطري لإقحام البلاد في هذا الخندق ضمن أجندة التوسع والنفوذ الإقليمي وإسناد المشروع الإخواني في المنطقة. وفاقم بيان قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) الذي كشفت فيه نيتها استخدام الأراضي التونسية لمواجهة الغريم الروسي على الأراضي الليبية، المخاوف من تحول البلاد إلى ساحة للاقتتال بالوكالة بين اللاعبين الدوليين على المسرح الليبي. ويشير مراقبون إلى أن استغلال أي طرف أجنبي للأراضي التونسية لشن هجوم داخل ليبيا له تداعيات أمنية واقتصادية واجتماعية لا يمكن التكهن بنتائجها. وزاد ارتباك الجانب التونسي مع عدم إصدار توضيحات أو موقف بشأن بيان أفريكوم من غموض الأجندة الرسمية التونسية تجاه ما يقع في ليبيا رغم تأكيده مرارا على أنه يرفض أي تدخل عسكري وينتهج سياسة الحياد تجاه طرفي النزاع. وتدعم تونس حلّا ليبيّا – ليبيّا للأزمة وتقود مشاورات مع دول المنطقة خاصة الجزائر لتقديم مبادرة تسوية سياسية بين الفرقاء، لكن غموض حدود تنسيقها الإقليمي يثير الكثير من التساؤلات.

مشاركة :